هلَّ علينا شهر رمضان المبارك، شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار. اللهم اجعلنا من الذين تتقبل أعمالهم وتغفر لهم. أما الرحمة التى نطالب بها من بنى البشر فى شهر الرحمة، فهى رحمة التجار الجشعين بالمواطنين. هناك أسعار سلع لا يمكن تصديق أنها تُباع بهذه الأرقام. بالمناسبة، السلع التى أتحدث عنها مصرية خالصة، لا مجال لدخول مكونات أجنبية فيها. على سبيل المثال، أسعار البلح زادت أربعة أضعاف عن العام الماضي، وكذلك أسعار العرقسوس، والدوم، والكركديه، وغيرها من المشروبات التى يعتمد عليها الناس البسطاء. هذه الأصناف تُزرع فى مصر وليست مستوردة، وعندما تسأل عن سبب الارتفاع الجنونى فى الأسعار، تجد إجابة عجيبة من البائع، ملخصها: «كل سنة وأنت طيب، ده موسم، وبعدين كل حاجة غليت.. يعنى جت على الحاجات دي؟» لم أتحدث عن أسعار اللحوم، لأن أول رد سيكون أن أسعار الأعلاف تضاعفت وتتغير كل يوم. أعلم أن هناك أزمة عالمية، وأن هناك موجة غلاء طاحنة، لكننى أعلم أيضًا أن هناك رحمة فى شهر الرحمة. ليس عيبًا أن يقوم التاجر بتقليل هامش الربح والمساهمة فى خفض الأسعار خلال هذه المرحلة. بعض التجار الجشعين يشترون المنتجات من منافذ معارض «أهلاً رمضان» وغيرها، ثم يعيدون بيعها بأسعار أعلى فى منافذ خاصة. أعتقد أن الرحمة انتُزعت من قلوب هؤلاء البشر، فهم لا يفكرون إلا فى الدنيا واستغلال المواطنين لأقصى درجة ممكنة. فى هذه الأيام، ارتفعت أسعار الخضراوات أيضًا تزامنًا مع بداية موسم رمضان، وبدون أى أسباب منطقية. دعونا نستغل الشهر الكريم لنكون أكثر رحمة فيما بيننا، وليُسارع القادرون إلى مساعدة كل محتاج قدر المستطاع، لأن التكافل ومساعدة الغير من أحب الأعمال إلى الله. شهر رمضان ليس صيامًا عن الأكل والشرب فقط، لكنه شهر كريم جعله الله شهر مغفرة ورحمة، وهنا يجب أن نكون رحماء بغير القادرين. لا يجوز أن يستغل بعض التجار عادات الناس فى هذا الشهر ويرفعوا الأسعار دون مبررات.. أعتقد أن ما شهدناه من مبادرة أطلقتها الحكومة قد ساعد الكثيرين على شراء بعض السلع بأسعار معقولة، واستفاد منها محدودو الدخل. دعونا نتعاون فى هذا الشهر ليشعر الجميع بكرم الله علينا. ننتظر مبادرات جديدة من التجار، ومن حقنا أن نقاطع شراء أى سلعة تُباع بأسعار فلكية، ومن حقنا أيضًا أن نجبر التجار على وقف الجشع والاستغلال من خلال تعديل ثقافة الاستهلاك، والإقدام على شراء السلع الضرورية فقط، وبالكميات المعقولة.. دعونا نتعاون لنشعر جميعًا بفضل الشهر الكريم. وتحيا مصر.