يشهد العالم حاليا لحظة حرجة، مع تصاعد التوترات فى الشرق الأوسط، وخاصة بين إسرائيل وحزب الله في لبنان وإلى جانب التطورات الجيوسياسية الأوسع، بما فى ذلك الصراع الدائر بين روسياوأوكرانيا. وقد أثارت الأحداث الأخيرة مخاوف بشأن احتمال اندلاع صراع أوسع نطاقا، مع مخاوف من أن يتحول الوضع إلى حرب عالمية ثالثة وتصاعد الحرب السيبرانية؛ حيث تعمل الحرب الروسية الأوكرانية كنقطة محورية للقلق العالمى، وتمتد تداعيات هذه الحرب إلى ما هو أبعد من المنطقة المباشرة، حيث تشمل حلف شمال الأطلسى «الناتو» والولاياتالمتحدة وقوى عالمية أخرى. ◄ الضربات الإسرائيلية الأخيرة تشير إلى تحول كبير في الصراع ◄ أوكرانيا تضع الصراع بين أوروبا وروسيا عند مفترق الطرق ■ انفجارات الأجهزة اللاسلكية هي الأحدث في سلسلة طويلة من العمليات السرية الإسرائيلية خلال الأسبوع الماضى، هزت سلسلة من الانفجارات المدمرة لبنان، مرتبطة بأجهزة اتصال تستخدمها فى المقام الأول جماعة حزب الله. وشهدت الأيام التالية المزيد من الفوضى مع انفجار أجهزة لاسلكية وأجهزة إلكترونية أخرى في جميع أنحاء البلاد، التى نسبت إلى إسرائيل. وتشير الضربات الإسرائيلية الأخيرة إلى تحول فى الصراع. ومثل هذه الإجراءات لا تهدد بتصعيد العنف فى لبنان فحسب، بل وتؤدى أيضًا إلى إشعال صراعات إقليمية أوسع نطاقًا، مما قد يجذب قوى أخرى. بات الشرق الأوسط عبارة عن برميل بارود من الصراعات المتقاطعة. ولا تزال القضية الفلسطينية دون حل، مع اشتعال استمرار وحشية الكيان الصهيونى، بالإضافة إلى الحرب الأهلية فى سوريا وخلق أزمة لاجئين وزعزعة استقرار الدول المجاورة. ■ أنقاض المباني المدمرة في دير البلح، غزة ◄ طبيعة الحرب ويمثل هذا الحادث تحولًا كبيرًا فى طبيعة الحرب، حيث تتشابك الاستراتيجيات العسكرية التقليدية مع القدرات السيبرانية المتقدمة. وتمتد آثار هذا الحدث إلى ما هو أبعد من الخسائر المباشرة، مما يشير إلى مرحلة جديدة فى الصراع المستمر بين إسرائيل وحزب الله. إن التصعيد فى هذه المنطقة قد يجتذب القوى العالمية ويخلق صراعًا متعدد الجبهات، مما يؤدى إلى تفاقم التوترات القائمة مع روسيا والناتو. وفى أعقاب هذه الهجمات، أشار المسئولون الإسرائيليون إلى تحول استراتيجى نحو لبنان، وفقًا لشبكة «NBCnews» وصحيفة «واشنطن بوست». وقد تمتد تداعيات هذه الأحداث إلى ما هو أبعد من لبنان وإسرائيل، وتؤكد على منعطف حرج فى الجغرافيا السياسية فى الشرق الأوسط. ■ بايدن قدم الدعم العسكري لإسرائيل منذ بداية الحرب ومع استخدام إسرائيل تكتيكات الحرب السيبرانية ضد حزب الله، فإنها لا تغير ديناميكيات هذا الصراع المحدد فحسب، بل إنها تشكل أيضا سابقة للاشتباكات المستقبلية فى جميع أنحاء العالم. إن دمج التكنولوجيا فى الحرب يعقد المفاهيم التقليدية للقتال ويثير أسئلة ملحة حول الأمن والأخلاق فى عالم مترابط بشكل متزايد. وفي الوقت نفسه، اجتذبت الحرب الدائرة بين روسياوأوكرانيا انتباه العالم، مما أدى إلى تحويل الموارد والتركيز بعيدًا عن الشرق الأوسط. ومع ذلك، فإن تورط الغرب فى أوكرانيا من شأنه أيضًا أن يعقِّد موقفه فى الشرق الأوسط. قد ترى دول عدة فى انشغال الغرب بأوكرانيا فرصة لتوسيع نفوذها فى المنطقة دون مواجهة عواقب وخيمة. وقد يؤدى هذا إلى مواجهة متعددة الأوجه حيث تتشابك الصراعات فى أوروبا والشرق الأوسط. ■ فلسطينيون يتفقدون الأضرار في موقع غارة إسرائيلية في رفح ◄ اقرأ أيضًا | انتخابات أمريكا 2024| ترامب: هاريس لن تتمكن من منع اندلاع حرب عالمية ◄ تأجيج العداء كان تفكك الاتحاد السوفيتي عام 1991 بمثابة تحول كبير فى ميزان القوى، مما أدى إلى التوسع غربًا للناتو. وقد اعتبرت روسيا هذا التوسع تهديدًا مباشرًا لمجال نفوذها، مما أدى إلى تأجيج العداء وانعدام الثقة. وقد أدت أزمة شبه جزيرة القرم عام 2014 والصراع الدائر فى شرق أوكرانيا إلى تفاقم هذه التوترات، وبلغت ذروتها بحرب واسعة النطاق عام 2022، ما قد ساهم فى تغير شكل الناتو. فقد تراجعت السويد وفنلندا عن عقود من السياسة للانضمام إلى التحالف العسكرى، وزادت الدول الأعضاء من إنفاقها الدفاعى لدعم كييف والعقوبات على روسيا والاستعداد للصراعات المستقبلية معها. ولم يؤدِ رد فعل الغرب هذا إلا إلى تعميق الخلاف، وفقًا ل«مجلس العلاقات الخارجية». وترى روسيا أن تصرفات الناتو استفزازية وتشير إلى استراتيجية أوسع نطاقا لتطويقها. واتهم الكرملين الحلف والولاياتالمتحدة بتصعيد التوترات من خلال تزويد أوكرانيا بأسلحة متطورة، التى يزعم أنها تسمح لأوكرانيا بضرب عمق الأراضى الروسية. وقد أدى هذا الوضع إلى تحذيرات من المسئولين الروس من أن مثل هذه الإجراءات يمكن تفسيرها على أنها «حرب» بين الحلف وروسيا، مما يغير بشكل أساسى طبيعة الصراع، وفقًا لموقع «بوليتيكو» الأمريكى. ■ واشنطن ولندن تتعهدان بتقديم مساعدات اقتصادية لأوكرانيا ◄ المواجهة العسكرية ومن الممكن أن تؤدى المواجهة العسكرية المباشرة بين الناتو وروسيا إلى تفعيل المادة الخامسة من معاهدة الحلف، التى تلزم الدول الأعضاء بالدفاع عن بعضها البعض. وتلعب الولاياتالمتحدة، باعتبارها عضوًا رائدًا فى الحلف، دورًا حاسمًا فى تشكيل الاستراتيجية العسكرية للحلف واستجابته. إن تداعيات هذا الصراع المتصاعد تمتد إلى ما هو أبعد من أوروبا. فالدول فى مختلف أنحاء العالم تراقب عن كثب الوضع، لأنه قد يشكل سابقة للعلاقات الدولية والاشتباكات العسكرية. إن احتمال اندلاع حرب عالمية ثالثة لا يتوقف فقط على المواجهات العسكرية المباشرة، بل وأيضًا على كيفية استجابة الدول للتهديدات المتصورة من الخصوم. إن تحالف الصين مع روسيا من خلال شراكتهما «بلا حدود» يثير تساؤلات حول مدى استعداد بكين للذهاب لدعم موسكو ضد العقوبات الغربية والمساعدات العسكرية لأوكرانيا. وتزيد هذه العلاقة من تعقيد الأمور، لأنها تشير إلى تحالف محتمل بين قوى صاعدة ضد النفوذ الغربى. ومع استمرار تطور الوضع، يقف العالم عند مفترق طرق خطير حيث لا يمكن الاستهانة باحتمال اندلاع حرب عالمية ثالثة. يظل من الضرورى أن يسعى كلٌ من اللاعبين الإقليميين والمراقبين الدوليين إلى إيجاد سبل لخفض التصعيد. وتلوح احتمالات اندلاع أعمال عنف واسعة النطاق فى الأفق إذا فشلت الجهود الدبلوماسية فى معالجة التوترات الأساسية التى تفاقمت بسبب هذه الأحداث الأخيرة.