في ليلة استثنائية حيث يتناغم الفن مع عبق التاريخ، احتضن معبد أبو سمبل فعاليات مهرجان أسوان الدولي للثقافة والفنون في دورته الثانية عشرة، حيث اجتمعت فرق فنية من مختلف أنحاء العالم أمام أعظم شواهد الحضارة المصرية، وسط حضور جماهيري مبهر من أهالي المدينة، السائحين، والضيوف. انطلقت العروض وسط أجواء مفعمة بالإبداع، بحضور نخبة من قيادات الثقافة والفنون، وكوكبة من الإعلاميين والصحفيين الذين وثّقوا هذه الليلة الفريدة، تحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، واللواء إسماعيل كمال، محافظ أسوان، وبإشراف الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة اللواء خالد اللبان، افتتح الحفل بعزف السلام الجمهوري، تلاه أوبريت "نورت مصر"، من كلمات وألحان الفنان محمد مصطفى، وتصميم استعراضات مدربي الفرق الشعبية، وإخراج الفنان هشام عطوة. ◄ اقرأ أيضًا | أصل الحكاية| تعامد الشمس على معبد أبو سمبل إعجاز فلكي وشاهد حضاري ثم بدأت الفرق المشاركة في رسم لوحاتها الفلكلورية المبهرة، حيث تنافست ألوان الفنون بين الهند، الصين، صربيا، بولندا، بنما، ليتوانيا، اليونان، سريلانكا، كولومبيا، سلوفاكيا، التشيك، فلسطين، تونس، الجزائر، إلى جانب الفرق المصرية التي قدمت لوحات مستوحاة من التراث النوبي، الصعيدي، والبدوي، في مشهد جسّد الهوية المصرية المتنوعة. ومع غروب الشمس، انتقل المهرجان إلى ساحة سوق أبو سمبل، حيث تحولت الشوارع إلى مسرح مفتوح للفن هنا، لم يكن الجمهور مجرد مشاهد، بل كان جزءًا من الحدث، حيث اندمج الأهالي مع الإيقاعات التراثية، وصفّق الأطفال بحماس، وشارك كبار السن في الرقصات الشعبية، وكأن الزمن قد عاد بهم إلى أصول الفلكلور المصري الأصيل. هتافات الفرح، التصفيق الحار، والبهجة التي عكستها أضواء الفوانيس جعلت السوق يبدو كلوحة نابضة بالحياة، امتزجت فيها الثقافات بروح واحدة، احتفاءً بالموروث الإنساني المشترك. تتوج هذه الاحتفالات مع إشراقة شمس السبت، حيث يحتشد الجميع أمام معبد أبو سمبل ليشهدوا الظاهرة الفلكية النادرة "تعامد الشمس على وجه الملك رمسيس الثاني"، في مشهد يذكّر بعظمة المصريين القدماء الذين صنعوا مجدهم بعلومهم وفنونهم. بمشاركة 26 فرقة للفنون الشعبية، منها 14 فرقة دولية و12 فرقة مصرية، شكل مهرجان أسوان الدولي لوحة فنية جامعة تعكس امتداد الفن من الماضي إلى الحاضر، مؤكدةً أن مصر ستبقى دائمًا أرض الحضارات وملتقى الثقافات.