يتيح الذكاء الاصطناعي لصناع الأفلام تجاوز الحدود التقليدية للإبداع، حيث يمكنه توليد سيناريوهات متكاملة، وتصميم مشاهد خيالية بدقة فائقة، وحتى إعادة إحياء شخصيات سينمائية قديمة بواقعية مذهلة، في هذا العالم الجديد، تتحول الأفكار إلى صور متحركة بمجرد إدخال بعض الأوامر، مما يختصر عمليات الإنتاج ويمنح المبدعين حرية غير مسبوقة. بدأت بعض المهرجانات السينمائية تتبنى هذه الثورة التكنولوجية، مخصصةً أقساما خاصة للأفلام التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، مما يفتح الباب أمام جيل جديد من المخرجين لا يقتصر إبداعهم على الكاميرا التقليدية، بل يمتد إلى الأكواد والخوارزميات، ورغم ما يثيره هذا التطور من جدل حول مستقبل الإبداع البشري، لا شك أن الذكاء الاصطناعي بات شريكا رئيسيا في صياغة قصص المستقبل. الذكاء الاصطناعي لطالما ارتبط الإبداع السينمائي برؤية الإنسان وخياله، لكن دخول الذكاء الاصطناعي في عملية الإنتاج السينمائي أوجد بعدا جديدا يثير التساؤلات حول مفهوم الإبداع, وفي ظل التطور السريع للذكاء الاصطناعي ودخوله في مختلف المجالات، لم يكن من المستغرب أن يقتحم هذا المجال عالم السينما, فاليوم يمكنه كتابة سيناريوهات، وتحليل الأنماط السينمائية لإنشاء مشاهد تتناسب مع أذواق الجماهير، بل وحتى إنتاج أفلام قصيرة ورسوم متحركة بالكامل دون تدخل بشري كبير. ومع هذا التطور، بدأت بعض المهرجانات السينمائية تخصص أقساما أو تنشئ فعاليات مستقلة تحتفي بهذه النوعية الجديدة من الأفلام, بعض المخرجين بدأوا بالفعل في دمج أدوات الذكاء الاصطناعي في أعمالهم، إما لإنشاء مؤثرات بصرية متطورة، أو لتسريع عمليات المونتاج، أو حتى لإنتاج ممثلين رقميين قادرين على أداء أدوار معقدة, هذا التوجه دفع المهرجانات السينمائية إلى الاعتراف بهذه الظاهرة واتاحة الفرصة لعرض هذه الأعمال ومناقشة تأثيرها على مستقبل السينما. وفي خطوة تعكس هذا التطور السريع في صناعة السينما وتوظيف التكنولوجيا الحديثة في الإبداع البصري، أعلنت إدارة مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير عن إطلاق مسابقة جديدة مخصصة للأفلام المصنوعة بالكامل بتقنية الذكاء الاصطناعي، وذلك بدءا من النسخة الحادية عشرة للمهرجان، التي ستقام في الفترة من 27 إبريل إلى 2 مايو 2025. تأتي هذه المبادرة لتعزيز الابتكار في المشهد السينمائي المصري، حيث تهدف إلى دمج أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي مع الفن السابع، مما يفتح آفاقا غير مسبوقة لصناع الأفلام, وتتيح هذه المسابقة الفرصة للمبدعين لاستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في إنتاج أفلام قصيرة، سواء بشكل جزئي أو كلي، مع التأكيد على ضرورة امتلاك المشاركين للحقوق الكاملة لأعمالهم. يدير المسابقة المخرج عمروش بدر، الذي أصر على إدراجها ضمن فعاليات هذا العام بدل من تأجيلها للعام المقبل، مما يعكس الحماس الكبير لدفع التجربة السينمائية إلى مستويات جديدة من الابتكار والإبداع. اقرأ أيضا: مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير يطلق مسابقة جديدة للأفلام المصنوعة ب AI حددت إدارة المهرجان مجموعة من الشروط للمشاركة في المسابقة، والتي تتضمن: مدة الفيلم لا تتجاوز 10 دقائق, الصيغ المقبولة: MP4، AVI، MOV بجودة HD أو أعلى. أما اللغة, فجميع اللغات مقبولة، بشرط توفير ترجمة إنجليزية إذا لم يكن الفيلم بالإنجليزية. التحكيم والجوائز, تعتمد على الإبداع، جودة استخدام الذكاء الاصطناعي، قوة السرد، والتقنيات المستخدمة. وفينا يخص الحقوق, فيحتفظ المشاركون بكامل حقوق أفلامهم، مع السماح للمهرجان باستخدام لقطات ترويجية. مدونة السلوك, يشترط الالتزام بالاحترافية وحظر أي محتوى مخالف أو غير قانوني. يحصل الفائز بجائزة أفضل فيلم مصنوع بالذكاء الاصطناعي على جائزة «هيباتيا الذهبية»، وهي إحدى الجوائز المرموقة في المهرجان. التكنولوجيا الحديثة وفقا للمخرج محمد محمود، رئيس مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير، فإن التكنولوجيا الحديثة فرضت نفسها بقوة على صناعة السينما، حيث شهد المهرجان مشاركة أكثر من 2500 فيلم، نسبة كبيرة منها مصنوعة بالكامل باستخدام الذكاء الاصطناعي, فهو يرى أن هذه التقنية سهلت بشكل كبير إنتاج أفلام الرسوم المتحركة، مما دفع المخرج عمروش بدر إلى الإصرار على إطلاق المسابقة هذا العام بدلا من تأجيلها إلى 2026. إطلاق مسابقة للأفلام المصنوعة بالذكاء الاصطناعي ضمن مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير يمثل خطوة رائدة في المهرجانات السينمائية المصرية, فمن خلال تبني التكنولوجيا الحديثة، تفتح مصر أبوابا جديدة أمام صناع الأفلام لاختبار إمكانيات الذكاء الاصطناعي في السرد البصري، مما قد يساهم في إحداث ثورة في الإنتاج السينمائي المحلي والدولي. لا شك أن هذه المسابقة ستمنح الفرص للمواهب الجديدة لاستكشاف آفاق غير محدودة من الإبداع، وتدفع صناعة السينما المصرية إلى مواكبة أحدث التطورات التكنولوجية العالمية, فهل نشهد قريبا أفلاما مصرية تعتمد بالكامل على الذكاء الاصطناعي وتنافس في المهرجانات العالمية؟، والأيام المقبلة ستحمل الإجابة!. لا يعد مهرجان الإسكندرية الأول في العالم الذي يسلط الضوء على هذه الفئة من الأفلام، فقد شهدت السنوات الأخيرة ظهور مهرجانات متخصصة في هذا المجال،حيث بدأت المهرجانات السينمائية الكبرى في تخصيص أقسام خاصة للأفلام المصنوعة بتقنيات الذكاء الاصطناعي، مما يعكس تزايد الاهتمام بهذه التقنية, ومن بين أبرز هذه المهرجانات: مهرجان تريبيكا للأفلام في نيويورك, مهرجان بوتشون السينمائي في كوريا الجنوبية, مهرجان فانكوفر الدولي للأفلام في كندا, مهرجان لندن للأفلام القصيرة. مهرجان للأفلام المصنوعة بالذكاء الاصطناعي كما شهدت نيويورك العام الماضي إطلاق أول مهرجان للأفلام المصنوعة بالذكاء الاصطناعي، بتنظيم من شركة «Runway AI» المتخصصة في إنتاج الفيديو باستخدام الذكاء الاصطناعي، حيث تم اختيار 10 أفلام فقط من بين 3 فيلم تقدموا للمشاركة، مما يعكس مدى الاهتمام المتزايد بهذه التقنية في المشهد السينمائي العالمي. أصبح الذكاء الاصطناعي أداة ثورية في مجال السينما، حيث يقدم العديد من الفوائد، من بينها: تحسين عمليات المونتاج من خلال تقنيات الرؤية الحاسوبية. إنتاج مشاهد سينمائية متقدمة بميزانيات أقل، مما يسهل على صناع الأفلام المستقلين تنفيذ أفكارهم. تحليل اهتمامات المشاهدين وتقديم محتوى مخصص يعزز تجربة المشاهدة. إمكانية خلق شخصيات رقمية متحركة قادرة على محاكاة التمثيل الواقعي. مع التطورات السريعة في الذكاء الاصطناعي، تتغير صناعة السينما بشكل جذري, لم يعد الابتكار مقتصرا على الأدوات التقليدية، بل أصبح بالإمكان تحويل أي فكرة إلى واقع بصري مدهش باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي, ولكن يظل التحدي الأكبر هو كيفية استخدام هذه التكنولوجيا لتعزيز الفن السينمائي دون المساس بروحه الإنسانية