تصاعدت المخاوف العالمية من أن سياسات الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» قد تدفع العالم نحو صراع شامل، وربما حتى حرب عالمية ثالثة، خاصة بعد سلسلة قراراته المثيرة للجدل في الشرق الأوسط؛ بدءًا من دعمه للعمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة مرورًا بأوروبا وموقفه من الحرب الروسية الأوكرانية ووصولًا إلى مواقفه المتشددة تجاه الصين، بالإضافة إلى تقليص الدعم عن المنظمات الدولية. وتُعدّ أفعال ترامب وتصريحاته بعد توليه الرئاسة عاملًا حاسمًا في تنامي عدم الاستقرار الجيوسياسي. ◄ قلق من تقاربه مع روسيا وتهديداته بخفض الدعم للناتو ◄ واشنطن تدعم إسرائيل في إجراءاتها الأخيرة بغزة لطالما كانت منطقة الشرق الأوسط منطقةً محفوفةً بالصراعات، إلا أن التطورات الأخيرة، لا سيما فيما يتعلق بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني المستمر، صعّدت التوترات إلى مستوياتٍ جديدة. وقد أثار دعم ترامب الثابت لإسرائيل خلال فترة رئاسته، وتأييده المستمر للأعمال العسكرية الإسرائيلية فى غزة، انتقاداتٍ عالمية. في أواخر عام 2024، أعاد ترامب تأكيد دعمه الثابت للعمليات العسكرية الإسرائيلية فى غزة، عقب سلسلة من الغارات الجوية المدمرة التى شنتها إسرائيل. ◄ دعم غير مشروط كما أعلن البيت الأبيض أن الولاياتالمتحدة تدعم إسرائيل بشكل كامل في إجراءاتها الأخيرة، هذا الدعم المطلق جاء بالتزامن مع تصاعد الضربات الإسرائيلية ورفض وقف إطلاق النار، مما زاد من حدة التوترات فى المنطقة، كما أشارت تقارير إلى أن ترامب يدعم خطة إسرائيلية لضم أجزاء من غزة وإعادة توطين سكانها، مما يزيد من تعقيد الأزمة الإنسانية، ويعزز فكرة أن سياسات ترامب تتماشى مع الاستراتيجيات العسكرية الإسرائيلية العدوانية، وفقًا لصحيفة «الجارديان» البريطانية. وقد أدى هذا الدعم غير المشروط لإسرائيل، إلى جانب رفض ترامب لدعوات وقف إطلاق النار، إلى زيادة المخاوف من عدم الاستقرار الإقليمى. ويرى بعض المحللين أن هذا الدعم الثابت قد يجر الولاياتالمتحدة إلى عمق الصراع، خاصة إذا أدت الإجراءات الإسرائيلية فى غزة إلى إثارة صراعات إقليمية أوسع نطاقاً تشمل إيران أو حزب الله، مما يزيد من تأجيج التوترات فى الشرق الأوسط، وإذا تحقق هذا السيناريو، فقد يدفع المنطقة - وربما العالم - نحو صراع أوسع. ◄ تايوانوالصين في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، شكلت سياسات ترامب وخطاباته تجاه الصين مصدر توتر دائما، حيث خاض ترامب حربًا تجارية مع الصين، وفرض رسومًا جمركية واتهم بكين بممارسات تجارية غير عادلة، وبينما اتخذت إدارة بايدن نهجًا مختلفًا بعض الشىء، يواصل ترامب الدعوة إلى موقف أكثر عدائية تجاه الصين، وخاصةً فيما يتعلق بتايوان، لا تزال تايوان واحدة من أكثر بؤر التوتر تقلبًا فى السياسة العالمية. تعتبر الصين، تايوان مقاطعة انفصالية، وقد أوضحت بكين أنها تسعى لإعادة توحيدها بأى وسيلة، وقد أدى دعم ترامب الصريح لتايوان، إلى جانب دعواته لزيادة الوجود العسكرى فى المنطقة، إلى تصعيد التوترات بشكل كبير. ومؤخرًا، وفقًا لصحيفة «لوس أنجلوس تايمز»، أيد ترامب علنًا التزامًا أمريكيًا أقوى بالدفاع عن تايوان، داعيًا الولاياتالمتحدة إلى تقديم المزيد من المساعدة العسكرية للجزيرة، ويُقوّض هذا الخطاب سياسة «الصين الواحدة»، التى شكّلت حجر الزاوية فى السياسة الخارجية الأمريكية لعقود، وبينما حافظ المسئولون الأمريكيون على سياسة «الغموض الاستراتيجى»، أملاً فى ردع بكين عن مهاجمة تايوان، ومنع تايوان من إعلان استقلالها، فإن دعوات ترامب لزيادة الدعم لتايوان قد تُثير مواجهة عسكرية مباشرة مع الصين، وبالنظر إلى المخاطر فى مضيق تايوان، فإن أى تصعيد فى العلاقات الأمريكيةالصينية قد يتفاقم بسرعة ويتحول إلى صراع أوسع نطاقاً، مما قد يجرّ قوى أخرى إلى مواجهة. ◄ «روسياأوكرانيا» لطالما كانت علاقة ترامب بروسيا موضع تدقيق، حيث اتهمه النقاد بالمبالغة فى ودِّه تجاه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وقد أثارت تصريحات ترامب قلقًا بالغًا، فقد أشاد ببوتين ل»قوته» و«دهائه» في التعامل مع الغرب. وقد أثار هذا الموقف قلق حلفاء الناتو ودول أوروبا الشرقية، التى ترى فى روسيا تهديدًا متزايدًا للأمن الأوروبي، وقد حاول ترامب تسريع وقف إطلاق النار بين روسياوأوكرانيا، لكن جهوده اصطدمت برفض روسى واضح، كما ربط ترامب اتفاق السلام بصفقة تجارية حول المعادن، مما أثار تساؤلات حول جدية هذه الجهود وإمكانية تحقيق حلول دائمة، وفقًا لصحيفة «نيويورك تايمز». إن إحجام ترامب عن دعم أوكرانيا بالكامل، إلى جانب خطابه الذى يُقلل من شأن التهديدات الروسية، قد يُرسل إشارات خطيرة إلى كل من روسيا وحلف الناتو، إذا استمرت الحرب فى أوكرانيا فى التصعيد، أو إذا أدى خطأ فى التقدير إلى مواجهة مباشرة بين الناتو وروسيا، فإن خطر اندلاع حرب أوسع نطاقًا سيزداد. ◄ الناتو وأوروبا سياسات ترامب، التى غالبًا ما تُقوّض القنوات الدبلوماسية التقليدية، قد تُمهد الطريق لمزيد من عدم الاستقرار فى أوروبا وخارجها.. بحسب الصحيفة الأمريكية، أظهر ترامب عداءً متزايدًا تجاه حلف الناتو، حيث قلص الدعم الأمريكى للحلف، مما أضعف الأمن الأوروبى وزاد من التوترات مع روسيا، هذا التوجه يعكس سياسة ترامب فى تحجيم دور أوروبا على الساحة الدولية، مما قد يفتح الباب أمام تصاعد النزاعات الإقليمية، فيما سيتم استبعاد شركات الأسلحة الأمريكية من مبادرة الاتحاد الأوروبى للإنفاق الدفاعى البالغة 165 مليار دولار، وفقًا لصحيفة «فايننشيال تايمز»، نقلاً عن مسئولين لم تُسمّهم، وتمثل هذه الخطوة تحوّلا شهد زخمًا منذ بضع سنوات وتسارع فى عهد ترامب؛ الذى أوضح أنه يريد من أوروبا تحمّل مسئولية أكبر عن دفاعها ودورًا أكبر فى الناتو، مع تحويل الولاياتالمتحدة تركيزها إلى المنافسة مع الصين. وتأتي هذه الخطوة أيضًا فى خضمّ تحوّلات جيوسياسية أوسع نطاقًا، بما فى ذلك المخاوف بشأن عدم القدرة على التنبؤ بالسياسة الأمريكية، ويأتى ذلك فى الوقت الذى تشهد فيه الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي خلافات تجارية، حيث تبادلا الرسوم الجمركية، فى تبادل بدأه ترامب وصعّدته بروكسل. ◄ المُنظمات الدولية كما أثار نهج ترامب فى السياسة الخارجية، مخاوف بشأن مستقبل التحالفات العالمية، وكثيراً ما تُرجم شعاره «أمريكا أولاً» إلى تشكيك فى التعددية والتعاون الدولى، وقد بعث انسحابه من العديد من الاتفاقيات الدولية - مثل اتفاقية باريس للمناخ والاتفاق النووى الإيرانى - برسالة مفادها أن الولاياتالمتحدة أصبحت أقل التزاماً بالعمل ضمن الأطر الراسخة للدبلوماسية العالمية، كما قطع ترامب الدعم عن منظمات دولية رئيسية مثل منظمة الصحة العالمية، مما أثر على قدرة هذه المنظمات على الاستجابة للأزمات الصحية والإنسانية، هذا الانسحاب من الدور القيادى العالمى يزيد من فرص تفاقم الأزمات وعدم الاستقرار. في حين أنه من السابق لأوانه الجزم بأن ترامب يدفع العالم نحو حرب عالمية ثالثة، تشير الدلائل إلى أن خطابه وسياساته تُسهم في تصاعد التوترات في مناطق متعددة. فدعمه الثابت للعمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، وموقفه المتشدد من الصين، وخطابه المؤيد لروسيا، كلها عوامل تُسهم في زيادة عدم الاستقرار العالمي. لا يزال الوضع متقلبًا، ويعتمد الكثير على كيفية استجابة القوى العالمية الأخرى لنفوذ ترامب، ويبقى أن نرى ما إذا كانت أفعال ترامب ستؤدى مباشرةً إلى حرب عالمية ثالثة، لكن استمرار نفوذه في الشئون العالمية يزيد الوضع غموضًا.