تشكلت الحياة المجتمعية منذ إنشاء التليفزيون المصرى بالتفاف الأسر حول شاشته لمشاهدة البرامج والمسلسلات والفوازير على مدار أكثر من ستين عاماً... وصارت الدراما المصرية مظهراً لصيقا لحياة جموع العرب ضمن طقوس رمضان، حتى أن الخريطة كانت تتشكل حسب مواعيد الإفطار والسحور وما بينهما بدقة متناهية بشكل لا يمكن اختزاله ، شهد معه تراثاً كبيراً .. وتطورت الدراما مع تطور الفضائيات عبر عقود ومازالت الدراما المصرية تشكل القوة الناعمة التى لا يمكن استبعادها أو التقليل منها، وصار لزاماً على القائمين عليها التدقيق والتمحيص حتى يستمر الدور المحورى التنويرى والقيمى والتثقيفى لها، وليست أعمالا تخل بتوازن المجتمع بدعمها لنماذج مشوهة أو منفلتة حتى ولوكانت موجودة بالفعل ولا يمكن إغفالها أيضاً بتقديم نماذج شديدة المثالية بعيدة عن الواقع .. فإذا كنا ملزمين بتقديم الواقعية فى الدراما فعلينا أن نقدم كل أشكال النماذج المجتمعية مراعين لكل الأذواق غير غافلين الخريطة المجتمعية بشرائحها العمرية أو حتى المهنية، بتقديم نماذج ناجحة يشعر معها كل مواطن أنه يرى نفسه ومشكلاته وقضاياه بكل صدق، ولا نغفل النهايات وتغليب موازين العدالة بانتصار الحق بعد صراعه مع الباطل، سواء بعقاب المجرم أو بعدم تقديم مبررات تدفعه للجريمة فيكتسب تعاطف المشاهد! كل الأبواب مفتوحة لعروض شيقة وفى نفس الوقت الحفاظ على ثوابت المجتمع، وليس بجديد أو صعب، فأعظم الأدباء تناولوا هذه القضايا وهناك أعمال خالدة تناولت قضايا غيرت مجرى الحياة، بل ودفعت لتغيير القوانين الحاكمة فى المجتمع، فالاديب والكاتب جزء أصيل من الجماعة يؤثر ويتأثر ويطرح الحلول والعلاجات ، وليس الأمر مجرد أعمال شيقة من الجرائم المنظمة التى يفر منها المجرم من العقاب مهما كانت الأسباب بشكل أعطى القوة والأضواء والشهرة لابطال قاموا بأدوار إجرامية قدمت أسوأ الأمثلة للشباب وأسوأ الصور عن طبيعة مجتمعنا، وكأن مصر صارت بؤرة إجرامية من دول أمريكا اللاتينية، الدراما مسئولية وأمانة وانعكاس للحياة المصرية الأصيلة التى تعكس الخير الموجود فى الشعب المصرى.. يجب أن نحافظ عليها.