يعتبر د. لقمان بن الحاج عبد الله الكلنتانى مفتى الولايات الفدرالية الماليزية، الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطينى واجبا دينيا وإنسانيا، ويشير فى حواره لجريدة «الأخبار» إلى توافق الماليزيين التام مع شيخ الأزهر فى رفضه القاطع لجميع مخططات تهجير الفلسطينيين من أرضهم، ويؤكد ضرورة ترسيخ فهم صحيح للإسلام بتعزيز الوحدة والأخوة بين المسلمين. يتحدث عن الرفض العربى والإسلامى لمخططات التهجير مؤكدا أن القضية الفلسطينية، بما تحمله من ارتباط وثيق بالقدس والمسجد الأقصى، هى قضية محورية فى ضمير كل مسلم، إذ إنها لا تقتصر على الفلسطينيين وحدهم، بل هى قضية عالمية تمس أكثر من مليارى مسلم حول العالم. وبناءً على ذلك، يُعتبر الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطينى واجبًا دينيًا وإنسانيًا مُلقى على عاتق كل مسلم. وفى هذا السياق، يعرب الماليزيون عن توافقهم التام مع شيخ الأزهر فى رفضه القاطع لجميع مخططات تهجير الفلسطينيين من غزة، لأن التهجير القسرى يُعد ظلمًا فادحًا وانتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان. لذا، يجب على العالم الإسلامى أن يتحد صفًا واحدًا لرفض هذه المخططات بكل قوة وحزم، والعمل على نصرة القضية الفلسطينية. يؤكد مفتى ماليزيا أنه يتوجب على قادة الأمة الإسلامية أن يكونوا نماذج يحتذى بها فى تعزيز الأخوة والوحدة بين المسلمين، وذلك من خلال تبنى أجندة واضحة تدعو إلى وحدة الأمة الإسلامية. إضافة إلى ذلك، يجب عليهم العمل على ترسيخ فهم صحيح للإسلام، باعتباره دينًا يؤكد على الوحدة والتآزر، ويستند إلى عقيدة التوحيد الراسخة، كما يدعم الجهود المبذولة لمنع تفتت المسلمين. وينبغى عليهم أيضًا أن يجعلوا تقوى الله ميزانًا لكل فعل وقول، وأن يتجنبوا الخوض فى جدال حول مسائل لا طائل منها، حرصا على وحدة الصف وتماسك المجتمع. اقرأ أيضًا | د. رابعة عبد الفتاح: تأثرت بالسيرة النبوية من كتاب «الرحيق المختوم» الخلافات المذهبية يرى أنه يمكن الحد من مخاطر الخلافات المذهبية من خلال عدة خطوات جوهرية. فأولًا، يجب التأكيد على آداب الاختلاف، وذلك عن طريق تعليم الناس بأن الاختلاف فى الرأى ظاهرة تثرى الفكر الإسلامي، وأن هذا الاختلاف لا يعنى العداء. ثانيًا، ينبغى نبذ التعصب المذهبي، إذ إن التعصب يعد من أسباب الفرقة والتناحر، بينما الإسلام يدعو إلى الوحدة والتعاون. ولتحقيق ذلك، يتم نشر الوعى بأهمية الوحدة الإسلامية وخطورة التفرق، وذلك من خلال وسائل الإعلام والمؤسسات التعليمية. ومن جهة أخرى، يلعب الأئمة والخطباء دورًا حاسمًا فى هذا الصدد. لذا، يجب تدريبهم على كيفية التعامل مع المسائل الخلافية بطريقة علمية ومنهجية، وتجنب إثارة الفتن والنعرات الطائفية. وبالتالي، تساهم هذه الخطوات المتكاملة فى تعزيز الوحدة الإسلامية والحد من مخاطر الخلافات المذهبية. ارتباط الماليزيين بالأزهر كبير، وعن دوره يقول: يقوم الأزهر الشريف بدور محورى فى تعزيز الحوار والتسامح بين الأديان والثقافات على المستوى العالمي، حيث يعمل على نشر الفكر الإسلامى الوسطى المعتدل، وقيادة حوارات مستمرة مع قادة وممثلى الأديان الأخرى لتعزيز التفاهم المشترك ونبذ العنف والتطرف. كما يساهم الأزهر فى مكافحة التطرف والإرهاب من خلال إصدار الفتاوى التى تدين العنف، ويسعى إلى تكوين جيل من العلماء القادرين على ترسيخ قيم التعايش السلمي. ويشير إلى جهود الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى ترسيخ منهج الوسطية فى الفتوى، وذلك بهدف نشر قيم التسامح والتعايش السلمى بين مختلف المجتمعات. كما تعمل الأمانة على مكافحة الأفكار المتشددة من خلال نشر الفتاوى الصحيحة التى تواكب قضايا العصر وتحدياته، بالتعاون مع دور وهيئات الإفتاء. وبالإضافة إلى ذلك، تحرص الأمانة على نشر قيم الإفتاء الحضارية فى العالم للمساهمة فى صياغة فلسفة البناء الحضارى العالمي. وبالتالي، تساهم الأمانة من خلال تبادل الخبرات والتنسيق بين دور الإفتاء فى توحيد الجهود لمواجهة الأفكار المتطرفة التى تهدد الاستقرار والسلم العالميين. دور خريجى الأزهر وعن أحوال المسلمين فى ماليزيا يؤكد: بحمد الله تعيش ماليزيا فى حالة طيبة حيث يسودها الأمن والاستقرار، ويسعى حكامها وشعبها إلى طاعة الله والتمسك بتعاليم الإسلام. إلا أن ماليزيا باعتبارها دولةً ذات تعددية دينية وعرقية، فإنها تواجه بين الحين والآخر بعض القضايا التى تستدعى صدور الفتاوى الشرعية لحل النزاعات وتحقيق التفاهم بين المجتمعات متعددة الأديان. ومع ذلك، فإن العلماء والدعاة، لا سيما خريجو الأزهر الشريف، كان لهم دور بارز فى نشر الوسطية الإسلامية وتعزيز القيم الدينية، مما أسهم فى ترسيخ بيئة من التعايش السلمى والتعاون بين أبناء الوطن الواحد. ويثمن مفتى ماليزيا جهود مجلس حكماء المسلمين فى نشر قيم السلام والتسامح، مقدما رؤية لتطوير عمله عبر تعزيز الحوار بين الأجيال من خلال تنظيم فعاليات تجمع بين الشباب والشيوخ لمناقشة التحديات المعاصرة، وتقديم رؤى مستنيرة تساهم فى توجيه الأجيال الصاعدة. مع التعاون مع وسائل الإعلام لإنتاج محتوى يعزز قيم السلام والتسامح، ويساهم فى تصحيح المفاهيم الخاطئة، مما يسهم فى بناء مجتمع قائم على الفهم الصحيح للإسلام وقيمه السامية. ويرى أنه يمكن الإفادة من تراثنا الإسلامى الغنى بأسس وقيم التسامح والتعايش فى واقعنا المعاصر من خلال تفعيله فى مختلف مجالات الحياة، وذلك بعدة طرق التى يطبق بعضها هنا فى ماليزيا عند بعض المؤسسات الدينية، منها: تعزيز المناهج التعليمية بإدراج مفاهيم التسامح والتعايش فى المناهج الدراسية، وتقديم النماذج المشرقة من التراث الإسلامى التى تعكس الانفتاح والتسامح على الآخر.. واستخدام وسائل الإعلام والتكنولوجيا لإنتاج محتوى إعلامى يعكس قيم التسامح. ضرورة التجديد لمواجهة الإلحاد وينبه إلى أن الإلحاد والتشدد من التحديات العقدية التى تواجهها ماليزيا، وعلى الرغم من أنها لا تشكل تهديدا جسيما، فإن المؤسسات الدينية هنا تعمل على مواجهة هذه الظاهرة مبكرا؛ وذلك من خلال تكثيف برامج التوعية المجتمعية عبر منابر الجمعة ووسائل الإعلام المختلفة، كما تسعى ماليزيا إلى استخدام القوة القانونية للحد من انتشار المفاهيم الخاطئة حول الدين الإسلامى التى قد تؤدى إلى تفتيت وحدة الأمة وتدنيس قداسة الدين. وعن الاستعانة بالذكاء الاصطناعى فى إصدار الفتاوى يرى أن ذلك يثير مخاوف جدية، إذ تنطوى على احتمالية الوقوع فى الأخطاء والانحراف عن الأحكام الشرعية. فالذكاء الاصطناعي، على الرغم من تطوره، يفتقر إلى الفهم العميق للسياق الاجتماعى والثقافى، وإلى دقة اللغة العربية التى تعد أساسية فى تفسير النصوص الدينية. ولذا، يرى ضرورة وضع ضوابط واضحة تنظم استخدام الذكاء الاصطناعى فى الفتوى. وحتى لا نتخلف عن الاستفادة من الخير فى التقنية الموجودة، نرى الانتفاع بالذكاء الاصطناعى فى الجوانب الفنية مثل المساعدة فى صياغة نص الفتوى. ولمواجهة الإسلاموفوبيا، يؤكد أنه ينبغى تعزيز قيم الحوار والتسامح والتعايش السلمي، وتصحيح المفاهيم الخاطئة عن الإسلام والمسلمين. ويمكن تحقيق ذلك من خلال نشر الوعى بالقيم الإسلامية السمحة، مثل العدل والمساواة والاحترام المتبادل، وتوضيح أن الإسلام دين سلام ورحمة. كما يجب تعزيز الحوار بين الأديان والثقافات، وتبادل الخبرات والمعرفة، والعمل على بناء جسور التواصل والتفاهم بين المجتمعات المختلفة. بالإضافة إلى ذلك، يجب مكافحة خطاب الكراهية والتمييز، والتصدى للتحريض على العنف والعنصرية، والعمل على تعزيز قيم المواطنة والتعايش فى المجتمعات المتنوعة، كما هو واقع هنا فى ماليزيا حيث عندنا قوانين لمكافحة الكراهية بين المجتمعات الدينية المتنوعة.