يستشهد الدكتور محمد نعيم مختار وزير الشئون الدينية فى ماليزيا بمقولة ماليزية؛ للدلالة على حب الماليزيين للأزهر وارتباطهم به حيث يقال:لو ألقيت حجرا على أى قرية فى ماليزيا لسقط على رأس أزهري. ويؤكد فى حواره ل«الأخبار» أن الإسلام له دور محورى فى بناء مجتمع متقدم ومتعايش ومتسامح. ويرى أنه علينا أن نواصل جهودنا لضمان فهم صحيح للإسلام بعيدا عن التشويه وسوء التفسير. ويؤكد أهمية تعزيز الحوار بين المذاهب، وتصحيح المفاهيم الخاطئة، والتركيز على المشترك بين المسلمين بدلاً من الاختلافات. ............................؟ بصفتى وزيرا للشؤون الدينية فى ماليزيا، أكنّ احترامًا كبيرًا ل الأزهر الشريف، فهو مؤسسة علمية إسلامية تاريخية ذات تأثير عالمى والعديد من كبار الساسة والعلماء والدعاة الماليزيين تلقوا تعليمهم فى الأزهر الشريف، بمن فيهم المفتون والمفكرون الدينيون. فالأزهر الشريف ليس مجرد مركز علمى عالمى فقط، بل هو رمز للاعتدال والوسطية وحصن للدين الإسلامى والعقيدة الصحيحة. ونحن فى ماليزيا تربطنا بالأزهر علاقة تاريخية وطيدة، وعدد الخريجين الماليزيين من الأزهر الشريف فى ماليزيا كبير جدا؛ ويكاد لا يخلو بيت من بيوت الماليزيين المسلمين من أزهرى واحد أو أكثر حتى أنه يقال عندنا هنا: لو ألقيت حجراً على أى قرية فى ماليزيا لسقط على رأس أزهرى. ونحن كساسة وعلماء ومفكرين على المستويين الرسمى والشعبى نعمل دائما على تعزيز التعاون فى مجال التعليم الإسلامى وتطوير الخطاب الدينى الوسطى وفقا لنهج الأزهر الشريف. اقرأ أيضًا | «البحوث الإسلامية» يعقد لقاء ديني عن «العاشر من رمضان» ............................؟ للأزهر الشريف دور كبير فى نشر قيم الوسطية الإسلامية، حيث لا يقتصر دوره على تخريج العلماء، بل يسهم أيضًا فى تعزيز قيم السلام والعدالة والوحدة بين الشعوب. فى ظل التحديات المعاصرة، مثل التطرف والصراعات بين أتباع المذاهب و الأديان وقد أصبح الأزهر الشريف نموذجا يحتذى به فى تعزيز الحوار بين الأديان وإطلاق المبادرات العالمية. وقد أنشأ الأزهر مجالس ومؤسسات وروابط لتفعيل هذا على أرض الواقع؛ منها «الرابطة العالمية لخريجى الأزهر الشريف « ؛ والتى لها فرع فى ماليزيا وقد عقد مؤتمرها الأول عندنا فى كوالالمبور عام 2008م بحضور فضيلة الإمام الأكبر آنذاك المرحوم الشيخ الدكتور سيد طنطاوى ورئيس جامعة الأزهر آنذاك شيخ الأزهر الحالى فضيلة الإمام الأكبر الشيخ الدكتور أحمد الطيب، ومنها كذلك مجلس حكماء المسلمين الذى يترأسه شيخ الأزهر بنفسه؛ وكذلك «مركز حوار الأديان بالأزهر الشريف «، والأزهر الشريف هو أول من أسس « دار التقريب بين المذاهب الإسلامية « عام 1947م». ونحن فى ماليزيا نستلهم من الأزهر منهجيته فى نشر قيم الحكمة والتسامح والتعايش السلمى فى مجتمعنا المتعدد المعتقدات والثقافات والأعراق. العيش المشترك ............................؟ نعلم جميعاً أن الإسلام يدعو إلى العيش المشترك بسلام وتسامح مع مختلف فئات المجتمع، حيث يرسخ مبدأ أنه (رحمة للعالمين ) ، مما يعنى أن الإسلام هو رسالة رحمة للناس أجمعين وليس للمسلمين فقط. والامبراطورية الإسلامية بحضارتها المتميزة قد حكمت العالم ثمانية قرون ولم يسجل عليها أى تعصب أو تطهير عرقى بل عاملت جميع الأعراق والطوائف على مختلف معتقداتهم وثقافاتهم بكل عدل وإنصاف . وفى عالمنا المعاصر، يجب أن نترجم هذه القيم عمليا من خلال تعزيز الحوار بين الأديان والاحترام المتبادل ومحاربة جميع أشكال التمييز والتحيز. وتعد ماليزيا نموذجًا لدولة إسلامية تعتمد هذه القيم، وهو ما ساهم فى ترسيخ التعايش السلمى بين مختلف الطوائف الدينية والعرقية. ............................؟ مواجهة تحديات الإلحاد والتطرف تتطلب نهجًا استراتيجيًا وفعالًا من كافة المؤسسات الدينية. ويجب أن يكون العلماء والدعاة أكثر تفاعلًا مع المجتمع، وخاصة مع الشباب، من خلال وسائل حديثة تتماشى مع تطلعاتهم. كما ينبغى إثراء الخطاب الإسلامى بمحتوى علمى مقنع عبر وسائل التواصل الاجتماعى والمنصات الإلكترونية، وتنظيم فعاليات وبرامج تفاعلية تناقش القضايا الفكرية بأسلوب منطقى وعلمى علاوة على ذلك، يجب أن تركز المناهج الدينية على تقديم الحجج والبراهين القوية لترسيخ الإيمان وحماية الشباب من الانحراف الفكري. ............................؟ يُعد التعليم الركيزة الأساسية لترسيخ قيم الحكمة والتسامح والتعايش السلمي. وينبغى غرس هذه القيم منذ الصغر من خلال المناهج الدراسية، بالإضافة إلى دعم القيادات المجتمعية التى تمثل نموذجًا يُحتذى به فى التسامح والوحدة. كما أن الأنشطة الدعوية والبرامج التثقيفية يجب أن تركز على تعزيز ثقافة الحوار والاحترام المتبادل وإدراك أن التنوع الثقافى والدينى هو عامل إثراء وليس سببًا للخلافات. ونحن فى ماليزيا نهتم جدا بتربية الشباب على كيفية إدارة الخلاف السياسى والدينى والاجتماعى وغيره من خلال تدريس كتب أدب الاختلاف المعتبرة . ............................؟ تؤدى الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم دورًا مهمًا فى توحيد الرؤى الفقهية على المستوى الدولي، مما يسهم فى تقديم فتاوى ذات بعد عالمى تتناسب مع مختلف البيئات الثقافية والاجتماعية. وفى ظل التطورات المتسارعة من الضرورى أن يكون لهذه المؤسسة حضور رقمى قوى عبر توفير الفتاوى بطرق سهلة ومتاحة للجميع، بالإضافة إلى تعزيز التعاون بين المفتين والعلماء من مختلف التخصصات لإنتاج رؤى أكثر شمولية وواقعية تتماشى مع تحديات العصر. ونحن نشكر دار الإفتاء المصرية على إنشاء هذه الأمانة ونثق فى إدارتها وأدائها لتؤدى دورها على الوجه المنشود. ............................؟ منح الإسلام المرأة مكانة عالية، وأكد على حقوقها فى التعليم والعمل والمشاركة المجتمعية. ومع ذلك، تسببت بعض العادات والتقاليد الاجتماعية فى تقليص دور المرأة ؛ وذلك فى بعض المجتمعات الإسلامية وليس كلها ، ومن الضرورى العودة إلى الفهم الصحيح لأحكام الشريعة الغراء ، الذى يؤكد على تكافؤ الفرص بين الرجال والنساء فى مختلف المجالات ولنتذكر دائما أنه قبل أن يقول العلمانيون « إن المرأة نصف المجتمع « متاجرة بقضايا المرأة قد قال النبى ( ) : (النساء شقائق الرجال). لذا ينبغى أن نعمل على تعزيز دور المرأة وتعليمها، وإتاحة الفرص لها فى سوق العمل والمناصب القيادية بما يناسب طبيعتها ، وضمان أن تشارك بفعالية فى بناء المجتمع. ونحن فى ماليزيا، عندنا العديد من النماذج النسائية الرائدة فى المجالات السياسية والأكاديمية والإدارية والدعوية، مما يثبت أن الإسلام لم يمنع المرأة من التقدم والنجاح. الخلافات المذهبية ............................؟ الخلافات المذهبية غالبًا ما تنشأ بسبب سوء الفهم والتعصب للرأي. والحل الأمثل لتقليل هذه المخاطر هو نشر ثقافة التسامح والعودة إلى روح الإسلام الحقيقية التى تدعو إلى الوحدة ونبذ الفرقة وفقا لقوله تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا....) آل عمران 103. وقول النبى ( ): (لَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَنَاجَشُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا، الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ، وَلَا يَخْذُلُهُ، وَلَا يَحْقِرُهُ، التَّقْوَى هَاهُنَا - ويُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مِرَارٍ بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ، وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ) أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ؛ وكما قال الشاعر الحكيم : تأبى الرّماحُ إذا اجْتَمَعْنَ تكَسُراً فإذا افترقْنَ تكسرت آحاداً لذا ؛ ينبغى تعزيز الحوار بين المذاهب، وتصحيح المفاهيم الخاطئة، والتركيز على المشترك بين المسلمين بدلاً من الاختلافات ونحن فى ماليزيا نعتمد على نهج وسطى يعزز الوحدة بين المسلمين مع احترام التنوع الفقهي، وهو ما ساعد فى تحقيق الاستقرار والتعايش السلمي. ............................؟ الإسلاموفوبيا غالبًا ما تكون نتيجة لسوء الفهم والدعاية السلبية ضد الإسلام. وكما تقول الحكمة العربية : « المرء عدُوُّ ما جَهِلْ « ولمواجهة هذه الظاهرة، ينبغى أن نبرز القيم الحقيقية للإسلام، مثل العدل والسلام والرحمة ويتطلب الأمر تعاونًا بين الدول الإسلامية والمجتمع الدولى لتصحيح الصورة النمطية المغلوطة عن الإسلام. كما أن للإعلام دورًا حاسما فى نقل صورة أكثر توازنا عن الإسلام والمسلمين ونحن فى ماليزيا نحرص على ترسيخ ثقافة السلام والتعايش ونؤكد أن الإسلام دين يدعو إلى الخير والتسامح لكل البشرية.