في الأيام الماضية، هز خبر وفاة الإعلامي السوري صبحي عطري الوسط الإعلامي والجمهور العربي، وتحديدا بعد تداول روايات عن معاناته النفسية الشديدة في فترات حياته الأخيرة، هذا الحدث المأساوي "بوبة أخبار اليوم"أعاد تسليط الضوء على سؤال شائك وإنساني: هل يمكن أن يؤدي القهر النفسي والحزن العميق إلى الوفاة فعلًا؟ في هذا السياق، أوضح د. محمود محمد علام، الكاتب واستشاري الإرشاد النفسي والأسري، أن الحزن الشديد قد لا يقتصر تأثيره على الحالة النفسية فحسب، بل يمتد ليؤثر بشكل خطير على الصحة الجسدية، وقد يفضي في بعض الحالات إلى الموت. اقرا أيضأ|بعد رحيل صبحي عطري| تساؤلات حول الذبحة الصدرية وأسبابها "الحزن القاتل".. ما الذي يحدث داخل الجسد؟ من الناحية الطبية، هناك ما يعرف ب"متلازمة القلب المنكسر" أو Broken Heart Syndrome، وهي حالة قلبية حقيقية تحدث نتيجة لصدمة عاطفية أو نفسية قوية، مثل فقدان شخص عزيز، أو التعرض لخيانة أو ضغط نفسي هائل. هذه المتلازمة تحدث خللًا مفاجئًا في عضلة القلب، يشبه في أعراضه النوبة القلبية، ويمكن أن تؤدي إلى الوفاة، خاصة إذا لم يتم التدخل بسرعة. كذلك، الحزن العميق قد يؤدي إلى اضطراب في الجهاز العصبي والمناعي، ما يجعل الجسم أكثر عرضة للأمراض، مثل ارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب، واضطرابات الجهاز الهضمي، وحتى السرطان في بعض الحالات. تشخيصات نفسية محتملة خلف الألم الصامت الحالات التي تنشأ عن القهر الشديد والحزن العميق يمكن أن تندرج تحت عدة تشخيصات في الطب النفسي، مثل: الاضطراب الاكتئابي الحاد اضطراب التكيف مع مزاج مكتئب اضطراب ما بعد الصدمة PTSD اضطرابات الشخصية المعتمدة أو الحدية ويعتمد التشخيص الدقيق على عوامل مثل تاريخ الحالة، شدة القهر، وجود دعم اجتماعي من عدمه، وغيرها. هل القهر المتعمد جريمة؟ من منظور قانوني، إذا تسببت إساءة نفسية متكررة ومتعمدة في إيذاء نفسي عميق لشخص آخر، فإن ذلك قد يعد شكلًا من أشكال العنف النفسي أو التلاعب العاطفي، والذي يعترف به قانونيًا في بعض الدول كجريمة تستوجب العقاب. لكن الحكم القانوني يظل في يد القضاء، بينما يسلط الطب النفسي الضوء على آثار الإيذاء النفسي وضرره العميق، الذي لا يقل عن الضرر الجسدي. دور المتخصصين في إنقاذ من يعانون بصمت اوضح دكتور محمود علام يوضح أن دور الطبيب أو المعالج النفسي يبدأ بالتشخيص الدقيق، ويتضمن: جلسات العلاج النفسي: مثل العلاج المعرفي السلوكي الذي يعيد هيكلة التفكير السلبي. العلاج الدوائي: في الحالات الحادة، تُستخدم أدوية مضادة للاكتئاب بإشراف طبي. الدعم المستمر: المعالج يتابع الحالة خطوة بخطوة ويعدل خطته حسب تطورات الحالة. كيف يمكن للشخص العادي أن ينقذ حياة؟ ليس من الضروري أن تكون طبيبًا لتقدم دعمًا حقيقيًا لشخص يمر بأزمة نفسية. هناك خطوات بسيطة لكنها فعالة، مثل: الاستماع دون إصدار أحكام. التواجد الصادق والمستمر. تشجيع الشخص على طلب المساعدة المتخصصة. تفهم الألم النفسي وعدم التقليل من معاناة الآخر. وفيات مأساوية بسبب القهر والحزن هناك حالات شهيرة مات أصحابها نتيجة الحزن أو الصدمة النفسية، من بينهم: لاعب الزمالك أحمد رأفت، الذي توفي بعد معاناة نفسية طويلة. الكابتن إيهاب جلال، مدرب منتخب مصر الأسبق، والذي تأثر نفسيًا بعد الهجوم عليه عقب الخسارة، ما تسبب في تدهور حالته الصحية، بحسب تقارير متداولة. مشاهير عالميون أنهوا حياتهم بسبب الاكتئاب أو الحزن العميق، مثل روبن ويليامز، الذي مثّل الكوميديا لكنه لم ينجُ من حزنه الداخلي. الحزن ليس مجرد شعور عابر، بل قد يتحول إلى مرض ينهش الروح والجسد في آن واحد، القهر النفسي لا يرى، لكنه يميت ببطء، من المهم أن نكف عن التقليل من معاناة الآخرين، وأن نُشجعهم على طلب المساعدة النفسية دون خجل.