عبدالهادي عباس شهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، حفل تخرج الدورة الثانية لتأهيل أئمة وزارة الأوقاف والتى حملت اسم «دفعة الإمام محمد عبده»، وأُقيمت بمركز المنارة للمؤتمرات الدولية، تحت إشراف الأكاديمية العسكرية المصرية، ضمن استراتيجية الدولة لتطوير قدرات الأئمة على مختلف المستويات والارتقاء بالخطاب الدينى ومكافحة الفكر المتطرف. وقال السيسي، فى كلمته خلال الحفل، إن الدولة المصرية تمضى بثباتٍ وعزمٍ فى مشروعها الوطنى لبناء الإنسان المصرى بناءً متكاملًا، يُراعى العقل والوجدان، ويجعل من الدين ركيزةً للنهوض والتقدم، فى ظل قيم الانتماء والوسطية والرشد، مشيرًا إلى أن مهمة تجديد الخطاب الدينى لا تنحصر فى تصحيح المفاهيم المغلوطة فحسب، بل تمتد لتقديم الصورة المشرقة الحقيقية للدين الحنيف، كما تجلّت فى حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكما نقلها الصحابة الكرام، وكما أرسى معالمها أئمة الهُدى عبر العصور.» وأكد السيسى اعتزازه بتخريج هذه الكوكبة من الأئمة والتى ضمت 550 إماما واستمرت ستة أشهر، قائلًا: «نحتفل اليوم بتخريج كوكبة جديدة من الأئمة الذين سوف يحملون على عاتقهم أمانة الكلمة، ونشر نور الهداية، وترسيخ قيم الرحمة والتسامح والوعي.. وأنتم تخطون أولى خطواتكم فى هذا الدرب النبيل، فإن أعظم ما نعول عليه منكم هو أن تحفظوا العهد مع الله، ثم مع وطنكم بأن تكونوا دعاة إلى الخير، ناشرين للرحمة، وسفراء سلام للعالم بأسره.. وإن مصر، بتاريخها العريق وعلمائها الأجلاء ومؤسساتها الراسخة، كانت وستظل منارةً للإسلام الوسطى المستنير، الذى يُعلى قيمة الإنسان، ويُكرّم العقل، ويحترم التنوع، ويرسى معانى العدل والرحمة». ولفت إلى أن تخريج هذه الدفعة الجديدة جاء نتيجة التعاون المثمر بين وزارة الأوقاف، ومؤسسات الدولة الوطنية وعلى رأسها الأكاديمية العسكرية المصرية، لنحصد ثمار هذا التعاون البناء، ونرى فيه هذه النخبة المشرقة من الأئمة الذين تلقَّوا إعدادًا نوعيًا يمزج بين أصول علوم الدين الراسخة وأدوات التواصل الحديثة، متسلحين برؤية وطنية خالصة، وولاءٍ لله ثم للوطن، وإدراكٍ واعٍ لتحديات العصر ومتغيراته، مع المحافظة على الثوابت. ونوه رئيس الجمهورية بأن الدولة مستمرة فى رؤيتها الطموحة بوضع برنامج تدريبى متكامل يُعنى بصقل مهارات الأئمة علميًا وثقافيًا وسلوكيًا، للارتقاء بمستوى الأداء الدعوي، وتعزيز أدوات التواصل مع المجتمع، ليكون الإمام نبراساً للوعي، متمكناً من البيان، بارعاً فى الإقناع، أمينًا فى النقل، حاضرًا بوعيٍ نافذ وإدراكٍ عميق لمختلف القضايا الفكرية والتحديات الراهنة. واستطرد قائلا: «لقد أدركنا منذ اللحظة الأولى أن تجديد الخطاب الدينى لا يكون إلا على أيدى دعاة مستنيرين، أغنياء بالعلم، واسعى الأفق، مدركين للتحديات، أمناء على الدين والوطن، قادرين على تقديم حلول عمليةٍ للناس، تداوى مشكلاتهم وتتصدى لتحدياتهم، بما يُحقق مقاصد الدين ويحفظ ثوابته العريقة». ووجه السيسى عدة رسائل تحمل رؤية الدولة فى إعداد إنسان متوازن ومسئول، قادر على الإسهام الإيجابى فى المجتمع، مشيراً إلى أهمية الاقتداء بالإمام السيوطى كنموذج يحتذى به، حيث قدم مساهمة استثنائية من خلال تأليف 1164 كتابًا خلال حياته. وأكد أن الكلمات وحدها لا تكفى لإحداث تأثير فى المجتمع، بل يجب أن تُترجم إلى أفعال إيجابية وفعالة تُشكل مسارًا يُتبع ويُنفذ، وضرب مثالًا على ذلك باستخدام مقار المساجد، إلى جانب كونها أماكن للعبادة، لتقديم خدمات تعليمية للطلاب، كما شدد على ضرورة حسن معاملة الجيران، والاهتمام بتربية الأبناء، ومواكبة التطور دون المساس بالثوابت. واختتم رئيس الجمهورية خطابه بالتأكيد على أهمية الحفاظ على اللغة العربية، ودور الدعاة فى أن يكونوا حماة للحرية، مما يعكس رؤية شاملة للتنمية المجتمعية، مؤكداً أن الدورة التى حصل عليها الأئمة بالأكاديمية العسكرية المصرية عكف على إعدادها علماء متخصصون فى علم النفس والاجتماع والاعلام وكل المجالات ذات الصلة. من جانبه، ألقى د. أسامة الأزهرى وزير الأوقاف كلمة خلال الحفل سلط فيها الضوء على أهمية التكامل والتعاون بين جهات الدولة المعنية لتنفيذ رؤية القيادة السياسية فى إعداد جيل جديد من الأئمة، يجمع بين التعمق فى علوم الدين وإتقان أدوات التواصل الحديثة، بما يعزز دورهم فى نشر الفكر الوسطى وترسيخ القيم الوطنية. وأكد الأزهري، أن الوزارة تقدم نموذجًا مشرفًا من الأئمة الجدد، جيلًا جديدًا من الدعاة إلى الله على بصيرة، جيل تم إعداده بعناية فائقة وجهد مضنٍ من أسرهم، ومنهم شخصيًا، ومن أساتذتهم، الذين لم يبخلوا يومًا بعلم أو معرفة، لتقديم رجال يحملون مواريث النبوة، وقادرين على أداء أمانة الكلمة على الوجه الأكمل. وقال إن هذه الدفعة من الأئمة تم إعدادها عبر مراحل متعددة، بدأت من التكوين العلمى العميق داخل الأزهر الشريف، مرورًا بمشوار طويل من التحصيل العلمى والتدريب المهنى المكثف داخل وزارة الأوقاف، وصولًا إلى المرحلة الأهم وهى التأهيل داخل الأكاديمية العسكرية المصرية، وهى نقلة نوعية وفريدة فى إعداد رجل الدعوة على أعلى مستوى من الانضباط والوعى والمهارة، وتقديم أعلى صور التدريب لهم وصقل الشخصية، وحشد العلوم والمعارف والمهارات الصانعة للجدية والخبرة والانضباط والقوة. وأكد وزير الأوقاف، أن هذه الدورة بالأكاديمية العسكرية جاءت بتكليف مباشر من الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذى لم يكتفِ بالتوجيه فقط، بل تابع بنفسه مراحل الإعداد، وحرص على توفير أفضل بيئة تأهيل ممكنة، وهو ما يعكس مدى اهتمام الدولة المصرية بتجهيز الأئمة إعدادًا شاملًا يجمع بين العلم والانضباط وروح الوطنية. وأشار إلى أن الدولة المصرية تسير ضمن رؤية حكيمة فى بناء الإنسان وإعداده على أعلى وأبهى صورة وجاء وقت حصاد ثمرات ذلك كله، حيث تسعد الأسر الكريمة التى قدمت أبناءها، وتسعد أجيال الأساتذة التى علمت وتسعد الأكاديمية العسكرية بعد كل جهودها التى صقلت وأعدت، وتسعد قلوب أبنائنا المتدربين بتتويج ثمرة جهودهم فى كل ذلك المسار الممتد، ويسعد الرئيس السيسى ويسعد الوطن، بتخريج دفعة جديدة من أبنائه الذين يعقد عليهم أملًا عظيمًا فى رفع رايته وحمايته، ونشر الوعى بين أبنائه، وخدمة شعبه الكريم، وبث القيم والأخلاق والعلوم والنور والمعرفة والحكمة فى جميع ربوعه. وأوضح الأزهري، أن رجال الأكاديمية العسكرية المصرية بذلوا جهدًا مشكورًا فى هذا المسار، مقدمًا الشكر للفريق أشرف سالم زاهر، مدير الأكاديمية، وكل القائمين على التدريب والدعم والتأهيل، مؤكدًا أن هذه الخطوة تمثل جزءًا من رؤية الدولة المصرية لبناء الإنسان، تلك الرؤية التى يتم تنفيذها بمنتهى الدقة والاحترافية والإخلاص. واختتم وزير الأوقاف، كلمته بدعوة الأئمة إلى أن ينطلقوا بكل قوة وثقة فى الميدان، وأن يكونوا فى خدمة الناس، وخدمة المساجد، وأن يملئوا العقول بالعلم، والقلوب بالإيمان، والمجتمع بالأمل، مطالبًا إياهم بأن يقدموا خطابًا روحانيًا أخلاقيًا راقيًا، يطفئ نيران الكراهية، وينشر المحبة، ويحيى الضمائر والقلوب، ويُعيد للدين صورته المشرقة الحقيقية. وشهد الحفل عرضاً لفيلم وثائقى بعنوان «تقرير نجاح الدورة»، تلاه عرض للبحث الجماعى لدارسى دورة الأئمة حول موسوعية العالم والداعية وأثر ذلك على أداء مهامه (الإمام جلال الدين السيوطى نموذجا)، وإعلان نتيجة تخرج الدورة، كما أدى الخريجون قسم الولاء، وهو قسم مستحدث للخريجين من الأئمة والدعاة، لقنه للخريجين د. أحمد نبوى عضو المكتب الفنى لوزير الأوقاف، وذلك قبل أن تشهد الفعاليات فقرة شعرية ألقاها أحد الدارسين، أعقبها إنشاد ديني، كما ألقى الفريق أشرف زاهر، مدير الأكاديمية العسكرية المصرية كلمة خلال الحفل.