أثار مسلسل لام شمسية»، حالة من التفاعل الكبير بين المشاهدين، بعد أن أعاد إلى الشاشة دراما توعوية تلامس قضايا اجتماعية حساسة طال تجاهلها، وعلى رأسها قضية التحرش بالأطفال، المسلسل لم يكتف بطرح المشكلة، بل قلب الموازين بتقديم الضحية بصورة البطل، مانحًا المتضررين وأسرهم جُرأة غير مسبوقة فى الحديث والإفصاح عن معاناتهم، بدلًا من الانسحاب تحت وطأة الخوف والوصمة المجتمعية..العمل أحدث صدى واسعًا ليس فقط على المستوى الفنى، بل الاجتماعى أيضًا، حيث شَجَّع ضحايا التحرش وأولياء أمورهم على كسر حاجز الصمت، فى خطوة تسهم بدورها فى دعم جهود الدولة المصرية الحديثة فى ملاحقة المجرمين وتقديمهم للعدالة.. وفى هذا التحقيق، نستعرض آراء عدد من الخبراء حول تأثير العمل الفنى «لام شمسية»، وكيف نجح فى تحقيق التوازن بين الوعى المجتمعى والجودة الفنية، ليصبح أحد أبرز الأعمال الدرامية التى أثرت فى وجدان المشاهد المصرى. أكد المخرج محمد فاضل، أن الدراما التليفزيونية نجحت فى تقديم رسالتها، و»لام شمسية» أكبر دليل، هذه القضية تحديدًا لم يكن أحد يقترب منها سابقًا، أعتقد أن للمسلسل دورًا فى جُرأة المجتمع لكشف هذه القضايا ومواجهتها بدلًا من السكوت عنها، لأن معظم هذه القضايا ليست جديدة، لكن تم الكشف عنها أكثر بعد عرض المسلسل، خاصة أنه تم تقديمه بشكل علمى محترم ولم يعرض بطريقة فجة أو مباشرة. اقرأ أيضًا | كريم الشناوي عن ارتداء الطفل ياسين قناع «سبايدر مان»: فكرة فوق الخيال مهمة الدراما وقال المخرج أحمد صقر: أريد توجيه التحية لكل صُناع المسلسل، فالعمل قَدَّم القضية ومعها الحلول أيضًا، وهذا فى الأساس مهمة الدراما أن تدق ناقوس الخطر، وهو ما قام به صُناع المسلسل من خلال إحياء الأمر، والقضية بقيمة فنية متميزة للغاية ساهمت فى تناولها ومعالجتها بشكل رائع. أعطى الجُرأة المخرج وائل إحسان قال إن مسلسل «لام شمسية» لعب دورًا مهمًا فى منح عائلات الضحايا، الجُرأة فى مواجهة الواقع، مشيرًا إلى أن هذا هو الدور الحقيقى للدراما؛ أن تطرح تساؤلات وتلفت النظر إلى قضايا مجتمعية تستحق التأمل والاهتمام، وأضاف أن العمل نجح بشكل كبير فى تحقيق هذا الهدف، وظهر من خلاله أن المخرج أحب الفكرة وبذل جهدًا واضحًا ليخرجها بهذا الشكل الراقي.. وأوضح إحسان، أن الفضل الأكبر فى نجاح القصة يعود إلى المخرج، الذى تمكن من إيصال الرسالة بوضوح ووعى، وتوقف عند نقطة حساسة وهى اختيار طفل كبطل للعمل، مؤكدًا أن هذا القرار يعكس احترافية فريق العمل بأكمله، حيث تم اتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة، بما فى ذلك المتابعة النفسية للطفل من قِبل أطباء متخصصين أثناء التصوير، وهو ما اعتبره «أمرًا رائعًا» يعكس وعيًا عميقًا بخصوصية القضية. حنكة عالية وأضافت د.شيرين عامر، الخبيرة السلوكية وطب الأسرة، أن «لام شمسية» جريء جدًا وتم تقديمه بحنكة عالية، وأجمل ما فيه الاستعانة بخبراء نفسيين للمتابعة مع الطفل بطل العمل، والمسلسل لم يقدم مشاهد عنيفة وجعل الجميع يتعاطف مع الطفل بقوة، مما جعل الجمهور متعطشًا لأن ينال هؤلاء الضحايا حقوقهم كاملة، ولكن فى الوقت نفسه يجب ألا يندفع الجمهور حتى لا يُظلم الطرف الآخر.. وأنا شخصيًا عرض فى عيادتى حالات تحرش بالأطفال فى المدارس، وداخل العائلة أيضًا سواء من العم أو زوج الأم أو الجد أو حتى الأب نفسه إذا كان غير سوى، فبالتأكيد المسلسل قدم جُرأة، وفريق العمل على دراية بأهمية القضية وكشف كيفية المواجهة والحصول على الحقوق بدلًا من الخوف من المجتمع.. وأن الأمر ليس وصمة عار بل حق يجب رده، ومن يُواجه ذلك هو البطل الحقيقى ويحمل شرف رد الحق. توعية واضحة وأوضحت د.سامية خضر، خبيرة علم الاجتماع، أن هذه القضية تحدث فى كل دول العالم، على الرغم من وجود الانفتاح والحرية لديهم، لكن نحن لدينا الدين والأدب والأخلاق، ولا نحب الخوض فى هذه الموضوعات، ومع ذلك، فهى فرصة لكى نقول للعائلة، وللأم بشكل خاص، أن تكون يقظة ولا تترك أولادها مع غرباء، وأنا دائمًا أقول إن الأم إذا أنجبت طفلًا، فهى أولًا وأخيرًا المسئولة عنه، وطرح القضية فى «لام شمسية» قَدَّم توعية واضحة للأم بألا تترك أبناءها بمفردهم مع غرباء. الشرارة الأولى أوضح د.محمد عبد الرازق، خبير علم النفس والاجتماع، أن للإعلام والدراما دورًا مهمًا فى تحفيز المجتمع على التعامل بجُرأة أكبر مع قضايا التحرش، خصوصًا عندما تكون الضحية طفلًا لا يملك وسيلة للدفاع عن نفسه، وأضاف أن تسليط الضوء على هذه القضايا يمنح الأهالى والضحايا، الشجاعة لكسر الصمت دون خوف من وصمة العار، مشيرًا إلى أن الأمر يشبه ما حدث مع قضايا التحرش بالشوارع، حين بدأت الجمعيات النسوية بكسر حاجز الصمت، فكانت تلك «الشرارة الأولى» التى دفعت المجتمع إلى التعامل مع الضحايا باعتبارهم ضحايا حقيقيين لا يستحقون الإدانة.