كوم أوشيم.. «مرايا الحضارة» فى قلب الفيوم ولعشاق التحنيط، هناك أربعة أوانٍ كانوبية استخدمها المصريون القدماء لحفظ أعضاء المتوفى بعد عملية التحنيط، كل وعاء يحمل غطاءً يمثل أحد أبناء حورس الأربعة، مما يعكس عظمة المعتقدات المصرية القديمة حول الحياة بعد الموت. كما توجد أيضًا مجموعة من التماثيل النادرة مثل تمثال «أنوبيس»، إله التحنيط، المصنوع من الجرانيت الأسود، الذى يظهر بشكل يمزج بين الجلال والرعب، إضافة إلى نموذج خشبى لمنزل يحتوى على ستة تماثيل اكتُشفت فى الفيوم من العصور اليونانية والرومانية. داخل المتحف، يعرض «بورتريه» لوجوه الفيوم الشهيرة، وأيقونات قبطية تبرز جمال وروحانية الفن القبطي. كما يحتوى المتحف على مومياء نادرة لشاب من العصر القبطي، ملفوفة بعناية بلفائف من الكتان، مزينة بالحناء، ما يعيد الزوار إلى مشهد يجمع بين الحياة والموت. يشمل المتحف أيضًا تماثيل أوشبتي، حليًا ذهبية، أوانى فخارية، قطع نسيج، مجسمات مراكب، وورق بردى نادر، جميعها أدوات كانت جزءًا من حياة المصرى القديم. يدعو الشورة، الجميع لزيارة متحف كوم أوشيم، قائلاً: «هنا تختبئ روح الفيوم وتاريخها، من الفراعنة وحتى العصور الإسلامية، تعالوا وشاهدوا بأنفسكم صفحات من تاريخنا العظيم، المعروضة أمام أعينكم.» «الأتونى» .. حلم متجدد لمدينة تقاوم النسيان على أطراف محافظة المنيا، وفى قلب أرض شهدت أعظم التحولات الفكرية والدينية، تتأهب مدينة كاملة لتستعيد مجدها داخل المتحف الأتوني. مشروع ظل لسنوات معلّقًا بين الطموح والتأجيل، لكنه لا يزال يحكى قصة منطقة كانت مهدًا للثورة الدينية التى قادها إخناتون. قرية الأشمونين، أو كما سماها المصرى القديم «خمون»، كانت موطن الحكمة والإله تحوت، بها اختلطت أصوات البابون مع أصوات المعابد، ومشى الإغريق فسموها هيرموبوليس، وقد ولدت فكرة جمع هذا التراث فى متحف واحد، لم يُفتتح بعد، لكنه يحوى بين جدرانه وعدًا ببعث مجد مدينة دفنها النسيان. «الأخبار» ترصد ملامح هذا المشروع، الذى بدأ العمل فيه عام 2003، ثم توقف أكثر من مرة، رغم أن تكلفة المرحلتين الأولى والثانية بلغت نحو 130 مليون جنيه، ولم يتبق سوى التشطيبات. يمتد المتحف على مساحة 25 فدانًا، ويضم مركزًا للمؤتمرات، مسرحًا سينمائيًا، مكتبة ضخمة، بازارات، وكافتيريا، ومركزًا لإحياء الحرف التراثية، مما يجعله أشبه بمدينة ثقافية متكاملة. وتُعد قاعة «المنيا عبر العصور» درة هذا المتحف، إذ من المقرر أن تضم آثارًا فرعونية وإسلامية وقبطية ورومانية، فى عرض بانورامى يعكس تعاقب الحضارات على أرض المنيا، كما يضم المتحف 16 قاعة عرض دائم، وقاعة مؤقتة، وأكثر من 10 آلاف قطعة أثرية معظمها من فترة العمارنة. من أبرز المعروضات المرتقبة: تماثيل إخناتون وبناته، لوحات للإله آتون، تماثيل للملكة نفرتيتي، وأيقونات من مواقع تاريخية مثل الأشمونين والبهنسا، كما سيتم نقل هذه القطع من مخازن المتحف المصرى والأقصر لتستقر بالمتحف الأتوني. ورغم بطء التنفيذ، لا يزال الحلم قائمًا، ففى عام 2015، تم اعتماد 40 مليون جنيه لاستئناف الأعمال، وتم استئناف التنفيذ فى نهاية 2016. المتحف الأتونى ليس مجرد مبنى ينتظر افتتاحه، بل هو شاهد على ذاكرة أمة، وسجل مفتوح لمدينة نطقت بالحكمة قديمًا، وها هى تنتظر أن تعود للحياة، عبر أبوابه التى لم تُفتح بعد. تل بسطا .. أميرة مجهولة تحتفظ بأسرار الأجداد عند أطراف مدينة الزقازيق، حيث تهمس الأرض بأسرارها، يقف متحف آثار تل بسطا كواحة من الزمن السحيق، يروى تاريخ منطقة كانت يومًا مركزًا دينيًا وعاصمة من عواصم مصر القديمة، استقبلت السيدة مريم ووليدها فى رحلة العائلة المقدسة إلى أرض مصر. افتُتح هذا المتحف عام 2018، بعد رحلة طويلة بدأت عام 2006 حين خُصصت له مساحة 500 متر من أراضى تل بسطا، لكن المشروع توقّف لسنوات قبل أن تُبعث فيه الروح من جديد عام 2017، حتى صار اليوم قبلة للزوار ومصدرًا للفخر لأبناء محافظة الشرقية. المتحف يتكون من طابقين، يضمان 14 فاترينة زجاجية تحتضن 599 قطعة أثرية، بينما تحفظ المخازن ب1261 قطعة أخرى، جميعها من نتاج الحفائر التى أجرتها البعثات المصرية والأجنبية فى أنحاء محافظة الشرقية، لا سيما فى منطقة تل بسطا، ويضم المتحف تماثيل تجسد المعبودات المصرية القديمة، وأبرزها تمثال «باستت» على هيئة قطة، إلى جانب مجموعة من التمائم، والمساند، والأوانى الكانوبية، والتماثيل الجنائزية (الأوشابتي)، والكارتوناج، والمصابيح، والعملات، وأدوات الحياة اليومية.. يقول الأثرى إبراهيم حمدي، مدير المتحف: «المتحف ليس فقط مكانًا لعرض القطع، بل هو مركز لنشر الوعى الثقافي، وميدان تربوى يستقبل الأطفال وطلاب المدارس فى أنشطة تربطهم بجذورهم الحضارية، كما يفتح أبوابه يوميًا من التاسعة صباحًا حتى الثالثة عصرًا برسوم رمزية لتشجيع الزيارات.» الزيارة تمتد إلى المتحف المفتوح المجاور، الذى يشغل 4000 متر مربع، فى مشهد يستدعى فكرة متحف اللوفر بفرنسا، هناك تُعرض 51 قطعة أثرية نادرة على قواعد خرسانية، كأنها تماثيل على خشبة مسرح، تحكى قصة كل منها لزائريها، ومن أبرزها تمثال الملك رمسيس الثانى المصنوع من الجرانيت الأسود، الذى يعود إلى عام 1300 قبل الميلاد، وتمثال الملكة «ميريت» من الجرانيت الوردي، وتمثال كبير لأميرة مجهولة الهوية، تحتضنه الأرض كسرّ من أسرارها. ولتأمين هذه الكنوز، أُنشئ مخزن متحفى بمساحة 900 متر مربع، يضم نحو 20 ألف قطعة أثرية، ويعمل بأنظمة إنذار متطورة، ودائرة مراقبة تلفزيونية، ووسائل حماية ضد الحرائق، كما تم إنشاء شبكة طرق داخلية، ومزارات، وبوابات حديدية، وأعمدة إنارة حديثة، بالإضافة إلى دليل سياحى بثلاث لغات يُوزّع على الشركات السياحية للتعريف بمنطقة تل بسطا وجذب الأنظار إليها.. وفى ذكرى افتتاح المتحف، تُقام احتفالية سنوية لتسليط الضوء على أهميته، والتأكيد على مكانته كواحد من أبرز رواة التاريخ فى شرق الدلتا، حيث تتحول الحجارة إلى شهود، والأطلال إلى ذاكرة لا تنسى.