■ يُحيط بنا الموت من كل جانب، ورغم ذلك يَراه الأحياء بعيدًا عنهم. وإن شككت فى ذلك، فما عليك سوى تصفّح قائمة تليفونك؛ فستكتشف أن كثيرين قد رحلوا، وأن أجزاءً منك قد ماتت معهم، وأن الموت لا يُؤجِّل موعده. بينما ننغمس فى صراعات الدنيا، يَمضى الموت صامتًا بلا محاباة. ينفذ مهمته بلا أخطاء، لا يُراوِغ ولا يَرتشي، ولا يخضع لغير قانونِه الأزلي. نعيش وكأننا نمتلك عقدًا أبديًا مع الحياة، بينما نحن مستأجرون لفترةٍ مؤقتة. وما نعلمه يقينًا هو أن الموت يُؤلِم الأحياء، أما ما يفعله بالأموات أنفسهم فسرٌّ غامض. وستَجد نفسك مضطرًا إلى حذف أسماء كثيرة من سجلّات حياتك كلما مرّ شريط ذكرياتك: هذا تَمحوه من قائمة اتصالاتك، وذاك يَختفى من ذاكرتك لا إراديًا، وتلك تَجرحك ذِكراه. فهناك مَن تَذكر اسمه وتنسى ملامحه، وآخر تَرى صورته وتُنسى اسمه. كلّنا سنُنسى، فأنت مجرد رقمٌ فى قوائم الآخرين، وسيأتى يومٌ يَسقط فيه اسمك من كل سجلات الدنيا، حين يسبَق اسمك لقب «الراحل» أو «المرحوم». فلا تَغترَّ بقدرك، ولا تَمنح نفسك أكثر مما تستحق؛ فمصيرك محتومٌ كغيرك. كم مِن عظيمٍ ومشهورٍ وغنيٍّ رحلوا ولم يَبقَ مِن ذِكراهم إلا ظلٌّ باهت! أنت ذاهبٌ لا محالة، وسواءٌ أكان السبب مرضًا أم حادثًا، فالنتيجة واحدة: رحيلٌ لا عودة منه. لذا، إيّاك والكبرياء الذى يَجعل منك وحيدًا كبيتٍ خربٍ، يُصيب سقوطُه مَن حوله. فردد معى يا نفسي، توبى ولا تتكبّري. ويا أيها الموت، ليتك تُنذرنا فنستعدّ لوداع الأحباب، وأن نموت وكأننا اخترنا زمن رحيلنا. آخر كلام ■ المساواة شعارٌ يَحوِّل النوايا الحسنة إلى أداة ظلم.. العدل هو أن تأخذ ما تَستحق، أما المساواة العمياء فهى أن تَأخُذ ما يُعطَى للجميع بغض النظر عن جهدك. أن يَنال الكسول نفس مكافأة المجتهد خيانةٌ للحق.. المساواة المطلقة ظلمٌ قاسٍ؛ لأنها تَقتل الحافز وتُكافئ غير المجتهد.