في الآونة الأخيرة، انتشرت العديد من الحوادث التي تتعلق بأشخاص يستغلون ثقة الآخرين ويخدعونهم تحت مسميات مثل السحر والأعمال الروحانية. إحدى هذه الحوادث التي لفتت الانتباه بشكل كبير، عندما تم القبض على رجل بتهمة النصب والاحتيال في منطقة الدقي، بعد أن استولى على أموال العديد من النساء مقابل وعود كاذبة بحل مشكلاتهم أو تحقيق أحلامهم من خلال «السحر» أو بالمعنى المعلن عنه، «الأعمال الروحانية». هذه الواقعة لم تسلط الضوء فقط على كيفية استغلال بعض الأشخاص لضعف وحاجة الآخرين، بل تكشف إلى أي مدى ينجرف البعض ويلقي بنفسه طواعية أسيرًا لوعود كاذبة.. تفاصيل أكثر عن دجال الدقي في السطور التالية. كان الرجل فقيرًا معدمًا، يعمل أجيرًا كل حين وحين، وظروفه الاقتصادية بلغت من السوء كل مبلغ لكن، وفي طرفة عين انتقل الرجل من ضيق الحال إلى سعة في الرزق، لم تكن مجرد سعة طبيعية، بل كانت غير ذلك، يشبه الأمر بشحاذ قد تجده الليلة أمام منزلك يطلب منك بعض الجنيهات، وفي الصباح تفاجأ به يقود سيارة فارهة، هكذا جرى الحال مع دجال الدقي. البعض ظن أن الرجل وقع على كنز، أو ربما نداهة المال قد ندهته، حتى في محيطه، لم يكن هناك أي مؤشر على ثراء الرجل بهذه الطريقة، الأمر الذي فتح بابا من التساؤلات التي لا إجابة لها، لكن الأيام كانت كفيلة لكشف حقيقة الأمر، واتضح أنه لم يستخرج كنزًا ولم تفتح له مغارة علي بابا، كل ما في الأمر، أنه اصبح دجالا هكذا بكل بساطة دون كد أو عمل. عالم روحاني! صدقا، لم يكن هذا الرجل من سكان الدقي، ولا يقيم فيه حتى ولو على سبيل الإيجار، بل أنه يقيم بدائرة مركز شرطة البدرشين، لكن انطلق من منطقته لأماكن أخرى، وكان يعتمد في ممارسة النصب من خلال الخرافات والشعوذة على سكان الأحياء الراقية، ظنًا منه لامتلاكهم المال، ولاعتقاد منه بأنهم سيدفعون أي مبالغ في سبيل تحقيق أحلامهم خاصة النساء منهم، وهذه الأخيرة كانت مربط الفرس لديه، لأنه استطاع أن يقنع من حوله أنهم عالم روحاني، له صلة قوية بعالم الجن والعفاريت، ويستطيع أن يحل المعقود ويقرأ الطالع، ويستدعي الحبيب ويزوج العانس، بل وأكثر من ذلك، تمادى إلى الحد الذي أقنع فيه ضحاياه بأنه قادر على أن يجعل الأزواج أداة طيعة في أيدي زوجاتهم، وللأسف صدقه النساء حتى وقعن في حبائله عن طريق منصات التواصل الاجتماعي خاصة الفيس بوك. على الناحية الأخرى، شكل عدة نصب محكمة، كانت غرضها إيقاع الضحايا في شباكه، وبالفعل، سقطن واحدة تلو الأخرى، وفي كل مرة كان يتحصل على أموال مضاعفة، الأمر الذي نقله من ضيق الحال والفقر المدقع – كما كان يعرف سابقًا – إلى الغنى الفاحش والثروة التي لا آخر لها. أضف إلى ذلك، أنه حدد ضحاياه بعناية، واختارهم من النساء فقط، وكان يستدرجهن عن طريق السوشيال ميديا التي اتقنها، يدخل للسيدة ويحكي لها عن تفاصيل عرفها عن حياتها بطريقة غير مباشرة، ويقول لها ما وصل إليه عنها من مشكلات، ويبدي استعداده لمساعدتها مقابل بعض الأموال، وللأسف الكثير منهن كان يقعن في شباكه. سقوط مدوى ولكن لأن أي جرم، مهما حاول صاحبه أن يخفيه قدر المستطاع، له حين ويُكشف، وتم القبض عليه متلبسًا في إحدى شقق منطقة الدقي، في منزل إحدى ضحاياه، وهو يقنعها بفك سحر معمول لها. البداية كانت عبارة عن كمين، استدرج إليه، ولأنه كان غرضه المال، انجرف نحو الكمين متحصنا بعدة نصبه، وفي الخية، أقصد الشقة، سقط متلبسا. تعود البداية عندنا تمكنت الإدارة العامة لحماية الآداب، من ضبط دجال الدقي؛ لقيامه بالنصب والاحتيال على السيدات بزعم قدرته على العلاج الروحاني ومزاولة أعمال السحر والشعوذة؛حيث أكدت معلومات وتحريات الإدارة العامة لحماية الآداب بقطاع الشرطة المتخصصة قيام أحد الأشخاص، له معلومات جنائية، يقيم بدائرة مركز شرطة البدرشين بالجيزة، بالنصب والاحتيال على المواطنين من خلال ادعاء قدرته على مزاولة أعمال الدجل والسحر، وإيهامهم بقدرته على العلاج الروحاني مقابل مبالغ مالية، والترويج لنشاطه الإجرامي عبر مواقع التواصل الاجتماعي. عقب تقنين الإجراءات ضبط حال تواجده بدائرة قسم شرطة الدقي بالجيزة، وبحوزته بعض الأدوات المستخدمة في ممارسة نشاطه الإجرامي، بالإضافة إلى هاتف محمول، وبفحصه فنيًا تبين احتوائه على دلائل تؤكد نشاطه الإجرامي. اعترافات أمام النياية العامة، أدلى دجال الدقي، المتهم بالنصب والاحتيال على السيدات من خلال مزاولة أعمال الدجل والسحر بزعم فك أعمال السحر حيث أوضح؛ أنه كان يوهم ضحاياه بقدرته على العلاج الروحاني مقابل مبالغ مالية، وأضاف النصاب: «كنت بقنع الستات بإني قادر على جلب الحبيب وفك الأسحار، عن طريق جلسات روحانية كنت بعملها ليهم مقابل مبالغ مالية». إلى جانب ذلك، اعترف تفصيليًا بأنه كان يستقطب ضحاياه عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ويحدد لهن جلسات روحانية، حيث كان يطلب منهن صورًا شخصية وأسمائهن، بزعم أنه يعاونه جن سخره لحل مشكلاتهن قبل الجلسة. وتابع اعترافاته؛ بأنه كان يسوق لنفسه عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، فاشترى شموع وبخور وعرائس وكتب طلاسم على أوراق، وعرضهم على الفيس بوك، كنوع من أعماله لاستقطاب ضحاياه، وأنه بتلك الطريقة نجح – على حد تعبيره – في استقطاب عدد كبير من الزبائن وذاع صيته في المنطقة. وراجع في اعترافاته كيف بدأت القصة، وكيف تحول من شاب مدمن، سبق واتهم في قضية مخدرات، وخرج من السجن بعد قضاء فترة عقوبته، إلى أن أصبح دجالا، حيث كان يدعي أنه يمتلك قدرات خارقة تمكنه من حل المشكلات العائلية، وجلب الرزق، وحتى تحقيق الزواج أو النجاح في العمل. كان ضحاياه في الغالب من الأشخاص الذين يمرون بظروف صعبة، سواء كانت مادية أو عاطفية أو صحية. جينها استغل هذه الظروف وعرض عليهم حلولاً وهمية مقابل مبالغ مالية كبيرة. كان يستخدم أساليب متعددة لإقناع ضحاياه. على سبيل المثال، كان ينظم طقوسًا استعراضية يظهر فيها بملابس غريبة ويستخدم الشموع والبخور وكلمات مبهمة لإيهام الناس بأنه يمتلك قوى خارقة. كما كان يدعي أنه يتواصل مع «العالم الآخر» وأنه قادر على حل المشكلات من خلال «الأرواح الطيبة». في الواقع، كل هذه الممارسات كانت مجرد خدع لاستغلال الناس وأخذ أموالهم. لكن، كما يُقال، «كل خدعة لها نهاية». في حالة دجال الدقي، لم تستمر خدعته طويلاً. بعد أن خسرت إحدى الضحايا مبلغًا كبيرًا من المال، دون أن ترى أي نتائج من الوعود الكاذبة، حينها قررت الإبلاغ عن الأمر إلى الشرطة، وبدأت التحقيقات، وتبين أن الرجل لديه سجل طويل في النصب والاحتيال، وتم القبض عليه متلبسا في كمين داخل شقتها، وكشفت التحريات أنه استولى على أموال العديد من الأشخاص من مختلف الفئات الاجتماعية. عقب تقنين الإجراءات، تمكنت الأجهزة الأمنية من ضبطه، وبمواجهته اعترف بارتكاب الواقعة، فتم تحرير محضر، وتولت النيابة التحقيق. اقرأ أيضا: أوهم الضحايا بالعلاج الروحاني.. «دجال كرموز» في قبضة المباحث