في الجزء الثاني من حواره ل«الأخبار» يتحدث الدكتور إبراهيم البرزنجي، مدير البحوث والإرشاد بوزارة الأوقاف، فى كردستان عن أحوال المسلمين فى الإقليم الذى يتمتع بالحكم الذاتى والذى يضم أغلبية كردية مسلمة، إلى جانب أقليات دينية وعرقية أخرى، كما يتحدث عن الذكاء الاصطناعى والعالم الرقمى وضرورة تجديد الخطاب الدينى ليركز على القيم الإنسانية المشتركة وأهمية إنشاء محتوى عصرى ومبسط باللغات المختلفة، بما يتناسب مع الشباب والشرائح المختلفة.. ............................؟ أحوال المسلمين فى إقليم كردستان العراق، الذى يتمتع بحكم ذاتى منذ عام 1991، تتسم بالتنوع والتعايش؛ فالإقليم يضم أغلبية كردية مسلمة، إلى جانب أقليات دينية وعرقية أخرى مثل المسيحيين والإيزيديين والكاكائيين، وينظم قانون رقم 5 لسنة 2015 الصادر من برلمان كوردستان العلاقة بينهم، ويتبع معظم وغالبية الكورد المذهب الشافعى فى العبادات والمذهب الأشعرى اعتقادا ويوجد أكثر من 12 كلية شرعية ومعاهد إسلامية ومعهد أزهرى ومجلس أعلى للفتوى وغيرها ويضم أكثر من 6 آلاف جامع ومسجد ومراكز لتعليم القرآن، ويعيش فى الإقليم أقليات دينية مثل المسيحيين (الآشوريين، الكلدان، الأرمن)، والإيزيديين، والكاكائيين، مما يخلق بيئة متعددة الثقافات والأديان. ويعتبر إقليم كردستان من أكثر المناطق أمانًا للأقليات الدينية فى العراق. اقرأ أيضًا | «المسحراتي» في رمضان ............................؟ - أتفق تمامًا مع فكرة أن مواجهة الإلحاد والتشدد والتطرف الدينى تتطلب من علماء الدين والمؤسسات الدينية تجديد وسائل الخطاب الإفتائى والدعوى وهذا التجديد ليس فقط ضرورة عصرية، بل هو أيضًا مسؤولية شرعية واجتماعية لمواكبة الكثير من التحديات الفكرية والثقافية ويمكن للمؤسسات أن تعمل من خلال عدة محاور منها: أنه يجب على العلماء والمؤسسات الدينية دراسة وفهم الأسباب التى تقف وراء انتشار الإلحاد أو التطرف، سواء كانت أسبابًا فكرية، اجتماعية، نفسية، أو سياسية، والإلحاد غالبًا ما يكون رد فعل على سوء فهم الدين، أو على ممارسات خاطئة تُنسب إلى الدين، بينما التشدد قد ينشأ من تفسيرات ضيقة أو متطرفة للنصوص الدينية. وكذلك لا بد من تجديد الخطاب الدينى وأن يركز الخطاب على القيم الإنسانية المشتركة، مثل العدل، الرحمة، الحرية، والكرامة الإنسانية، ويجب استغلال وسائل التواصل الاجتماعى لنشر خطاب إسلامى معتدل ومتوازن وإنشاء محتوى عصرى ومبسط باللغات المختلفة، بما يتناسب مع الشباب والشرائح المختلفة فى المجتمع. ويجب أن يكون العلماء قادرين على مواجهة الشكوك والإشكالات الفكرية التى يطرحها الملحدون، من خلال تقديم إجابات علمية وعقلانية. ويجب على المؤسسات مثل الأزهر الشريف أن يشجع الحوار المفتوح مع غير المسلمين والملحدين، بدلًا من العزلة أو التهرب من النقاش. وكذلك ضرورة تدريب العلماء على مهارات التواصل وفنون الحوار، وفهم الفلسفات الحديثة والعلوم الإنسانية وإعداد مجموعة منهم لهذا الغرض وتعليمهم على تمكين استخدام الأدلة العقلية والنقلية بشكل متوازن. ولا ننسى الاهتمام بالشباب لانهم هم الفئة الأكثر تأثرًا بالخطابات الإلحادية أو المتطرفة؛ لذا يجب توجيه خطاب دينى يتناسب مع احتياجاتهم وطريقة تفكيرهم. والتجديد فى الخطاب الدينى ليس تنازلًا عن الثوابت، بل هو ضرورة لمواكبة العصر ومواجهة التحديات المعاصرة. ............................؟ - استخدام الذكاء الاصطناعى فى مجال الفتوى هو تطور مثير للاهتمام ونقلة نوعية، ويمكن أن يكون له فوائد كبيرة إذا تم تطبيقه بشكل صحيح، ولكنه أيضًا يحمل تحديات ومخاطر تحتاج إلى ضوابط دقيقة ومحاذير واضحة المعالم، فيمكن للذكاء الاصطناعى أن يوفر إجابات سريعة على الأسئلة الشائعة بناءً على قاعدة بيانات ضخمة من النصوص الشرعية والفقهية، ويساعد فى تقليل الاختلافات الكبيرة فى الفتوى من خلال الاعتماد على مصادر موثوقة ومتفق عليها. ولكن فى نفس الوقت لا بد أن نعلم بأن الذكاء الاصطناعى يفتقر إلى الفهم البشرى للسياقات الاجتماعية والنفسية للأسئلة، مما قد يؤدى إلى إجابات غير مناسبة أو غير دقيقة ولا يمتلك القدرة على الاجتهاد بالمعنى الفقهي. ومعلوم لذوى الاختصاص بأن البيانات التى تم تدريب الذكاء الاصطناعى عليها غير دقيقة أو منحازة، فقد يؤدى ذلك إلى فتاوى خاطئة أو مضللة. فيجب أن يتم تدريب الذكاء الاصطناعى على مصادر موثوقة ومعتمدة فى الفقه الإسلامي، مع مراعاة المذاهب المختلفة. وأن تكون الفتاوى الصادرة عن الذكاء الاصطناعى تحت إشراف علماء متخصصين لمراجعتها وتأكيد صحتها. ويمكن أن يستخدم الذكاء الاصطناعى فى الفتوى للإجابة على الأسئلة البسيطة والمتكررة، بينما الأسئلة المعقدة أو التى تحتاج إلى اجتهاد يجب أن تبقى من اختصاص العلماء. فالذكاء الاصطناعى يمكن أن يكون أداة قوية لدعم الفتوى إذا تم استخدامه بشكل مسؤول ومدروس. ومع ذلك، يجب أن يبقى دور العلماء البشريين محوريًا فى عملية الإفتاء. ............................؟ - أمانة دور الفتوى باعتقادى هى من إحدى المؤسسات الإسلامية المهمة فى العالم التى تسعى إلى تحقيق التنسيق والتعاون بين مراكز الفتوى فى العالم الإسلامى وتوحيد الفتاوى ومحاربة الفتاوى الشاذة والضالة المتطرفة ، وتعزيز الاستقرار والسلم العالمي، من خلال تعزيز التشاور والتنسيق بين العلماء والمفتين، يمكن لهذه المؤسسة أن تكون ركيزة أساسية فى مواجهة التحديات الفكرية والسياسية التى تواجه الأمة الإسلامية. ومع ذلك، فإن نجاحها يتطلب دعمًا واسعًا من الحكومات والمجتمعات الإسلامية، بالإضافة إلى استقلالية تمكنها من أداء دورها بفعالية ..................؟ - مجلس حكماء المسلمين يلعب دورًا حيويًا فى تعزيز الحوار بين الأديان ومواجهة التطرف وبناء مجتمع عالمى قائم على الاحترام المتبادل. ومع ذلك، فإن تطوير عمله يتطلب تعزيز استقلاليته، والتوسع فى التواصل، والاستفادة من التكنولوجيا، والتعاون مع المؤسسات الدولية. بهذه الجهود، يمكن للمجلس أن يكون ركيزة أساسية فى تحقيق السلام العالمى وتعزيز قيم التسامح والتفاهم. ونحن نتطلع إلى إعطاءنا دورا حيويا اكثر لمؤسسات الإقليم الدينية المتمثلة بوازارة الأوقاف واتحاد علماء الدين الإسلامي. ............................؟ - التراث الإسلامى غنى بالقيم والمبادئ والمقاصد العليا التى تعزز مبادئ التسامح والتعايش، ويمكن الاستفادة منه فى واقعنا المعاصر من خلال تعزيز الحوار بين الثقافات والأديان، وإدراج قيم التسامح والتعايش والوسطية والاعتدال فى المناهج التعليمية، وتعزيز الفهم الصحيح للإسلام، الذى يدعو إلى السلام والعدل واحترام حقوق الإنسان، والتركيز على القواسم المشتركة بين المسلمين وغيرهم بدلاً من التركيز على الاختلافات. ............................؟ - الشريعة الإسلامية بالفعل أنصفت المرأة وأعطتها حقوقًا لم تكن تتمتع بها فى العديد من المجتمعات قبل الإسلام، ومع ذلك، فإن الواقع الحالى فى بعض المجتمعات يعكس تراجعًا فى هذه الحقوق، لأسباب كثيرة منها التفسيرات الخاطئة من المتشددين بحق المرأة وبعض التفسيرات الفقهية أو الاجتماعية للإسلام قد تكون متأثرة بالعادات والتقاليد أكثر من النصوص الشرعية، وللتغلب على هذه التحديات، يجب العمل على عدة مستويات، بما فى ذلك الإصلاح التعليمي، وتعزيز الوعى بحقوق المرأة فى الإسلام من خلال الإعلام، وإصلاح السياسات المناهضة للمرأة، ومكافحة العادات والتقاليد التى تتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية. كما يجب تشجيع المرأة على المشاركة الفاعلة فى جميع مجالات الحياة، بما يتوافق مع تعاليم الإسلام التى تدعو إلى العدل والمساواة.