السيدات والسادة الكرام قراء اللواء الإسلامى، وكل الشعب المصري العظيم، وأبناء الأمتين العربية والإسلامية، أهلا ومرحبا بكم فى رحلة جديدة مع القرآن الكريم، من خلال الجزء الخامس منه، إذ نصطاد منه بعض اللآلئ، وعجائب الهداية الإلهية، ونستقى منه القيم السامية. إن الفهمَ السديد والتأويل الصحيح لكتاب الله عز وجل أساسُ التفقه فى الدين، وتعلم الشرع الحكيم، ومقاصده الكريمة، وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يدعو لسيدنا عبد الله بن عباس -رضي الله تعالى- عنه قائلاً: «اللَّهُمَّ فقِّهْهُ فى الدِّينِ وعَلِّمْهُ التَأْوِيلَ». وإلى بعض هذه القيم والمعاني القرآنية فى هذا الجزء: القيمة الأولى، نأخذها من قول الله تعالى: «وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللّهُ بهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلْنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ» (النساء: 32) القيمة هنا: إياكم أن تتحرك النفوس بالحقد على صاحب نعمة، إياك أن ترى إنساناً أمامك قد أعطاه الله نعمة فتتحرك نفسك بالحقد عليه، وتظن أن الله آثره عليك أو فضله عليك؛ الله تعالى لم يفضل أحداً على أحد بشكل مطلق، بل قال: «وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ»، أي أن لكل فرد فيكم نعمة أودعها الله فى قلبه، فلا تركز على نعمة الآخرين وتنسى نعم الله عليك. ولا بد أن نتعامل بهذه القيمة أيضا مع الميراث؛ فسورة النساء فصلت أحكام الميراث تفصيلا حكيما، وهناك حالات كثيرة تكون فيها المرأة ترث مثل الرجل أو أكثر من الرجل، وفى حالات نادرة لا يرث الرجل أو المرأة؛ إذن، لا تكون المقارنة حصرية كما يعتقد البعض، ولا ينبغي الاستجابة لدوافع الحسد والحقد، وعدم الرضا فى هذا التقسيم. القيمة الثانية من هذا الجزء، نجدها فى قول الله تعالى: «وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقًا بَيْنَهُمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا» (النساء:35) حيث تتحدث هذه الآية تتحدث عن الأسر التي تمر بمشاكل، مثل الخلافات الزوجية، إذا كان هناك شقاق بين الزوجين؛ يجب أن نتدخل بحكمة لإصلاح الأمر، وذلك عن طريق إرسال شخص حكيم من أسرة كل طرف ليحاول إصلاح الوضع. القيمة الثالثة، نجدها فى قول الله تعالى: «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا» (النساء: 58)، هذه الآية تدعونا إلى الأمانة فى أداء الحقوق، سواء كانت مادية أو معنوية، وعدم الخيانة أو التفريط فى الأمانات. الأمانة تعني الوفاء بالوعد وحفظ حقوق الآخرين. القيمة الرابعة، نأخذها مي قوله تعالى: «وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا»(النساء: 86)، هذه الآية تدعونا إلى رد التحية بأحسن منها، أي أن نكون كرماء ونبادل الآخرين بلطف وحسن معاملة، سواء كان فى أقوالنا أو أفعالنا. القيمة الخامسة، فى قول الله تعالى: «لَا خَيْرَ فى كَثِيرٍ مِّنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنِ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ» (النساء: 114)، إذ نتعلم منها أنه يجب أن نسعى للخير، سواء كان صدقة أو معروفًا أو إصلاحًا بين الناس، لأن ذلك من مفاتيح التوفيق. وإلى لقاء يتجدد...