فى قلب أمريكا، وفى ظل حملة ترويع لإسكات أى صوت يدين المذابح الإسرائيلية ويرفض الدعم الأمريكى لها، ومع قرارات بطرد طلاب وفصل أساتذة بأرقى الجامعات الأمريكية لأنهم طلبوا العدالة لفلسطين.. وسط هذا المناخ الذى يعيد إحياء «المكارثية» التى عانى منها أحرار أمريكا طويلا.. يرتفع صوت الحق ليقول إن الصمت مستحيل، وإن الجريمة التى تتم لا يمكن تبريرها أو السكوت عليها، فما بالك بعار المشاركة فيها!! بالأمس.. تحول احتفال شركة «مايكروسوفت» الأمريكية العملاقة بعيدها الخمسين إلى فضيحة مدوية. فى حضور قيادات الشركة وعلى رأسهم الملياردير الشهير «بيل جيتس»، وبينما كان أحد المسئولين يتحدث عن إنجازات الشركة العملاقة فى مجال الذكاء الاصطناعى، وقفت شابة من كوادر الشركة المتميزة لتتهم الشركة بدعم إسرائيل بهذه البرامج خلال حربها فى غزة، ولتصيح فى وجه الجميع: أيديكم مطلخة بالدماء. عار عليكم. أنتم تشاركون اسرائيل فى قتل الأطفال. كانت الشابة «ابتهال أبو السعد» خريجة هارفارد بتفوق والمغربية الأصل قد فقدت القدرة على تحمل الصمت. شرحت موقفها فى رسالة لكل زملائها العاملين فى الشركة. قالت إنها لم تجد خيارا أخلاقيا آخر لتعبر عن رأيها بعد أن اكتشفت أن الشركة تبيع أسلحة الذكاء الاصطناعى للجيش الإسرائيلى لتستخدم فى الإبادة الجماعية. وأنها حاولت إيصال صوتها للإدارة فلم تنجح مثل كثيرين حاولوا وتعرضوا للعقاب أو الفصل.. وهو «بالتأكيد» ما ستلقاه أيضا هذه الشابة بعد أن فضحت الجريمة وبعد أن كشفت للجميع أن الصمت على قتل شعب هو المستحيل بعينه، وأن المشاركة فى الجريمة لا يمكن أن تمر بلا عقاب!! ما فعلته ابتهال أبو السعد هو ما فعله الآلاف من شباب الجامعات وأساتذتها فى أمريكا الذين تتم مطاردتهم الآن.. وهو ما يفعله عضو الشيوخ اليهودى المستقل «ساندرز» الذى قاد الحملة لمنع تسليح إسرائيل وأدان كل جرائمها. وهو ما يثير جنون اللوبى الصهيونى واليمين العنصرى فى أمريكا وكل أنحاء العالم. لكن حملات الترويع والاتهامات (التى لم يعد يصدقها أحد) بالعداء للسامية لم تعد قادرة على مواجهة الحقيقة ولا فرض الصمت على من يرون النازية الصهيونية تقوم بالإبادة الجماعية وتقتل الأطفال وتستمر فى المذابح. ثم تجد من يمدها بالسلاح ويساعدها للهروب من العقاب!! فى النهاية.. لن يدوم الصمت الدولى على جرائم إسرائيل. الشعوب ستفرض كلمتها وستحاسب الجميع.. من يرتكب المذابح، ومن يدعم بالسلاح أو المال أو السياسة، ومن يقدم قنابل الموت أو أسلحة الذكاء الاصطناعى. الحساب قادم والصمت مستحيل!!