سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
رئيس المجلس الإسلامي بموزمبيق: مصر أكدت دورها القيادي بالرفض القاطع لتهجير الفلسطينيين اتحاد المسلمين واجب دينى و«ضرورة إستراتيجية» فى عالم تسوده لغة القوة
«أنا متابع جيد جداً لكل الأحداث في مصر بحكم تعاملنا مع المبعوثين من الأزهر ووزارة الأوقاف، الذين يقيمون عندنا فى موزمبيق حتى إنهم يمزحون معي ويقولون لى «أنت مصري أكثر منا».. حفظ الله مصر ورعاها».. بهذه الكلمات بدأ الشيخ أمين الدين إبراهيم رئيس المجلس الإسلامي ورئيس مجلس الأديان فى موزمبيق - ذلك البلد الذى يقع فى جنوب شرق إفريقيا وتصل مساحته ل800 ألف كيلو ويشكل المسلمون فيه نسبة 18% من عدد السكان- يشيد الشيخ أمين الدين بجريدة «الأخبار» ودورها التنويري، كما يشيد - في حواره للجريدة - بدور الأزهر وأمانة دور الإفتاء بالعالم فى تعزيز الوسطية الفقهية، متمنياً تفعيل دور مجلس إفتاء شامل للمسلمين فى موزمبيق لإنهاء التفرقة ومنع تفسير النصوص حسب الأهواء وإلى نص الحوار: ◄ نعمل على إيجاد بيئة وسطية تحمي هويتنا من التغريب والتشدد الأعمى ■ ما تقييمكم للرفض العربى والإسلامى لتهجير الفلسطينيين؟ - قضية فلسطين هى قضية إنسانية وإسلامية مركزية تحظى باهتمام واسع فى العالم الإسلامى والعربي، فهى ليست ملكًا للفلسطينيين وحدهم، بل تهم مليارى مسلم وكل أحرار العالم. الرفض العربى والإسلامى لمخططات التهجير يعكس موقفًا مبدئيًا ثابتًا يستند إلى الشرعية الدولية والقانون الإنساني، ويؤكد ضرورة الحفاظ على الهوية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطينى المشروعة في أرضه. فى هذا السياق، نثمن ونقدر موقف دولة مصر، قيادة وشعبًا، التى أظهرت رفضًا تامًا وحاسمًا لفكرة التهجير، مؤكدة دورها القيادى فى العالمين العربى والإسلامي، ونتضامن معها فى مواقفها الشجاعة. بيان شيخ الأزهر الشريف، الإمام الأكبر أحمد الطيب، جاء كصوت قوى وموحد، يمثل ضمير الأمة ويعبر عن هذا الموقف الجماعي، وهو ليس بغريب على شخصية تترأس مؤسسة الأزهر التى تُعد رمزًا للمسلمين وقيادة دينية يتطلع إليها الجميع بثقة واعتزاز. هذا الموقف عزز الرفض الشعبى والرسمي، وأظهر قدرة الأمة على الوقوف صلبة أمام هذه المخططات، لكنه يحتاج إلى ترجمة عملية عبر تنسيق أكبر بين الدول الإسلامية لضمان استمرار هذا الصمود. ◄ اقرأ أيضًا | الولاياتالمتحدة توافق على قرض لاستئناف مشروع الغاز المسال في موزمبيق ■ اتحاد المسلمين واجب وهو أمر إلهي وهو أوجب فى ظل عالم أصبح لا يعترف - إلا ما رحم ربي- إلا بلغة القوة.. كيف يمكن تحقيق ذلك؟ - الاتحاد بين المسلمين واجب دينى مستمد من قوله تعالى: «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا»، وضرورة استراتيجية فى عالم تسوده لغة القوة، ويمكن تحقيق هذا التقارب والتعاون من خلال: تعزيز الحوار البنّاء بين القيادات الدينية والسياسية لتوحيد الرؤى، وتطوير المؤسسات المشتركة كمنظمة التعاون الإسلامى لتعنى بقضايا الأمة، مع التركيز على القواسم المشتركة والمصالح العليا بعيدًا عن الخلافات الثانوية إلى جانب العمل على نشر ثقافة التسامح والاعتدال والوسطية عبر التعليم والإعلام، وتعزيز التبادل الثقافى والاقتصادى بين الدول الإسلامية لخلق قوة جماعية. ويجب التأكيد على أن الشباب المسلم، بطاقاتهم وإبداعهم، هم مفتاح هذا الاتحاد، ويجب تمكينهم عبر منصات تكنولوجية وتعليمية حديثة ليكونوا جسور التواصل بين الأمة. ■ عانت المجتمعات المسلمة الخلافات المذهبية ودفعت ثمن التفرق واضحاً، فكيف يمكن الحد من مخاطرها؟ - الخلافات المذهبية، إذا أُسيء استغلالها، تصبح أداة تفرقة تُضعف الأمة، لكن يمكن تقليل أثرها عبر: التركيز على المشتركات العقائدية والفقهية الأساسية التى تجمع المسلمين وتشجيع الحوار العلمى الهادئ بين علماء المذاهب المختلفة، ومثال على ذلك كنا فى مؤتمر بموريتانيا منذ شهرين كان عنوانه الحوار السلمى فى المجتمعات الإفريقية والهدف منه تعزيز ثقافة السلم والتعايش فى المجتمعات الإسلامية ومواجهة خطاب التطرف والعنف باستخدام الأدلة الشرعية، ونشر ثقافة احترام التنوع الفكرى داخل الإطار الإسلامي، وتطوير مناهج تعليمية تعزز التسامح والتعايش بين النشء، ومواجهة خطاب الكراهية. ■ للأزهر الشريف دور كبير ومشهود فى نشر مبادئ الحكمة والتعاون والتسامح بين الأديان والثقافات.. حدثنا عنه؟ - الأزهر الشريف، بتاريخه العريق الذى يمتد لأكثر من ألف عام، يضطلع بدور محورى فى نشر قيم الوسطية والاعتدال عبر تقديم نموذج للتعليم الدينى المعتدل والمنفتح على العصر، وبناء جسور التواصل مع الثقافات والأديان، كما حدث عندكم فى مصر من مبادرة «بيت العائلة المصرية» ولقاء شيخ الأزهر بالبابا فرنسيس وإعداد العلماء والدعاة القادرين على مخاطبة العصر بلغته، كما أن الأزهر يعمل على إصدار فتاوى متزنة تراعى مقاصد الشريعة وتحديات الواقع وهو مشارك فاعل فى المحافل الدولية الداعية للسلام والتعايش. ونحن هنا فى موزمبيق نستفيد من هذا الدور، حيث يمدنا الأزهر سنويًا بمبعوثين ينشرون القيم الإسلامية الوسطية ويعلمون اللغة العربية فى معاهدنا الإسلامية. وقد بدأنا خطوات لتحويل بعض مؤسساتنا إلى معاهد أزهرية، وتمت الموافقة على ذلك، مما سيجعل موزمبيق أول فرع رسمى للأزهر فى جنوب شرق إفريقيا، لخدمة الدول الناطقة بالبرتغالية بالدعاة والمعلمين. ■ ما رأيك في جهود أمانة دور الفتوى العالمية؟ - تجربة أمانة دور الفتوى العالمية رائدة وجديرة بالتقدير، إذ نجحت فى توحيد المرجعيات الفقهية للتصدى للفتاوى المتطرفة، وتبادل الخبرات بين دور الإفتاء المختلفة، وتطوير منهجيات علمية للفتوى المعاصرة، وتوظيف التقنيات الحديثة لنشر الفتاوى المعتدلة، وتعزيز الوسطية فى الخطاب الديني. لكن فى موزمبيق، نعانى الانقسامات، ونتمنى تفعيل دور مجلس إفتاء شامل للمسلمين لإنهاء التفرقة ومنع تفسير النصوص حسب الأهواء، مما يعزز الاستقرار الدينى والاجتماعي. ■ ما تقييمكم لدور مجلس حكماء المسلمين، وما ورؤيتكم لتطويره؟ - مجلس حكماء المسلمين يقوم بدور مهم فى تعزيز السلم العالمى عبر: المبادرات الحوارية كوثيقة «الإخوة الإنسانية»، ومعالجة القضايا المعاصرة برؤية إسلامية متوازنة، وتقديم رؤى استشرافية للعلاقات بين الحضارات، ودعم المصالحة فى مناطق النزاعات، وتوجيه الخطاب الإسلامى نحو السلام والتعايش. ■ تراثنا الإسلامي مليء بأسس وقيم التسامح والتعايش.. كيف يمكن الإفادة منه في واقعنا المعاصر؟ - تراثنا الإسلامى غنى بنماذج كالعهدة العمرية وفتح مكة، ويمكن توظيف قيم التسامح عبر إبراز النماذج التاريخية للتعايش فى الحضارة الإسلامية واستثمار المبادئ الفقهية المرنة للتعامل مع المستجدات، وتقديم قراءات متجددة للنصوص وفق مقاصد الشريعة وتطوير دراسات مقارنة بين الثقافات والأديان وتضمين التسامح فى المناهج التعليمية والإعلامية. فى موزمبيق، أنشأنا «مجلس الأديان» الذى أتشرف برئاسته وهذه إضافة قوية للمسلمين هنا، ونجتمع شهريًا لحل المشاكل ووأد الفتن، لكننا نحتاج لزيادة التعاون مع الدول المتقدمة فى هذا المجال لتعزيز خبراتنا. ■ أنصفت الشريعة الإسلامية المرأة وأبرزت دورها.. فما سبب التراجع حاليًا وكيف يمكن إعادة هذا الدور؟ - التراجع يعود إلى تفسيرات خاطئة وعوامل اجتماعية واقتصادية، ولتعزيز دورها يجب إعادة نشر النصوص المتعلقة بالمرأة بلغة تواجه الشبهات دون تعديل جوهرها، وتمكين المرأة تعليميًا واقتصاديًا للمشاركة الفاعلة. ■ مواجهة الإلحاد والتشدد تحتاج لتجديد وسائل الخطاب الإفتائي.. ما رأيكم؟ - أتفق تمامًا، فالإلحاد والتشدد آفة تهدد المجتمعات الإسلامية، والخطاب التقليدى قد لا يلبى احتياجات اليوم، فالتجديد يتطلب فهم التحديات الفكرية المعاصرة بعمق، وتجديد أساليب الخطاب بلغة العصر، وتوظيف وسائل التواصل الحديثة لنشر الفكر المعتدل، وتقديم إجابات علمية مقنعة للشبهات، وتعزيز الحوار الهادئ والموضوعي. ودور العلماء هنا هو خلق بيئة وسطية تحمى هوية المسلم من التغريب الجارف والتشدد الأعمى. ■ الذكاء الاصطناعي بدأ يدخل مجال الفتوى.. ما رؤيتكم لاستخدامه والمحاذير؟ - الذكاء الاصطناعى أداة قوية لتحليل النصوص وتقديم إجابات سريعة، لكنه لا يحل محل العالم؛ لأن العالم يفهم الفرق بين فتوى فى مصر، حيث الأغلبية مسلمة وموزمبيق حيث الاسلام جزء من مجتمع على غير الإسلام، وهو ما يُسمى فى فقة الفتوى مناط الفتوى .. وإلى من توجه الفتوى. ■ هناك قيم مشتركة تؤسس للسلم الدولي.. كيف يستفاد منها فى مواجهة الإسلاموفوبيا؟ - القيم المشتركة كالعدل والرحمة يمكن توظيفها عبر تعزيز الحوار البنّاء مع الثقافات والحضارات، وإبراز القيم الإنسانية المشتركة بين الأديان، وتصحيح الصورة النمطية عن الإسلام عبر الإعلام.