رغم الهزيمة العسكرية التى منى بها «تنظيم داعش» فى معاقله التقليدية بالموصل العراقية عام 2017، والباغوز السورية عام 2019، على يد قوات التحالف الدولى بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية، فإن التنظيم لم ينته، حتى وإن فقد سيطرته المكانية على الجغرافيتين السورية والعراقية، إذ تحول من «استراتيجية التمكين » التى اعتمدها سابقا، إلى استراتيجية جديدة تعرف ب «استراتيجية فترات عدم التمكين»، التى تتيح له التكيف مع المتغيرات الميدانية، والسياسية عبر توزيع قواته، واستغلال الفراغات الأمنية لشن هجمات خاطفة ومؤثرة، بما يضمن له ديمومة نشاطه، وبناء قدراته المادية والبشرية مجددا. وهنا يلح علينا سؤال، أين يقف «تنظيم داعش» اليوم؟ بعد مرور عقد من الزمن عليه، وما الذى تبقى من أيديولوجيته وطموحاته المكانية؟ وكتاب ((داعش بعد عقد. إلى أين يتجه التنظيم؟)) -الصادر عن المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية- يضم تسع دراسات متعمقة وشاملة عن تنظيم «داعش» أحد أكثر التنظيمات الإرهابية إثارة للجدل فى العصر الحديث، الدراسات تلك ترصد الجوانب المهمة من التغيرات التى شهدها «التنظيم» منذ ظهوره، وحتى اليوم، ورؤية شاملة عن مستقبله، فهل هو تنظيم فى طور الانحسار؟ أم أنه بصدد التكيف مع الظروف الجديدة ليظهر بصورة أكثر خطورة؟ وهل يمكن القضاء عليه من خلال العمليات العسكرية فقط؟ يقدم كتاب ((داعش بعد عقد. إلى أين يتجه التنظيم؟)) رؤية للإجابة عن مثل تلك الأسئلة السابقة بمحاولة فهم «داعش» كظاهرة تعكس أزمات متعددة فى العالم العربى، والإسلامى، بل والعالم بأسره، ففهم «داعش» اليوم يعد خطوة ضرورية نحو بناء استراتيجيات فعالة لمواجهة التطرف بكل أشكاله. وفى النهاية الكتاب دراسة متعمقة وشاملة عن تنظيم «داعش» أحد أكثر التنظيمات الإرهابية إثارة للجدل فى العصر الحديث، والذى انشق عن «القاعدة» قبل عقد من الزمان، وبدا متعملقا بوحشيته فى القتل، وقطع الرؤوس، وبسيطرته السريعة على مساحات من الأراضى فى العراقوسوريا بالتفجيرات، والترويع، والدمج بين الأساليب التقليدية للحروب، والهجمات الإرهابية المتوحشة المتعطشة للدم باستخدام تكتيكات عسكرية متطورة، كما برع فى استخدام التكنولوجيات الحديثة بإطلاق حملات إعلامية على منصات التواصل الاجتماعي، علاوة على شبكات التمويل الذاتية المعتمدة على مصادر النفط غير الشرعية، والابتزاز والنهب، وتمكن من إنشاء دولته المزعومة، ومن جذب واستقطاب آلاف المقاتلين المتطرفين من جميع أنحاء العالم، فأربك القوى الإقليمية والدولية، لكن فى النهاية تمكن التحالف الدولى من زحزحته عن الأراضى التى يسيطر عليها. قتال المسلمين أولًا وعبر دراسات تسع يضمها الكتاب نتفهم خفايا التنظيم، وتكوينه، ومستقبله، ففى دراسة الباحث «عمر الوردانى» ((أيديولوجيا داعش ما بين التجديد والانحسار)) يرى أن «داعش» يمثل نموذجًا معقدًا بين التنظيمات الإرهابية، نظرا لقدرته على المزج بين الأيدلوجية الدينية المتطرفة، والأهداف السياسية الكبرى، وهذه التركيبة جعلته شديد الخصوصية، وقادرا على فرض نفسه ككيان عسكرى، ويختلف عن غيره من التنظيمات المتشددة التى سبقته. فيستمد التنظيم مشروعيته من فهم جاهل متعنت للقرآن والسنة، ويحاول بواسطته شرعنة العنف، وتصويره كوسيلة دينية لا غنى عنها لتحقيق العدل الإلهى الغائب عن المجتمعات الإسلامية، وقد كانت هذه الأيديولوجيا فعالة فى تعبئة الأفراد المتحمسين لخطاب «الخلافة» العازف على وتر أن المظلوم أذن له الشرع أن يمارس العنف فى وجه من ظلمه، وحين كان « تنظيم القاعدة» يركز على العدو البعيد«توجه» داعش» لاستهداف الدول الإسلامية، والمجتمعات المسلمة فى المقام الأول، ويدعى «داعش» أن نهجه فى مهاجمة المسلمين المرتدين أولا يمهد الطريق لإقامة الخلافة وإعداد المجتمع لمواجهة القوى العالمية لاحقًا. وأدرك «داعش» أن التوترات والصراعات الإقليمية توفر بيئة خصبة لزرع التطرف، وتوسيع نفوذه، واستغل الفقر، والتهميش إلى جانب الأزمات السياسية والأمنية لتجنيد المتضررين من هذه الأوضاع، وتمكن داعش من التجذر وترسيخ أيديولوجيته المتطرفة عبر استراتيجية يمكن وصفها ب((التمكين المنهجى)) حيث يسعى لتطبيق التطرف على جميع مستويات المجتمع. ويعرف الباحث «التطرف الداعشى» بأنه انحراف منهجى هيكلى يؤدى إلى العنف ويعيق التنمية ويهدم الحضارة. ويتناول الباحث أنواع التطرف «الداعشى» بداية من التطرف الفردى، والمجتمعى كمحور أساسى لجعل التطرف جزءا من الحياة اليومية للأفراد، والتطرف الفكرى والحياتى، والتطرف الظاهر، والخفى، وصناعة الوهم كبنية تحتية لمجتمع التطرف، حيث يتبنى نموذجًا أيديولوجيًا معقدًا يعتمد على ما يمكن تسميته ب»مثلث الوهم «حيث يبنى من خلاله تصورا شاملا للعالم ويسعى عبره لاستقطاب الأتباع ودعم استمرارية التنظيم، ويتشكل هذا المثلث من ثلاث زوايا رئيسية: دليل المظلومية: حيث يصور على أنه ضحية مؤامرة عالمية تستهدف الإسلام والمسلمين، والضلع الثانى مشروع البديل: حيث يقدم نفسه كبديل للنظم السياسية «الفاسدة» و»المنحرفة»، والضلع الثالث: فلسفة المخلص: وفيها يروج لنفسه كالمخلص المنتظر لأمة الإسلام، وأنه القوة القادرة على تخليص العالم الإسلامى من هيمنة الغرب. ويفرد الباحث جزءا كبيرا للبعد «السيبرانى» فى التطرف الجهادى لداعش، وأهم الأسس الأيدلوجية له وأطره الفكرية والمعتقدات المؤسسة، ومن المثير أن يجد الباحث مساحات فكرية مشتركة بين فكر داعش، وفلاسفة اليمين المتطرف الغربى، وعن الاقتصاد الداعشى يشير الباحث إلى أن التنظيم لم يتورع فى الحصول على المال الحرام من وجهة نظره والذى طالما اتهم حكومات الدول الإسلامية بأنها دول لا تطبق الشريعة، لأنها تحصل على هذه الأموال، فتلجأ داعش للابتزاز المالى، وفرض الضرائب، والإتاوات على الشركات، والسكان المحليين، وبيع الآثار، واستغلال النساء. امتصاص الضربات ويتناول الباحث «شادى عبد الوهاب منصور» فى بحثه ((إشكالية الخلافة فى داعش بين الواقعية والرمزية)) -الجدل حول فاعلية تصفية القيادات الإرهابية، ومدى تأثير ذلك فى بقاء التنظيم الإرهابى، وما إذا كانت هذه الضربات تؤدى إلى انهيار التنظيم بشكل كامل، أو على الأقل الحد من قدراته على تنفيذ العمليات، فيرى الباحث أن تأثير ذلك قد لا يكون حاسما فى حالة التنظيمات الكبيرة ذات الهيكل التنظيمى المعقد، خاصة إذا ما امتلك التنظيم الإرهابى شبكة التنظيمات المرتبطة به، والمنتشرة فى عدد كبير من الدول حول العالم، إذ إن التنظيم فى هذه الحالة يمتلك قدرا كبيرا من المرونة تمكنه من امتصاص الضربات التى تستهدف قياداته، وذلك عبر توفير قيادات من الأفرع التنظيمية يمكن توظيفها لكى تشغل منصب زعامة التنظيم الإرهابى. وما جرى فى «تنظيم داعش» الأم فى سورياوالعراق قد تعرض لضربات متلاحقة من الولاياتالمتحدةالأمريكية استهدفت قياداته حتى أصبحت القيادات التى يمكن اختيار منها خليفة للتنظيم محدودة، لكن يمكن القول إن التنظيم نجح فى تجاوز مسألة مقتل قياداته عبر العديد من الأساليب منها العودة إلى اللامركزية، واستثمار الإقليمية، رغم أنه خسر حوالى خمس قيادات فى مدى زمنى لا يتجاوز عقدًا من الزمان، فإن التنظيم لم ينهر، بل استمر فى تنفيذ عملياته الإرهابية حتى وأن تراجعت وتيرتها بشكل كبير مقارنة بفترات بروز التنظيم فى عامى 2014 و2015 حينما سيطر على مناطق واسعة فى سورياوالعراق، وقام بحكمها، ومع ذلك فإن أحد أبرز العوامل التى تسهم فى استمرارية داعش هو سياسات الإقصاء والتهميش التى تبنتها بعض الحكومات العراقية ضد السنة. «وثبة الأسد» ودراسة الباحث «أحمد سلطان» ((داعش فى أرض الخلافة المكانية: إعادة بناء التنظيم وإشعال حرب الاستنزاف)) تسعى لتسليط الضوء على وضع التنظيم فى معاقله التقليدية أو ما عرف بأرض الخلافة المكانية فى سورياوالعراق وكيف يدير التنظيم شبكاته وعملياته وما سر بقائه رغم الضربات القوية التى تلقاها طوال سنوات الحرب على الإرهاب. فضلا عن استشراف مستقبله فى ضوء المتغيرات الإقليمية والدولية التى تؤثر على المنطقة العربية. وكان التنظيم أواخر أغسطس عام 2023 قد نفذت ضده قوات التحالف الدولى عملية قوية لدحره «قوة المهام المشتركة- عملية العزم الصلب» بالتعاون مع قوات جهاز مكافحة الإرهاب والمخابرات، وكشف الهجوم الذى سمته قيادة العمليات المشتركة «وثبة الأسد» أن تنظيم الدولة الإسلامية يعيد بناء قدراته ويجدد نسيجه التنظيمى فى صمت، وتراجع هجمات التنظيم فى العراق بشكل ملحوظ لم يكن سوى تكتيك ضمن عمليات إعادة بناء، وترميم شبكاته القيادية والتنظيمية التى تضررت بفعل جهود مكافحة الإرهاب المستمرة فى العراقوسوريا. ويرى الباحث أنه بناء على المشهد الراهن يمكن القول إن التنظيم يستغل غالبية الفرص السانحة من أجل تعزيز وضعه والإعداد لعودة مرة أخرى يتوقع أن تكون خلال سنوات، ولذا فإن استشراف مستقبل التنظيم يجب أن ينطلق من إدراك وضعه الحالى فى سياقه الطبيعى ومراعاة السياقين الإقليمى والدولى اللذين يشكلان دوائر تتقاطع مع واقع التنظيم وتؤثر فيه. وللأسف فى السياق الإقليمى نجد حرب غزة أعادت ترويج جزء من سرديات التنظيمات الجهادية المعولمة، ومنها فكرة الفسططة، وانقسام العالم إلى معسكرين معسكر إيمان، ومعسكر كفر، كما منحت الاستراتيجيات الجهادية جزءا من الزخم سواء المتعلقة بقتال العدو البعيد أو تلك المتعلقة بقتال العدو القريب، وهو المفهوم الذى يستخدمه الجهاديون لتبرير قتال الحكومات والجيوش العربية، والتنظيم خلال الكلمة الوحيدة التى أصدرها متحدثه خلال عام من عملية طوفان الأقصى أكد على فكرة القتال مفتوح الجبهات ضد الحكومات العربية، واليهود والمسيحيين. وعلى هذا الأساس فالسياق الإقليمى يمنح داعش دفعة معنوية تسمح له بترويج سردياته ودعايته، وعلى المستوى الدولى نلاحظ تراجعا فى الاهتمام بقضايا الإرهاب. وفى النهاية يؤكد الباحث أن التنظيم سيبقى تهديدًا متوسطًا إلى مرتفع الحدة للأمن والاستقرار فى العراقوسوريا، وسيواصل التنظيم اتباع نهج براجماتى من أجل إيجاد فرص سانحة للعودة للمشهد، وإعلان الخلافة المكانية مرة أخرى، وستخدم الظروف الإقليمية والدولية بجانب الأوضاع المحلية المضطربة جهود التنظيم فى هذا الصدد، ومن المتوقع أن يبقى التنظيم موجودًا فاعلًا ما بقيت الأسباب السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والدينية التى أدت إلى وجوده، لذا فإن حلم التخلص من «داعش» سيبقى مجرد أمنية حتى حين. الدهس والطعن وترى الباحثة «منى قشطة» فى دراستها ((الصحوة الداعشية فى أفغانستان وعودة طالبان للحكم)) أنه رغم هزيمة داعش فى معاقله التقليدية بالموصل العراقية، والباغوز السورية على يد قوات التحالف الدولى وفقده سيطرته المكانية فقد تحول من «استراتيجية التمكين» التى اعتمدها سابقا إلى استراتيجية جديدة تعرف ب» استراتيجية فترات عدم التمكين» التى تتيح له التكيف مع المتغيرات الميدانية، والسياسية عبر توزيع واستغلال الفراغات الأمنية لشن هجمات خاطفة ومؤثرة، بما يضمن له ديمومة نشاطه، وبناء قدراته المالية والبشرية مجددًا، وبالتالى بدأت أفرع داعش تنشط خلال الأعوام الأخيرة بأشكال متعددة فى نطاقات جغرافية ممتدة سواء فى منطقة الشرق الأوسط أو فى القارة الإفريقية بكل اتجاهاتها الاستراتيجية، وكذلك فى القارتين الأسيوية والأوربية، ومن بين العديد من أفرع داعش النشطة يبرز فرع «داعش- خراسان» كأحد أهم أفرع التنظيم الذى اكتسب شهرة كبيرة خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، وبات أقوى فرع لداعش يهدد دول وسط وجنوب آسيا، والعديد من الدول الأوربية، بل إن التقديرات الأمريكية تشير إلى امتلاكه قدرات قتالية متقدمة قد تمكنه من مهاجمة الولاياتالمتحدةالأمريكية نفسها خلال أشهر معدودة. ورغم أن مؤشرات تصاعد تهديدات «داعش-خراسان» دفعت حركة طالبان إلى شن حرب عسكرية ضد معاقل أوكار التنظيم داخل أفغانستان، وكذا استجابت دول وسط وجنوب آسيا والدول الأوربية برفع حالة التأهب الأمنى وإحباط الكثير من هجمات التنظيم، وتفكيك العدد من خلاياه، واعتقال العشرات من عناصره، فإن هذا لا يعنى قدرة هؤلاء الفواعل على تطويق قدرة خطر «داعش-خراسان» بشكل كامل، فى ظل وجود بعض التحديات والثغرات التى قد ينجح التنظيم على إثرها فى إحداث خروقات أمنية وتنفيذ هجمات دامية خلال الفترات المقبلة. من بينها: اعتماد تحركات «داعش- خراسان» فى الفترة الأخيرة على استراتيجية جديدة تركز بشكل كبير على أنماط عمليات «الذئاب المنفردة». منابع التجنيد وفى دراسة الباحث «تقى النجار» ((داعش فى غرب إفريقيا: المسارات والمستقبل)) يرى أن تنظيم «داعش» منذ نشأته هدف إلى توسيع نطاق عمله الجغرافى سعيا لتدشين خلافته المزعومة تحت شعار «باقية وتتمدد»، وقد كانت القارة الإفريقية حاضرة بقوة فى فكره الاستراتيجي، إذ عمل على تأسيس عدد من الولايات التابعة له هناك، ومع الضغط العسكرى الذى مورس عليه من قبل القوات الأمنية فى معاقله التقليدية فى العراقوسوريا، بدأ ينظر إلى الساحة الإفريقية باعتبارها ساحة بديلة لنشاطه، مستغلا ما تشهده من محفزات تساعده على التمدد والانتشار. ويؤكد الباحث أن وجود تنظيم «داعش «فى منطقة الساحل الإفريقى يعود إلى عام 2015، حيث عملت القيادة المركزية للتنظيم على التمدد الجغرافى مع إنشاء عدد من الولايات فى القارة الإفريقية على وجه العموم، وفى منطقة الساحل على وجه الخصوص. فأصبح يضم ولايتين إحداهما باسم ولاية «غرب إفريقيا» نشطت فى حوض بحيرة تشاد التى تشمل تشاد (التى يغطى الحوض الجزء الأكبر منها) وجزءا كبيرا من النيجر ونيجيريا والكاميرون، وثانيها تعرف باسم ولاية «الساحل» وتنشط فى جنوب شرق مالى وشمال بوركينا فاسو. كما يرصد الباحث خلال دراسته نجاح الولايات التابعة للتنظيم فى غرب إفريقيا فى ترسيخ وجودها وتعزيز نفوذها إذ برزت ولاية «غرب إفريقيا» كفصيل منشق من جماعة «بوكو حرام» فى 2015، وبحلول يونيو2019 أصبحت أقوى ولاية خارجية للتنظيم. كذلك ظهرت ولاية «الساحل» فى منتصف عام 2015 ونجحت فى ترسيخ نفسها فى ديناميكيات المنطقة منذ عام 2019 حتى تم إعلانها ولاية منفصلة ذات نفوذ إقليمى فى عام 2022. ويؤكد الباحث أن تنظيم «داعش» يجد بيئة حاضنة لنشاطه فى القارة الإفريقية، حيث يؤدى هشاشة الأنظمة الحاكمة، وشيوع الانقلابات، والاضطرابات السياسية إلى إضعاف قبضة الدولة مما يتيح مساحات واسعة، وثغرات أمنية تستطيع التنظيمات الإرهابية استغلالها لتعزيز نفوذها. سلاح التكفير وفى دراسة الباحث «عمر البشير الترابي» ((تحركات داعش فى وسط أفريقيا: ما الهدف)) يؤكد على التحالف بين التهميش والأيديولوجيا الدينية الذى أصبح أكثر وضوحا وانتشارا فى القارة الأفريقية مترافقا مع التحديات الناشئة عن الاهتمام المتزايد بموارد القارة، وتدخلها فى الصراعات الجيوسياسية العالمية. وتتناول الدراسة تحديدا تنظيم داعش وسط أفريقيا مسلطة الضوء على تأثيرات النزاعات السياسية الداخلية التى تهمين على الحكومات والصراع بين مراكز القوى المتنافسة داخلها إضافة إلى التنافس بين الأجهزة الأمنية المتعددة، مما يؤدى ليس فقط إلى بروز تيارات داخل الفواعل غير الحكومية. وقد شكلت القارة الأفريقية مسرحا جاذبا للفرص، و لم تعد تعانى من غياب الاهتمام بل من شراسته، وطبيعة التنافس الدولى غير المقيد بقواعد واضحة فى القوة والنفوذ. ويشير الباحث إلى أن سلاح التكفير والتوسع فيه إحدى الأدوات السياسية التى توفرها الدعاية الداعشية لجذب المنظومات السياسية والاجتماعية المستهدفة، وتمكينها من شرعنة حالة الانتقام والإعدامات الجماعية وتبريرها أيضا، من جهة ولكنه يضمن عدم خروج المجندين من جهة أخرى أيضا لذا يعض عليه الشرعيون بالنواجز. إذ كان مجرد الانضواء تحت لواء داعش وأخذ الاسم الفرعى لها كافيا لمنح المبايع رخصة تمكنه من قتل وإبادة خصومه وإعادة رسم خريطة ديموغرافية تحت اسم «داعش» لا اسم تنظيمه الأولى. واستعرض الباحث كيفية انتشار الداعشية فى وسط افريقيا -أوغندا فالكونغو حيث جحيم الابادات وملاذ الهجرات، وموزمبيق، والتاريخ القديم للإسلام فى القارة الأفريقية حتى انتشار داعش وسط ظروف مواتيه، ومحاولات التنظيم عبر فروعه المختلفة وسط أفريقيا السيطرة على بعض البلدات المهمة وتطبيق احكامه عليها. التضخيم والترهيب وتتناول الباحثة «هاجر أيمن» ((تحولات الخطاب الإعلامى لداعش بين التمدد والانحسار)) فترى أن الخطاب الإعلامى كان إحدى أبرز الاستراتيجيات التى أسهمت فى تصدر تنظيم الدولة الإسلامية «داعش»للمشهد الدولى فى عام 2014 وذلك عبر استراتيجية إعلامية متكاملة عملت على توظيف ما تتيحه التطورات فى تكنولوجيا الاتصالات والإعلام من إمكانات فى تقديم التنظيم ليس فقط فى صورة القوة العسكرية التى تحقق أيضا انتصارات بل الدولة التى تحمل مشروعا دينيا عالميا لإعادة إحياء الخلافة الإسلامية، الأمر الذى أسهم فى تحقيق أهداف التنظيم من نشر إيديولوجية، واستقطاب المجندين، وإضفاء شرعية على ممارساته الوحشية. وترى الباحثة أن الإرهاب يرتبط ارتباطا وثيقا بالإعلام حيث يعد الحصول على تغطية إعلامية تتميز بالتهويل والتضخيم والترهيب هو الهدف الأسمى لأى عملية إرهابية، وذلك بهدف الوصول لأكبر عدد من الجماهير للتأثير فى الرأى العام ومن ثم التأثير فى عملية صنع القرار. العائدون من داعش وفى دراسة الباحثة د. وفاء صندى ((العائدون من داعش: هل عادوا؟)) تذكر أنه أزيد من خمس سنوات ونصف على هزيمة تنظيم «داعش» فى آخر معاقله فى سوريا فى معركة الباغوز تاركا خلفه الآلاف من مقاتليه، والتابعين له محتجزين فى معسكرات وسجون فى جميع انحاء شمال وشرق سوريا. وترى الباحثة أنه مع استمرار رفض بعض الدول استعادة مواطنيها فإنه فى حال تمكن هؤلاء من الهرب فإن التهديدات التى سيشكلونها على بلدانهم، وعلى العالم ستكون كبيرة. وتبحث «د.إيمان رجب» فى ((داعش ومستقبل العلاقة مع الجريمة المنظمة العابرة للحدود)) فترى أن قضية العلاقة بين الجماعات الإرهابية وشبكات الجريمة العابرة للحدود من القضايا الأمنية التى تشغل دوائر صنع السياسات على مستوى العالم، وعديدا من الهيئات الأمنية التى تشغل دوائر صنع السياسات على مستوى العالم وعديدا من الهيئات الدولية متعددة الأطراف، ولا سيما فى ظل تعدد وتنوع وتحول خريطة الجرائم العابرة للحدود. وقامت الباحثة بدراسة وتحليل علاقة «داعش» بالشبكات الإجرامية العابرة للحدود، ورأت أن علاقات داعش بشبكات الجريمة العابرة للحدود خلال الفترة من 2014-2019 لم تخرج عن نطاق أنماط العلاقات الأربع وهى «التعاون، والتعايش، واكساب تكتيكات الكيان الإرهابى صفة إجرامية من أجل تحقيق أهداف عملياتية والاندماج».