المفارقة صارخة للغاية.. مجرم الحرب نتنياهو - من ناحيته - يواصل التصعيد ويضرب بعرض الحائط الاتفاقيات الملزمة، ويفرض حصار التجويع على غزة، ويهدد بالعودة لحرب الإبادة، ويلوح بالدعم الأمريكى المطلق، ويعود للحديث عن - النصر المطلق- الذى لم يعرف طريقه ولم يقترب منه طوال خمسة عشر شهراً من الحرب الهمجية على شعب فلسطين فى غزة. ومن ناحية أخري.. تغرق إسرائيل كلها فى حديث الفشل غير المسبوق، بعد أن نشر الجيش بعض ما يمكن نشره من نتائج التحقيقات العسكرية فى أحداث 7 اكتوبر وما تبعها، وبعد أن كشف النقاب عن سقوط لا مثيل له لجيش كان يتباهى بقوته وبقدرته على الردع، فإذا به يسجل فشلاً فى كل شيء.. ومن الاستخبارات حتى المواجهة، ومن أقل جندى حتى القيادة العليا التى اعترفت بالهزيمة وتحملت المسئولية وتوالت استقالاتها!! لكن الفشل لم يكن عسكريا فقط، بل كان فى الأساس فشلا لحكومة زعماء عصابات الارهاب، وللقيادة السياسية كلها، وقبل كل هؤلاء.. لنتنياهو نفسه الذى تتزايد عليه الضغوط من أجل فتح تحقيق مستقل يقوم به القضاء، يعرف مسبقاً أنه سيكشف عن مسئوليته الأساسية فى الفشل الكبير الذى بدأ فى 7 اكتوبر ويستمر معه حتى الآن -!- ونتنياهو يتهرب كالعادة متعللا بأن الحرب لم تنته، وأنه عائد إليها ومستمر فيها.. وعلى اسرائيل أن تتحمل ثمن بقائه فى الحكم وإفلاته من الحساب وهروبه من العدالة!! وبينما المظاهرات تحاصر مقره، والمعارضة تطالبه بتحمل مسئوليته عن الفشل، وترفض إنقلابه على اتفاق الهدنة.. يمضى مجرم الحرب فى مخططاته، ويفرض حصار الجوع على الشعب الفلسطيني، ويهدد بالمزيد من الدمار والإبادة الجماعية، ويقول للغاضبين: إطمئنوا.. الدعم الأمريكى سيمكننا من تحقيق النصر المطلق.. وكأن هذا الدعم لم يكن موجوداً - وبصورة غير مسبوقة - منذ بداية حرب الإبادة، وكأن الفشل الإسرائيلى لم يكن أكبر من كل دعم، وكأن الولاياتالمتحدة يمكن أن تترك مصالحها فى المنطقة رهينة للأبد لدى الهوس الصهيونى وجرائمه النازية، وكأنهم لايريدون ان يفهموا الحقيقة الاساسية التى لامهرب منها.. وهى أنه لاسلام ولا أمن إلا بإنهاء الاحتلال وقيام فلسطين المستقلة على كل حدودها الشرعية.. والباقى كله تفاصيل!! مهما كانت تعقيدات الموقف الآن.. فإن نتنياهو لا يستطيع الهروب من فشله إلى الأبد، وإسرائيل لن تستطيع تجاهل القراءة الالزامية فى كتاب أوكرانيا!!