بينما الكل يتابع «حرب الجمارك» التى أطلقها الرئيس الأمريكى ترامب وتأثيراتها الهائلة على اقتصاد أمريكا وعلى التجارة العالمية كلها.. تتصاعد حرب أخرى داخل أمريكا تستهدف جامعات أمريكا التى تعتبر بين الأرقى فى العالم، وتحاول إسكات كل صوت حر يطلب إنهاء الدعم الأمريكى لحرب الإبادة التى تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطينى!! لم يكن القبض على طالب جامعة كولومبيا الفلسطينى الأصل محمود خليل ومحاولة ترحيله إلا بداية لتحرك واسع فى كل الجامعات الأمريكية التى شهدت تضامنًا واسعًا مع القضية الفلسطينية أزعج بلا شك اللوبى الصهيونى وأنصاره من اليمينيين المتعصبين.. الآن يتم الإعلان عن كشوف بأسماء مئات الطلاب المعرضين للطرد والترحيل، ولأعداد كبيرة من أساتذة الجامعات المرموقين الذين تتم مطاردتهم لأنهم فقط أعلنوا رأيهم المستقل وطالبوا بإنهاء الإبادة الجماعية لشعب بأكمله.. وبالأمس كانت صدمة الأوساط الجامعية الأمريكية بمعاقبة واحدة من أرقى جامعات أمريكا والعالم «جامعة هارفارد» بحرمانها من تمويل حكومى منتظم يتجاوز هذا العام 2٫2 مليار دولار(!!) لأنها رفضت أن تفقد استقلالها وأن تكمم الأفواه داخل مؤسسة عاشت على حرية البحث العلمى والتعبير المستقل عن الآراء وكان ذلك سببًا لتفوقها.. فأصبحت عند الإدارة الأمريكية مؤسسة تعادى السامية وتنشر الكراهية(!!) واستحقت عندهم أن تضم لعشرات الجامعات التى منعت عنها تمويلات حكومية تتجاوز مليارات الدولارات لأن أصواتها ارتفعت تطلب إيقاف المذابح وتطلب الحرية لفلسطين!! الرئيس الأسبق أوباما (وهو خريج هارفارد) طالب كل الجامعات بأن تسير على طريقها وتتمسك باستقلالها.. الخطر لا ينحصر داخل الجامعات التى ستفقد مكانتها إذا استمرت الحملة عليها.. الخطر يمتد إلى كل منابر الرأى وكل مراكز التأثير الثقافى والفنى إلى جانب البحث الأكاديمى، الكل يتذكر هجمة المكارثية فى منتصف القرن الماضى حين أصبح كل المفكرين والمبدعين يواجهون تهمة الشيوعية.. الآن أصبح كل صوت ينحاز للعدل والحرية ويرفض الإبادة الجماعية والتهجير القسرى للفلسطينيين هو صوت يعادى السامية ويكره أمريكا لأنه فقط يدين جرائم مجرمى الحرب الإسرائيليين!!عندما بدأت هذه الموجة الجديدة من «المكارثية» بدأت جامعات أوروبا على الفور فى محاولة اجتذاب الكفاءات المميزة من جامعات أمريكا وبدأ الطلبة الأجانب فى تغيير وجهتهم إلى خارج أمريكا لكن المعركة مازالت فى بدايتها والصراع مرشح للتصاعد حول أهم ما تملكه أمريكا: جامعاتها ومراكز البحث العلمى وجيش الإبداع الفنى والثقافى وكل عناصر قوتها الناعمة التى صنعت صورة أمريكا وأكدت مكانتها التى تواجه الآن اختبارًا قاسيًا!!