أكملت مصر جهودها لإنجاح القمة العربية التي يمكن وصفها بالتاريخية في القاهرة وتأتى فى ظل تعقيدات يعمل الاحتلال الإسرائيلي لأن تكون معرقلة للتفاهمات العربية الخاصة بشأن مستقبل القضية الفلسطينية والوقوف أمام مساعي تصفيتها بأشكال وأوجه مختلفة، وهو ما يستدعى التركيز على الظهور لأول مرة منذ سنوات بموقف عربي مشترك موحد وبلورة تحرك ناجح هذه المرة ضد الابتزاز الأمريكي والاحتلال الإسرائيلي، بما يجعل المخرجات المزمع الخروج بها بمثابة وثيقة مهمة يجب الالتزام بها عربيا والتوجه نحو إيجاد الوسائل المناسبة لتنفيذها عى أرض الواقع، بما يشكل عودة إلى أسس إقامة الدولة الفلسطينية على حدود يونيو من العام 1967 وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي. ◄ مخاطر تصفية القضية فرصة لاستعادة العمل العربي المشترك ◄ حماس تؤكد التعامل مع الجهود العربية ..والاحتلال ينتهك الهدنة ■ القمة العربية الإسلامية وقبل ساعات من انعقاد القمة مع مثول المجلة للطبع استقبل رئيس الوزراء مصطفى مدبولي خلال اجتماع بالقاهرة نظيره الفلسطيني محمد مصطفى، واستعرض خلالها ملامح الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة وجهود التنسيق المشتركة للانتهاء من صياغتها تمهيداً لعرضها على القمة العربية، حيث أعدت مصر خطة «متكاملة للتعافى المبكر وإعادة إعمار قطاع غزة، مع الإبقاء على المواطنين الفلسطينيين فى القطاع أثناء عملية إعادة الإعمار» بتوجيهات من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. وكذلك التقى رئيس الوزراء الفلسطيني وزير الخارجية محمد مصطفى مع وزير الخارجية الدكتور بدر عبدالعاطى، والذى أكد أن «هناك اتصالات مكثفة تجريها مصر على أعلى مستوى مع كل الأشقاء العرب والأطراف الإقليمية والدولية للحشد الكامل لإقرار مخرجات القمة العربية الطارئة وخطة إعادة إعمار قطاع غزة والإنعاش المبكر والتى يتم إعدادها بين مصر والأشقاء الفلسطينيين». ◄ الأممالمتحدة وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش إنه سيشارك فى قمة القاهرة لبحث إعادة إعمار قطاع غزة، مشيرا إلى أنه سيوضح الأولويات خلال القمة، بما فى ذلك ضرورة الحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار بين حركة (حماس) وإسرائيل، وضرورة وجود إطار سياسى واضح نحو إعادة إعمار قطاع غزة وضمان استقراره بشكل مستمر. وأرسلت حماس رسالة إلى القمة العربية أكدت فيها «استعدادها للتعاون مع أى مبادرة تهدف إلى التصدى لمحاولات تهجير الفلسطينيين وإعادة إعمار قطاع غزة من دون المساس بالحقوق الفلسطينية، واستكمال باقى مراحل اتفاق وقف إطلاق النار وانسحاب إسرائيل من القطاع». وأوضحت فى بيان صادر عن رئيس المجلس القيادى للحركة محمد درويش: «حماس مستعدة لإنجاز حل عادل لقضيتنا الفلسطينية يضمن حق تقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس، وعودة اللاجئين لمدنهم وقراهم التى هُجروا منها منذ النكبة». ■ قرارات القمة العربية الاسلامية ◄ اقرأ أيضًا | بتكلفة 53 مليار دولار| عرض تفصيلي لخطة مصر لإعادة إعمار غزة ◄ رسائل المُحتل من جانبه، قال عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية، السفير رخا أحمد حسن، إن إسرائيل فى المقابل أرسلت عدة رسائل سلبية للقمة العربية تمثلت فى تحدى عدم الانسحاب من جنوبلبنان وحديثها عن رغبتها فى أن يكون جنوب العاصمة السورية دمشق منطقة منزوعة السلاح وادعاؤها بأنها تحمى فصيلا داخل الدولة السورية، ووصولا بقمة التحدى بوقف إدخال المساعدات ونقض اتفاق وقف إطلاق النار الذى سبق أن وافقت عليه وهو ما يحفز لضرورة اتخاذ موقف عربى حازم من دولة الاحتلال عبر مخرجات القمة. أضاف، أن التطورات الأخيرة لا تسير فى طريق السلام الذى تقول الولاياتالمتحدة إنها تسعى إليه كما أنه لا يتماشى مع مساعيها لاستمرار اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل عبر الاتفاقيات الإبراهيمية، ويبدو أن هناك تعارضا فى الأهداف التى أعلنها الرئيس دونالد ترامب نحو مستقبل الشرق الأوسط فى ظل مساعيه لجذب الاستثمارات الخليجية إلى الولاياتالمتحدة والتوجه نحو إسكات الحروب وبين ما تذهب إليه إسرائيل فى الوقت الحالى. وشدد على أن القضية الفلسطينية تستحوذ على الجزء الأكبر من جدول أعمال القمة العربية والتى سيكون لديها أربعة محددات رئيسية وهى التأكيد على ضرورة وقف إطلاق النار بمراحله الثلاثة خاصة الأخيرة التى ترتبط بإعادة إعمار قطاع غزة ورفض التهجير، إلى جانب تقديم الخطة المصرية المرتبطة بتفاصيل الإعمار وكذلك مناقشة تصور لإعادة إدارة قطاع غزة بعد انتهاء الحرب والمفاضلة بين تشكيل لجنة إسناد مجتمعى أو تشكيل حكومة ائتلافية تدير قطاع غزة والضغة الغربية. ◄ المُحدد الرابع وذكر أن المحدد الرابع يرتبط بفتح الأفق نحو إقامة دولة فلسطينية ارتكانا على الدعم الكبير بين الدول الأوروبية والعربية إلى جانب 146 دولة حول العالم تعترف بدولة فلسطين، والتأكيد على أن أى مساعٍ نحو السلام فى منطقة الشرق الأوسط لن يكون فى معزل عن إقامة الدولة على حدود يونيو من العام 1967. أكد الباحث فى العلاقات الدولية، محمد ربيع الديهى، أن محددات نتائج القمة تتمثل فى الموقف المصرى والعربى الرافض للتهجير والاتجاه نحو إعادة الإعمار وأن القمة قد يتمخض عنها آلية تمويل الإعمار ومن سيتكلفها ومن الذى سيقوم بعملية الإعمار وتحديد هوية الشركات المشاركة، ومدة الإعمار الزمنية والتعامل مع الوضع الإنسانى الراهن بخاصة مع تعليق العديد من الدول حول العالم لتمويلها المقدم إلى منظمة الأونروا. وأشار إلى أن المهم فى القمة أنها سوف تركز على أسس العمل العربى المشترك بخاصة أن الولاياتالمتحدة سبق أن قالت إنها تنتظر الموقف العربى بشأن الخطة البديلة لمستقبل قطاع غزة، وأن المؤشرات تشى بإمكانية النجاح فى بلورة تحرك عربى ناجح هذه المرة هدفه الرئيسى دعم القطاع إذ إنه ربما يكون للمرة الأولى منذ سنوات وجود توافق بين الدول العربية حول قضية محددة ويتمثل ذلك فى رفض تصفية القضية الفلسطينية وهو ما يجعل هناك حاجة لأن يكون الدعم العربى قويا لمصر فى هذه المرحلة. ◄ الرؤية العربية وشدد على أن الرؤية العربية تقتضى أيضًا التأكيد على تراجع حركة حماس خطوات إلى الخلف، وعدم إمساكها بزمام أمور إدارة القطاع، وهو ما يُسهم فى الضغط على دولة الاحتلال نحو إقامة دولة فلسطينية، مشيرا إلى أن الرؤية المصرية التى سيتم الإفصاح عنها بالتفصيل ستضع آلية للتعامل مع حركة حماس، وأن التعويل الأكبر على أن يكون هناك موقف عربى قوى وموحد بشأن الخطوات المقبلة لا يقبل الدخول على تفاصيله لإحداث قدر من الانقسام. وبشأن إمكانية استعادة الجامعة العربية مكانتها فى أعقاب قمة القاهرة، أكد الديهى أن الجامعة تقوم بالأساس على إرادة الدول العربية وأن أى قرار يخرج عنها ويحظى بتوافق عربى سيكون مرهونا بمدى التناغم بين الدول الأعضاء، وأنه منذ نشأة الجامعة قبل ما يقرب من 80 عاما كانت المواقف القوية نتيجة لتوافق كبير بين الأعضاء، مشيرا إلى أن قمة القاهرة يتوافر فيها إلى قدر كبير حجم من التوافق العربى أكبر بكثير مما كان فى أوقات سابقة. ◄ دبلوماسية مصر وشدد الباحث والمحلل السياسى، عمرو حسين، على أن مصر استطاعت خلال الدبلوماسية الرئاسية التى تبناها الرئيس عبدالفتاح السيسى أن تحشد موقفا قويا داعما للقضية الفلسطينية سواء كان ذلك على المستوى العربى أو حتى المواقف الأوروبية، وأن القمة العربية المصغرة الأخوية فى المملكة العربية السعودية وجهت رسالة قوية برفض التهجير ودعم الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة؛ هذه الخطة التى وضعت جدولا زمنيا من 3 إلى 5 سنوات يمكن من خلالها إعادة قطاع غزة إلى الحياة مرة أخرى وذلك عن طريق إدخال أكثر من 20 شركة متعددة الجنسيات لإعادة إعمار غزة وموافقة أكثر من 12 دولة أوروبية على تمويل إعادة إعمار غزة. وأشار إلى أن تحركات الفترة الماضية تبرهن على أن قمة القاهرة تشهد قرارات قوية وحازمة تؤكد على رفض التهجير ودعم مصر والأردن فى مواجهة تلك المخططات التى تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية والعمل على الحفاظ على حق الشعب الفلسطينى فى إقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدسالشرقية وفقا لمبادرة الملك عبدالله الراحل خلال القمة العربية لعام 2002. ◄ قمة استثنائية وذكر الباحث والمحلل السياسى، محمد اليمنى، أن قمة القاهرة لابد أن تكون استثنائية لأن ما يتم تخطيطه للدول العربية من جانب إسرائيل والولاياتالمتحدة هو أيضا أمر استثنائى والأمر لا يرتبط فقط بالقضية الفلسطينية أو استمرار الاحتلال فى لبنان أو سوريا أو قصف اليمن؛ لكن الأمر أكبر من ذلك ويهدف لأن تكون دولة الاحتلال هى الأقوى والأكثر سيطرة على دول المنطقة فى كافة الأصعدة. وأضاف أن الدول العربية أمام فرص عديدة وليست فرصة واحدة للتوحد بخاصة أن الكثير من الدول فى المنطقة بينها مصر ودول الخليج لديهم أوراق ضغط قوية على إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، وأنه من المفترض أن يتم استخدام هذه الأدوات خلال آلية عمل مشتركة تخرج عن القمة والابتعاد عن المخاوف التى قد تكون لدى البعض بشأن ردة الفعل الأمريكية. وشدد على أن الجامعة العربية لابد أن يكون لديها دور فاعل وملموس على أرض الواقع لإقناع الشعب الفلسطينى بجدوى تحركاتها تحديدا وأن لسان حال أهالى غزة فى هذا التوقيت هو «كفانا استنكارات وشجبا وإدانات» ولابد أن يكون هناك دور ملموس على أرض الواقع.