رغم الفشل المتوالى، واتهامات الفساد ، ومعارضة الجيش والأجهزة الأمنية.. استطاع نتانياهو أن يستمر فى حرب الإبادة، وأن يمنع سقوط حكومته، وأن يحافظ - حتى وقت قريب - على أن تبقى مطالب أغلبية الإسرائيليين بصفقة تعيد الرهائن مترافقة مع تأييد هذه الأغلبية لاستمرار الحرب!! الآن يتغير الموقف.. وكل استطلاعات الرأى كانت تؤكد أن مايقارب من ثلثى الإسرائيليين تؤيد صفقة تتضمن إنهاء الحرب فى غزة، وترفض الانقلاب على اتفاق الهدنة فى غزة، وترى الآن فى العودة للحرب قراراً يضر بمصلحة إسرائيل ويهدد أرواح الرهائن من أجل مصلحة نتانياهو فقط (!!) ومن أجل أن يعود الإرهابى «بن غفير» للحكومة(!!) ومن أجل ألا يتم الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق الهدنة كما كان يخطط له نتانياهو وحلفاؤه منذ التوقيع على الاتفاق!! انقلاب نتانياهو لقطع الطريق على إنهاء الحرب، يترافق مع انقلابه الآخر على مؤسسات الدولة وآخرها الأمن الداخلى «الشاباك» والسلطة القضائية التى يعود ملفها للأضواء مع الاستعداد لإقالة المراقب القضائى للحكومة(!!) لكن الأخطر هو توسيع موجة الاعتراضات داخل المؤسسة العسكرية ورفض نسبة كبيرة من ضباط الاحتياط الاستجابة لقرارات الاستدعاء احتجاجا على سياسات حكومية فاشلة فى إدارة الحرب التى ترى المؤسسة العسكرية أنها انتهت - بالنسبة لها - منذ سنة، وأنه من الجنون أن تحشد قوات الطيران وبوارج البحرية ونيران المدفعية الثقيلة لضرب الأطفال والنساء فى مخيمات النازحين فى جريمة حرب ستطول آثارها حتماً مصير الرهائن!! وسط كل ذلك، لايجد نتانياهو مايحتمى به إلا لتأييد الأمريكى للمذبحة التى يقوم بها فى غزة، وإلا أنه لم يستأنف حرب الإبادة إلا بعد التوافق مع واشنطن، وهو ما أيده البيت الأبيض فى موقف يطرح الكثير من التساؤلات حتى داخل إسرائيل نفسها التى تعارض أغلبيتها الكبرى العودة للحرب من أجل نتانياهو(!!) والتى لايمكن اتهامها بأنها تؤيد المقاومة الفلسطينية أو تعادى السامية(!!) إنهام فقط يدركون أن العودة للحرب تعنى استمرار الفشل، وأن الحل لن يكون أبدا بالمزيد من جرائم الحرب، ولابعودة الاحتلال، أو بمحاولة بعث الحياة فى مشروع التهجير القسرى بدلا من دفنه والتهرب منه!! حتى لو كانت أمريكا طرفاً فيما يحدث، فإن الصمت الدولى على جريمة إسرائيل وهى تواصل حرب الإبادة فى غزة.. هو أيضا جريمة ضد الإنسانية!!