مخططات تهجير الفلسطينيين مرفوضة عربيًّا وإسلاميًّا لا يستغرب د. محمد بن عيضة شبيبة وزير الأوقاف والإرشاد اليمنى موقف الأزهر الرافض لمخططات تهجير الفلسطينيين من أرضهم، مؤكدا أنه لطالما كان الأزهر بوصلة القضايا العربية والإنسانية العادلة، ويدعو لتوحيد الجهود لمواجهة التحديات المشتركة.. ويتحدث فى حواره ل«الأخبار» عن تحديات خاصة باليمن الشقيق ودور الوزارة فى التغلب عليها.. كما يتحدث عن ضوابط استخدام الذكاء الاصطناعى فى الفتوى ضمن قضايا أخرى تناولها هذا الحوار. اقرأ أيضًا| المغرب يعلن أن بعد غد الأحد هو أول أيام شهر رمضان اتحاد المسلمين واجب دينى وضرورة إنسانية قضية فلسطين ليست قضية الفلسطينيين وحدهم ولكنها تهم مليارى مسلم.. فبعد أحداث غزة تبرز مخططات التهجير.. ما تقييمكم للرفض العربى والإسلامى لهذه المخططات خاصة بعد موقف مصر وبيان شيخ الأزهر القوى؟ اسمح لى فى البداية أن أشكركم على الاستضافة.. قضية فلسطين قضية مركزية لكل مسلم، فهى تمثل رمزية للحق والعدالة، ومخططات التهجير مرفوضة عربيًّا وإسلاميًّا، وقد كان بيان شيخ الأزهر واضحًا فى هذا السياق، حين أكد أن هذه المخططات صادرة ممن لا يفقهون حقائق التاريخ ولا يستشعرون حرمة الوطن، وأن من يقترحون هذه الأفكار لا يدركون معنى أمومة الأرض وفدائها بالنفس والأهل والولد والمال، ولا يفهمون ماذا تعنى غزة بعد تدميرها للفلسطينيين، ومعهم المسلمون والعالم الحر الشريف الأبى فى شرق البلاد وغربها. هذا الموقف غير مستغرب من الأزهر الشريف الذى لطالما كان بوصلة القضايا العربية والإسلامية والإنسانية العادلة، وهو يعكس الوعى الكبير لدى الأمة الإسلامية بخطورة هذه المخططات. ويتوجب علينا أن نقف جميعًا صفًا واحدًا فى دعم حقوق الفلسطينيين ورفض الظلم الذى يتعرضون له. ضرورة إنسانية اتحاد المسلمين واجب وهو أمر إلهى وهو أوجب فى ظل عالم أصبح لا يعترف -إلا ما رحم ربى- إلا بلغة القوة.. كيف يمكن تحقيق ذلك؟ إن الاتحاد بين المسلمين ليس مجرد واجب دينى، بل هو ضرورة إنسانية لمواجهة التحديات، ويمكن تحقيق ذلك من خلال تعزيز الحوار والتفاهم بين الدول الإسلامية، وتوحيد الجهود لمواجهة القضايا المشتركة، والعمل على نشر ثقافة التسامح والتعاون بين المجتمعات، والعمل على تنمية الشعور بالانتماء لهويتنا الإسلامية وقضايانا العادلة وعدم الرضوخ للمخططات التى تهدف إلى التفرقة والتناحر. عانت المجتمعات المسلمة من الخلافات المذهبية ودفعت ثمن التفرق واضحًا.. فكيف يمكن الحد من مخاطرها؟ لا شك أن الخلافات المذهبية والطائفية التى تغذيها بعض القوى الطامعة كان لها أثر كبير فى تبديد جهود الأمة، وإثارة النزاعات والقلاقل، وقد شاهدنا ذلك فى العراق ولبنان وسوريا واليمن، حيث لعب النظام الإيرانى دورًا تخريبيًا من خلال إثارة النزعات الطائفية ودعم المليشيات وتقويض السلم الأهلى، ولعل الخطوة الأولى لهذا الخراب الذى نشرته الطائفية والمذهبية تبدأ بتعزيز الفهم المتبادل بين مختلف القوى والمكونات الوطنية على مستوى القطر الواحد، وتنظيم حوارات علمية وثقافية بين علماء الدين، مع التركيز على القيم المشتركة والعمل على نشرها بين الشباب، وتحصين الأجيال من الأفكار المتطرفة، وإعادة توجيه الخطاب الدينى ليكون أكثر تسامحًا تجاه الآخر مع الحفاظ على الهوية ورفض الطبقية وثقافة التكفير والكراهية. اقرأ أيضًا| وزير الأوقاف: توفير أفضل الخدمات وتهيئة المساجد لراحة المصلين للأزهر الشريف دور كبير ومشهود فى نشر مبادئ الحكمة والتعاون والتسامح بين الأديان والثقافات حدثنا عنه؟ الأزهر الشريف له تاريخ طويل فى تعزيز قيم التسامح والتعايش والحوار بين الأديان والثقافات، ومن خلال مؤتمراته وندواته يسعى الأزهر إلى بناء جسور التواصل بين الأديان والثقافات. إن دوره فى نشر الفكر الوسطى يساهم لا شك فى محاربة التطرف وتعزيز الاستقرار والسلم العالمي، وهو يلعب دورًا بارزًا أيضًا فى الدفاع عن القضايا العادلة ورفض الظلم والهيمنة. امتداد لدور مصر تلعب أمانة دور الفتوى العالمية دورًا مهما فى تحقيق التشاور والتنسيق بين دور الفتوى فى العالم.. كيف تقيم هذه التجربة؟ الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم امتداد لدور جمهورية مصر العربية الشقيقة على الصعيد العالمى فى جانب الإفتاء وهى خطوة مهمة نحو تحقيق الاستقرار والسلم، حيث تسعى لأن تكون المظلة الجامعة لهيئات الإفتاء سواء فى الدول الإسلامية أو لدى الجاليات المسلمة فى كل أرجاء المعمورة، باعتبار أن الفتوى الصحيحة هى إحدى اللبنات الرئيسية لبناء فرد ومجتمع ودولة وأمة مستقرين وفاعلين بين الأمم من خلال التنسيق بين دور الفتوى المختلفة، ناهيك أيضًا عن دور الأمانة العامة فى مواجهة الأفكار المتشددة وتعزيز الخطاب المعتدل، أعتقد أنها تجربة ملهمة فى العمل الدعوى الجماعى لمواجهة التحديات الراهنة. حدثنا عن أحوال المسلمين فى بلدكم وما أبرز القضايا والاشكاليات إن وجدت؟ يمر اليمن بمحنة شديدة جراء انقلاب مليشيا الحوثى الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني، وقد عمدت هذه المليشيا إلى سن حرب عدوانية ظالمة على الشعب اليمنى وعبثت بمقدراته ومارست كل أشكال الظلم والتنكيل واستولت على مؤسسات الدولة وسخرت كل المقدرات الواقعة تحت سيطرتها لحربها وعدوانها على الشعب اليمنى، وعمدت إلى تمزيق النسيج الوطنى وإثارة الطبقية والطائفية، وهذا الواقع فى الحقيقة يمثل تحديًا كبيرًا فى الوقت الراهن ولكن اليمنيين ماضون فى كفاحهم لاستعادة الدولة وتحرير البلاد، ونحن فى وزارة الأوقاف والإرشاد نقوم بدورنا فى إسناد نضالات اليمنيين من خلال نشر الوعى الدينى والاجتماعى والتحذير من المشاريع التدميرية. تراثنا الإسلامى ملىء بأسس وقيم التسامح والتعايش.. كيف يمكن الإفادة منه فى واقعنا المعاصر؟ تراثنا الإسلامى يحتوى على كنوز من القيم والمبادئ التى تدعو للتسامح والتعايش ولدينا فى التاريخ الإسلامى تجارب ملهمة فى هذا الجانب، يجب علينا جميعًا إحياء هذه القيم وتعزيزها فى واقعنا وإثراء الحوار والعمل المشترك، وتوجيه الجهود نحو معالجة القضايا المعاصرة التى تهم المسلمين. أنصفت الشريعة الإسلامية المرأة وأبرزت دورها وأعطتها حقوقها.. كيف يمكن إعادة هذا الدور؟ للمرأة فى الشريعة الإسلامية دور عظيم ومكانة مرموقة، وهى شريك الرجال فى صناعة التحولات الكبرى فى حضارتنا الإسلامية، وما حصل من تراجع فى دور المرأة فى مجتمعاتنا يعود إلى عوامل ثقافية واجتماعية متراكمة وغياب الوعى بأهمية دور المرأة، وبالتالى يجب أن نعمل على تعزيز الوعى بحقوق المرأة فى الإسلام وأن نعيد تسليط الضوء على الأدوار القيادية التى يمكن أن تقوم بها، وفى رأيى التعليم والتثقيف هما المفتاح لإعادة هذا الدور. تجديد الخطاب الإفتائى مواجهة الإلحاد والتشدد تحتاج من علماء الدين والمؤسسات الدينية تجديد وسائل الخطاب الإفتائى وتطويرها لنقد الخطابات الإلحادية ما رأيكم؟ تجديد وسائل الخطاب الإفتائى أمر ضرورى فى عصرنا الراهن، سواء فى مواجهة موجات الإلحاد أو خطاب الكراهية والتشدد. ويقع على عاتق العلماء والمؤسسات الدينية بطبيعة الحال استخدام أساليب حديثة وملائمة للوصول إلى الشباب، وتقديم إجابات واضحة ومقنعة لمواجهة الأفكار المتطرفة والإلحادية، على حدٍ سواء. ما رؤيتكم لاستخدام الذكاء الاصطناعى فى الفتوى؟ هذه القضية كانت إحدى القضايا التى طرحت خلال المؤتمر العالمى للفتوى وتحديات الألفية الثالثة فى أكتوبر 2023، الذى استضافته القاهرة برعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى، وقد كان هذا المؤتمر محطة ثرية ومهمة فى هذا السياق، وبالجملة يمكن أن يكون لاستخدام الذكاء الاصطناعى فى الفتوى فوائد كبيرة فى تسريع الوصول إلى المعلومات، لكن رغم ذلك، يجب وضع ضوابط صارمة لضمان عدم انحراف الفتوى عن القيم الإسلامية. هناك قيم ومفاهيم مشتركة تؤسس للسلم الدولى.. كيف يستفاد منها فى مواجهة الاسلاموفوبيا؟ الإسلاموفوبيا أو التمييز والكراهية ضد الإسلام والمسلمين أحد أوجه المشاكل الخطيرة فى الغرب والتى تؤثر سلبًا على التعايش السلمى وتزيد من الانقسامات بين الأمم، وتتجلى الإسلاموفوبيا من خلال التصورات السلبية، والصور النمطية، أو السلوكيات العدائية تجاه الأفراد أو المجتمعات المسلمة. ولمواجهة هذه الظاهرة المتزايدة للأسف فإنه يتوجب على الحكومات والمجتمعات الغربية تحديدًا العمل على تعزيز القيم المشتركة مثل العدالة والاحترام والمساواة كونها أدوات قوية فى مواجهة هذه الظاهرة، كما يجب على الجميع تعزيز الحوار بين الثقافات، وتوعية المجتمعات بأهمية التفاهم والاحترام المتبادل، والعمل على بناء علاقات إيجابية مع المجتمعات الأخرى.