تصاعدت حدة التباين في وجهات النظر بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورجل الأعمال البارز إيلون ماسك، وذلك بعد أن أعرب الأخير عن قلقه إزاء التقارير التي تشير إلى نية ترامب إجراء تخفيضات كبيرة في ميزانية وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا". ويأتي هذا التصريح من ماسك، الذي كان قد كُلف سابقًا بقيادة حملة للقضاء على "الهدر والاحتيال وإساءة الاستخدام" في الحكومة الفيدرالية، في الوقت الذي نفذت فيه الوزارة المعنية بالكفاءة الحكومية، التي كان يرأسها ماسك، توجيهات بتقليص التمويل والموظفين في مختلف الوكالات. وتُعد هذه التعليقات ثاني خلاف علني كبير بين الرجلين في ملفات ذات تأثير مباشر على شركات ماسك، وسط تقارير متزايدة حول قرب تنحيه عن منصبه في الوزارة. بالإضافة إلى ذلك، أشارت تقارير صحفية إلى انحراف ماسك عن خط الحزب الجمهوري فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية، حيث وجه انتقادات متكررة لبيتر نافارو، أحد أبرز الداعمين لأجندة ترامب التجارية، وذلك بعد فرض الإدارة رسومًا جمركية باهظة على شركاء التجارة العالميين، وهو ما تسبب في تقلبات سوقية كبيرة وخسائر تقدر بمليارات الدولارات لشركة "تسلا" التي يملكها ماسك. قلق بشأن ميزانية ناسا في ظل مصالح سبيس إكس تزامن أحدث انتقاد لماسك لسياسات الإدارة الأمريكية مع ظهور تقارير يوم الجمعة الماضي حول تخفيضات محتملة في تمويل وكالة "ناسا"، علمًا بأن شركة "سبيس إكس" المملوكة لماسك تُعد من أكبر المتعاقدين مع الوكالة الفضائية. وعلق الرئيس التنفيذي ل "سبيس إكس" على تقرير نشره موقع "آرس تكنيكا" المتخصص في أخبار التكنولوجيا، والذي أفاد بأن مشروع الميزانية المقترح من مكتب الإدارة والميزانية ل "ناسا" يتضمن خفضًا بنحو 20% من إجمالي ميزانية الوكالة، و50% من تمويل وكالة العلوم التابعة لها. اقرأ أيضا الولاياتالمتحدة: الاستئناف يسمح لوزارة ماسك بالوصول إلى البيانات الحساسة وعبر ماسك عن دعمه القوي للعلم، لكنه أشار إلى أنه "لسوء الحظ لا يستطيع المشاركة في مناقشات ميزانية ناسا، بسبب كون سبيس إكس متعاقدًا رئيسيًا مع ناسا". من جانبه، صرح متحدث باسم "ناسا" لصحيفة "بوليتيكو" بأن الوكالة اطلعت على إقرار الإدارة لميزانية عام 2026 وأنها "بدأت عملية المداولة"، لكنه امتنع عن تقديم المزيد من التعليقات حول تفاصيل الميزانية أو تصريحات ماسك. علاقات متداخلة مع مرشح محتمل لإدارة ناسا ,على الرغم من احتمال استبعاد ماسك من مناقشات ميزانية الوكالة، إلا أنه يتمتع بعلاقة طويلة الأمد مع جاريد إيزاكمان، المرشح المحتمل الذي اختاره ترامب لمنصب مدير "ناسا"، حيث استثمرت شركته لمعالجة المدفوعات "شيفت 4" في شركة "سبيس إكس". وقد سعى إيزاكمان إلى النأي بنفسه عن الرئيس التنفيذي ل "سبيس إكس" خلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ الأسبوع الماضي، حيث رفض التأكيد بشكل مباشر على حضور ماسك مقابلة العمل الأولى مع الرئيس. ويبدو أن العلاقة بين ترامب وماسك، التي شهدت تقاربًا في فترات سابقة، تتجه نحو مزيد من التوتر في ظل هذه الخلافات المتصاعدة حول قضايا محورية مثل الإنفاق الحكومي والسياسات التجارية وتمويل قطاعات حيوية كالفضاء. البيت الأبيض يرد على انتقادات ماسك لنافارو وترامب يشيد بعمله في خفض الإنفاق هذا وردت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، كارولين ليفيت، بتهكم على الانتقادات السابقة التي وجهها إيلون ماسك لبيتر نافارو، أحد أبرز مساعدي الرئيس السابق دونالد ترامب في الشؤون التجارية، واصفةً إياه ب "الأحمق" و"بيتر ريتاردو". وقالت ليفيت للصحفيين خلال مؤتمر صحفي: "الأولاد سيبقون أولادًا، وسوف نسمح باستمرار مناوشاتهم العلنية"، في إشارة إلى الخلاف العلني بين ماسك ونافارو. وفي المقابل، واصل الرئيس السابق ترامب الإشادة بعمل ماسك وفريقه في وزارة كفاءة الحكومة، حيث قال له خلال اجتماع وزاري يوم الخميس: "فريقك رائع، نأمل أن يستمر وجودهم معنا لفترة طويلة، ونرغب في الاحتفاظ بأكبر عدد ممكن منهم". تخفيضات محتملة في تمويل الأبحاث تثير قلقًا وفي سياق متصل، اتخذت الإدارة الأمريكية خطوات نحو إجراء تخفيضات كبيرة في تمويل الأبحاث في مجالات أخرى، بما في ذلك إلغاء تمويل برنامج أبحاث التغير العالمي في الولاياتالمتحدة، المسؤول عن إصدار تقرير المناخ الوطني الذي أقره الكونجرس. يُذكر أن الاقتراح بخفض تمويل وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" من المرجح أن يواجه مقاومة من الكونجرس، الذي يقع على عاتقه مسؤولية إنهاء الميزانية قبل تسليمها للرئيس للتوقيع عليها لتصبح قانونًا نافذًا. وتأتي هذه التطورات في ظل ترقب لما ستؤول إليه العلاقة بين ترامب وماسك، خاصة مع تباين وجهات نظرهما حول ملفات حيوية مثل تمويل البحث العلمي والإنفاق الحكومي، وتأثير ذلك على قطاعات مهمة كالفضاء والتكنولوجيا.