في عالم تتسارع فيه التحديات التي تواجه التراث الثقافي، وتزداد فيه الحاجة إلى التعاون الدولي لحماية الهوية الحضارية، تأتي قمة المتاحف 2025 كمنصة عالمية تسلط الضوء على أهمية الثقافة والمتاحف في بناء مستقبل مستدام. وفي لحظة فارقة تؤكد على حضورها الريادي، شاركت مصر، ممثلة في المتحف القومي للحضارة المصرية، ولأول مرة في هذا الحدث العالمي الذي انعقد بمدينة هونج كونج، لتفتح بذلك آفاقاً جديدة للحوار الثقافي والتعاون الدولي، وتُعزز موقعها كمركز حضاري قادر على المساهمة في صياغة مستقبل العمل المتحفي على مستوى العالم. شاركت وزارة السياحة والآثار المصرية، ممثلة في المتحف القومي للحضارة المصرية، في فعاليات قمة المتاحف 2025، التي احتضنها مركز هونج كونج للمؤتمرات والمعارض بجمهورية الصين الشعبية، تحت شعار «الانطلاق إلى آفاق جديدة»، وذلك بالشراكة مع متحف غيميه - المتحف الوطني للفنون الآسيوية في فرنسا. تأتي هذه المشاركة في إطار حرص مصر على تعزيز حضورها الدولي في مجال حماية التراث الثقافي، وتأكيد دورها القيادي في تطوير القطاع المتحفي بما يتماشى مع الأجندة العالمية للتنمية المستدامة. ◄ أهمية المشاركة المصرية تُعد مشاركة مصر للمرة الأولى في قمة المتاحف خطوة محورية نحو ترسيخ التعاون الثقافي مع المؤسسات المتحفية الكبرى، واستعراض التجربة المصرية الرائدة في إدارة المتاحف وتطويرها. وقد مثّلت هذه المشاركة فرصة ثمينة للتأكيد على الدور الذي يلعبه المتحف القومي للحضارة المصرية في دعم السياحة الثقافية وتعزيز الحوار الحضاري بين الشعوب. ◄ المحاور الرئيسية للقمة ناقشت القمة مجموعة من المحاور الحيوية التي تمثل تحديات وفرصاً أمام قطاع المتاحف حول العالم، ومن أبرزها: بناء القدرات والتدريب: تم التأكيد على أهمية تطوير المهارات للعاملين في المتاحف والتراث، عبر برامج تدريبية متخصصة. حماية المتاحف من المخاطر: تم تبادل الرؤى حول كيفية حماية المتاحف من المخاطر الطبيعية والإنسانية في ظل تحديات القرن الحادي والعشرين. التكنولوجيا في خدمة المتاحف: تناولت الجلسات دور التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي في تطوير طرق العرض وجذب الزوار. الاستدامة والمتاحف: تمت مناقشة سبل دمج مفاهيم الاستدامة في العمل المتحفي على مستوى البنية التحتية والمحتوى الثقافي. المتاحف والمجتمع: تم تسليط الضوء على مساهمة المتاحف في الرفاهية المجتمعية من خلال الأنشطة الثقافية والتعليمية. ◄ جهود المتحف القومي للحضارة خلال القمة، عرض وفد المتحف القومي للحضارة المصرية أهم المبادرات والأنشطة التي يقدمها المتحف لتشجيع السياحة الثقافية، حيث تم استعراض البرامج التعليمية والتفاعلية التي تعكس التراث المصري بروح معاصرة، وهو ما جعل المتحف وجهة مفضلة للزوار من مختلف الجنسيات. كما أشار الوفد إلى الدور الكبير الذي يلعبه المتحف في دعم الاستدامة، من خلال دمج مبادئ الحفاظ على البيئة في تصميمه وأنشطته، فضلاً عن التزامه بتقديم تجربة متحفية متكاملة تلبّي تطلعات الزائرين. ◄ البرامج التدريبية وتطوير الكوادر في إطار توجيهات وزير السياحة والآثار شريف فتحي، يعمل المتحف القومي للحضارة المصرية على تطوير قدرات العاملين في المجالات الأثرية والمتحفية، من خلال إطلاق برامج تدريبية محلية ودولية بالتعاون مع جهات متخصصة، الأمر الذي يسهم في نقل الخبرات وتبادل المعرفة. اقرأ أيضا| أصل الحكاية| «لعبة السنت» رحلة في عالم الملوك داخل المتحف القومي للحضارة كما يعكف المتحف على تنظيم ورش عمل ودورات تدريبية ومحاضرات تهدف إلى نشر الوعي الثقافي والبيئي، وتستهدف فئات عمرية متنوعة، بما يعزز من دور المتحف كمؤسسة تعليمية وتنويرية. ◄ توصيات القمة شهدت القمة في ختام فعالياتها إصدار مجموعة من التوصيات الهامة التي تدعو إلى: تعزيز التعاون الدولي بين المتاحف ومراكز الأبحاث والمؤسسات الثقافية. تطوير استراتيجيات فعّالة لحماية التراث الثقافي العالمي. إدماج التكنولوجيا الحديثة في العروض والأنشطة المتحفية. تعزيز التكامل بين السياحة والثقافة لتحقيق فوائد اقتصادية مستدامة. التركيز على تعزيز دور المتاحف في خدمة المجتمعات وتحقيق التنمية. ◄ مشاركة دولية واسعة تميّزت الدورة الرابعة من القمة بمشاركة أكثر من 30 شخصية بارزة في قطاع المتاحف والتراث من 17 دولة حول العالم، من بينهم خبراء ومديرون لمتاحف عالمية وممثلون عن منظمات دولية. وقد انضمت عدة دول للمرة الأولى إلى فعاليات القمة، من بينها مصر، والمجر، والنرويج، وقطر، وتركيا، ما يعكس تزايد الاهتمام العالمي بتعزيز التعاون الثقافي. ◄ دور مصر المستقبلي من خلال هذه المشاركة المتميزة، تفتح مصر صفحة جديدة في مجال التعاون المتحفي الدولي، وتؤكد التزامها بلعب دور فاعل في تعزيز الثقافة كوسيلة للتنمية، والحفاظ على التراث كجزء من الهوية الإنسانية. ويُنتظر أن تثمر هذه المشاركة عن شراكات ثنائية وبرامج تعاون مشترك بين المتحف القومي للحضارة المصرية وعدد من المؤسسات المتحفية حول العالم. جاءت مشاركة مصر في قمة المتاحف 2025 بمثابة منصة انطلاق نحو آفاق جديدة في العمل المتحفي، عززت من خلالها مكانتها كمركز حضاري وريادي في حماية وصون التراث الثقافي. وبفضل جهود المتحف القومي للحضارة المصرية، تواصل مصر ترسيخ رسالتها الخالدة في الحفاظ على كنوز الماضي، وتقديمها للعالم بأساليب عصرية تُثري التجربة الإنسانية وتدعم استدامة المستقبل.