نساء المنوفية.. كفاح «جميلات الأمل والعمل»| صور

بين سنابل الحقول وأكوام البصل، تسير نساء المنوفية بخطى ثابتة على دروب الحياة القاسية، وجوه لفحتها الشمس، وأيادٍ صقلها العمل، لكن قلوبهن ما زالت عامرة بالحب والإصرار، هناك، بعيدًا عن الأضواء، تكتب أربع سيدات ملحمة نضال حقيقي لا يعرفه إلا من لامس التراب بأطراف أصابعه.
اقرأ أيضا | محافظ المنوفية يوجه بتزويد مكتبة مصر بالكتب التي تناسب كافة الأعمار
ليست الحكايات العظيمة كلها تُروى في كتب التاريخ، فبعضها يُكتب بالصبر على صفحات الأيام. في قلب الريف، تخوض هؤلاء السيدات معركة صامتة ضد قسوة الحياة، مسلحات بالعزيمة والرضا، ومؤمنات أن الرزق لا يأتي إلا لمن يسعى إليه بكل ما أوتي من صبر وإيمان
على امتداد ساعات طويلة قد تصل إلى ثماني أو تسع ساعات يوميًا، تقف أربع سيدات من قرى محافظة المنوفية، ينحنين على الأرض مرة، ويلتقطن ثمار البصل مرة أخرى، وسط مشقة يعرفن كيف يحوّلنها إلى قصائد شكر وهمس أمل.
كل سيدة منهن تحمل حكاية خاصة، ولكن يجمعهن خيط واحد لا ينقطع: الكفاح والأمل. منهن من بدأت رحلتها مع العمل منذ ثلاثين عامًا، ومنهن من تسير على هذا الدرب منذ عشرين سنة، ولا تزال خطواتهن تحمل من الثبات ما يُخجل كبار الحالمين.
رحلة كفاح لا تشبه غيرها
ورغم قلة ما يتحصلن عليه من أجر يومي، لا يفقدن القدرة على الحلم، بل يجمعن القروش فوق القروش ليبنوا لأنفسهن ولأطفالهن مستقبلاً أفضل. البسمة لا تفارق وجوههن، وكلمات الشكر لله تسبق كل حكاية، وكأنهن يعقدن مع الحياة معاهدة أمل متجددة.
اقتباسات من قلب الحكاية: "بنشتغل علشان نربي عيالنا ونشوفهم في حال أحسن مننا." "الشمس بتحرقنا بس إحنا صابرين.. الرزق محتاج تعب." "العمر بيجري وإحنا بنجري معاه، بس الحمد لله دايمًا."
"مش بنحس بالتعب قد ما بنحس بالفرحة لما نلاقي قوت يومنا بالحلال."
وجوه مضيئة بالأمل:
رغم صعوبة الطريق، تتوهج عيونهن بلمعان الأمل. لا مكان للشكوى ولا متسع لليأس، بل يقابلن التعب بالبسمة، ويستقبلن الغد برجاء أن يحمل معه رزقًا أوسع ومستقبلًا أجمل لأبنائهن الذين يسكنون قلوبهن وأحلامهن.
واخيرا قصة هؤلاء السيدات ليست مجرد رحلة كفاح فردية، بل دروس حية تُعطي المجتمع كله درسًا في معاني الصبر والكرامة. في عالمٍ ينسى أحيانًا أن يحتفي بالكادحين، تظل هؤلاء النساء نبراسًا يضيء طريق العمل الشريف.
فلنرفع لهن القبعة، ولنمد لهن يد العون، ولنؤمن جميعًا أن الأوطان تبنى بسواعد هؤلاء الذين آمنوا أن للكرامة ثمنًا يُدفع بالعرق والإصرار.