أيمن محسب مهنئا الرئيس بذكرى انتصارات أكتوبر: واحدة من أعظم لحظات العزة والفخر    الخميس المقبل إجازة للعاملين بالقطاع الخاص بمناسبة ذكرى 6 أكتوبر    150 جنيها زيادة في أسعار الذهب خلال أسبوع بمكاسب 2.9%    جولة ميدانية لمحافظ أسوان لمتابعة جودة اللحوم.. وننشر أسعار اللحوم اليوم الأحد    وزير الاتصالات يعلن إطلاق النسخة المطورة من منصة «إبداع مصر» خلال مؤتمر Techne Summit بالإسكندرية    طرح 386 وحدة صناعية لرواد الأعمال جاهزة للتسليم الفوري في 11 محافظة    قيادي ب مستقبل وطن: «تراثنا» نقطة انطلاق لتحويل الحرف التقليدية إلى صناعة رقمية مستدامة    ترحيب عربي بخطوات حماس تجاه مقترح «ترامب» لإنهاء الحرب على غزة    عاجل- فتح ترحب برد حماس على خطة ترامب وتدعو للوحدة الفلسطينية    عاجل- 6 شهداء في غارات الاحتلال على غزة منذ فجر اليوم بينهم 4 من منتظري المساعدات    لاقتحام المنافسة.. موعد مباراة مانشستر سيتي أمام برينتفورد والقناة الناقلة    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 3 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    مواقيت الصلاة اليوم الأحد 5 اكتوبر 2025 في محافظة المنيا    «الرقابة الصحية» تحتفل باليوم العالمي لسلامة المرضى تحت شعار «بداية آمنة لمستقبل أكثر صحة»    «الحصاد الأسبوعي».. نشاط مكثف لوزارة الأوقاف دعويا واجتماعيا    في مواجهة منتخبي جيبوتي وغينيا بيساو .. حسام حسن يراهن على رامي ربيعة صخرة دفاع العين لحسم التأهل للمونديال    الدبلوماسية الشعبية فى مواجهة الصلف الإثيوبى    تأجيل دعوى متجمد نفقة جديدة ب 150 ألف جنيه تلاحق إبراهيم سعيد لجلسة ل12 أكتوبر    «مرة فى الشهر » الفيلم الذى أبكى الجميع فى مهرجان الغردقة    أيقونات نصر أكتوبر    منذ فجر اليوم .. 6 شهداء فى غارات الاحتلال على غزة بينهم 4 من منتظرى المساعدات    رحيل فيريرا عن الزمالك.. مفاجآت في توقيت الإعلان والبديل بعد التعادل مع غزل المحلة    هشام حنفي: جماهير الزمالك فقط هي من تقف بجانب النادي حاليًا    إسرائيل تعترض صاروخًا أُطلق من اليمن دون وقوع أضرار    السوريون يدلون بأصواتهم لاختيار أعضاء مجلس الشعب    مصرع شخص وإصابة 10 في انقلاب ميكروباص بطريق شبرا بنها الحر    بمناسبة يومهم العالمي.. خلف الزناتي يوجه رسالة للمعلمين    أسعار الفراخ في أسيوط اليوم الأحد 5102025    بعد خماسية الريال وفرانكفورت.. موعد مباراة أتلتيكو ضد سيلتا فيجو والقناة الناقلة    وزارة الصحة تكثف توفير الخدمات الطبية وأعمال الترصد في عدد من قرى محافظة المنوفية تزامناً مع ارتفاع منسوب مياه نهر النيل    رئيس هيئة الرعاية الصحية يلتقي رئيس مجلس أمناء مؤسسة "حماة الأرض" لبحث أوجه التعاون المشترك    المملكة المتحدة: ندعم بقوة جهود ترامب للتوصل لاتفاق سلام في غزة    قدمها في حفل مهرجان نقابة المهن التمثيلية.. تامر حسني يستعد لطرح «من كان يا مكان»    في 5 أماكن.. تعرف على أماكن الكشف الطبي لمرشحي مجلس النواب بسوهاج    136 يومًا تفصلنا عن رمضان 2026.. أول أيام الشهر الكريم فلكيًا الخميس 19 فبراير    المطرب اللبناني فضل شاكر يسلم نفسه إلى الجيش    اليوم.. محاكمة 5 متهمين في قضية «خلية النزهة الإرهابية» أمام جنايات أمن الدولة    متى يبدأ التشعيب في البكالوريا والثانوية العامة؟ التفاصيل كاملة    السيسي يضع إكليل الزهور على قبري ناصر والسادات    بيراميدز يسعى للتأهل لدور 32 بدوري أبطال أفريقيا على حساب الجيش الرواندي، اليوم    استقرار نسبي..اسعار الذهب اليوم الأحد 5-10-2025 في بني سويفى    «اللي جاي نجاح».. عمرو سعد يهنئ زوجته بعيد ميلادها    صبري عبد المنعم يخطف القلوب ويشعل تريند جوجل بعد تكريمه على كرسي متحرك    مواعيد مباريات اليوم الأحد والقنوات الناقلة.. بيراميدز وبرشلونة والسيتي    شوبير يكشف موعد إعلان الأهلي عن مدربه الجديد    الكشف برومو وموعد عرض مسلسل "المرسى" في 15 أكتوبر    لسرقة قرطها الذهبى.. «الداخلية» تكشف حقيقة محاولة اختطاف طفلة بالقليوبية    تشييع جثامين 4 ضحايا من شباب بهبشين ببنى سويف فى حادث الأوسطي (صور)    أذكار النوم اليومية: كيف تحمي المسلم وتمنحه السكينة النفسية والجسدية    أبواب جديدة ستفتح لك.. حظ برج الدلو اليوم 5 أكتوبر    سلاف فواخرجى تكشف عن تدمير معهد الموسيقى فى سوريا    اعرف تردد مشاهدة "قيامة عثمان" بجودة HD عبر هذه القناة العربية    لعلاج نزلات البرد.. حلول طبيعية من مكونات متوفرة في مطبخك    اندلاع حريق في «معرض» بعقار سكني في شبرا الخيمة بالقليوبية    دراسة حديثة: القهوة درع واق ومُرمم لصحة الكبد    كيف نصل إلى الخشوع في الصلاة؟.. الدكتور يسري جبر يوضح    أسعار الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأحد 5 أكتوبر 2025    هل التسامح يعني التفريط في الحقوق؟.. الدكتور يسري جبر يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إسلام عفيفي يكتب: إنهم يكتبون شهادة وفاة حلف الناتو
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 21 - 02 - 2025

عندما يتحدَّث رئيس أمريكى عن حلف الناتو وكأنه «نادى اجتماعى» وليس تحالفًا عسكريًا شكَّل التوازن العالمى منذ الحرب العالمية الثانية، وعندما يصر على إذلال أقرب حلفائه [«وزير الخزانة الأمريكى يضغط على زيلينسكى لتوقيع اتفاق يمنح أمريكا نصف المعادن الأرضية النادرة فى أوكرانيا، قائلًا: أمامك ساعة واحدة فقط للتفكير»].. ثم يُدير ظهره لحليف استنزفته الحرب، فاعلم أن شيئًا ما فى النظام الدولى ينهار.
تصريحات دونالد ترامب الأخيرة لم تكن مجرد زلة لسان أو مناورة انتخابية، بل كاشفة لحقيقة أمريكية طالما تجنَّب الجميع الاعتراف بها: واشنطن لم تعد ترى فى أوروبا شريكًا استراتيجيًا، بل عبئًا يجب التخلص منه تدريجيًا، ولم تعد ترى فى أوكرانيا قضية تستحق الدفاع، بل ورقة سياسية يمكن حرقها متى دعت الحاجة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
اقرأ أيضًا| إسلام عفيفى يكتب: «مدريد» بتتكلم مصرى
شكَّل التحالف الأمريكى الأوروبى حجر الأساس للنظام الدولى، لكنه اليوم يُواجه واحدةً من أخطر لحظات التصدُّع فى تاريخه، لم تعد العلاقات بين ضفتى الأطلسى كما كانت، ولم تعد أمريكا ترى فى أوروبا ذلك الشريك الضرورى، فى ظل تصاعد تلك الأصوات داخل واشنطن والتى تدعو إلى فك الارتباط مع أوروبا، خصوصًا مع عودة دونالد ترامب، تتزايد الأسئلة الملحَّة: هل بدأ الطلاق البارد بين أمريكا وأوروبا؟ وهل يُمكن للقارة العجوز أن تعيش بدون الحماية الأمريكية؟
فى السياسة، هناك لحظات لا يُمكن استيعاب تداعياتها إلا بعد أن تهدأ العاصفة، تصريحات ترامب الأخيرة حول الناتو، أوكرانيا، والرسوم الجمركية ليست مجرد كلمات طائشة، بل تعكس تحوُّلًا جوهريًا فى العقيدة الأمريكية تجاه أوروبا.
اقرأ أيضًا| إسلام عفيفى يكتب: معركة «الوطن البديل»
حين يقول ترامب إن الولايات المتحدة لن تُدافع عن الدول الأوروبية التى لا تدفع «ما عليها» لحلف الناتو، فهو لا يطلق تصريحًا انتخابيًا عابرًا، بل يُعلن نهاية الالتزام الأمريكى غير المشروط بالدفاع عن أوروبا، وهذا ليس كلامًا جديدًا، بل امتداد لموقفه منذ 2016، حين وصف الناتو بأنه «منظمة عفى عليها الزمن»، لكن الفرق اليوم أن هذا الموقف لم يعد مجرد تهديد، بل أصبح سياسة فعلية قيد التنفيذ.
فرنسا: ماكرون أدرك الحقيقة.. متأخرًا
حين تحدَّث الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون فى 2019 عن أن «الناتو ميت إكلينيكيًا»، لم يأخذه أحد على محمل الجد، لكن اليوم، يبدو أنه كان أكثر استشرافًا للمستقبل مما توقعه البعض.. فرنسا تُدرك أن أمريكا لم تعد ترى فى أوروبا أولويةً، ولهذا تُحاول أن تقود جهود استقلال الدفاع الأوروبى، لكن الواقع أن فرنسا وحدها لا تكفى، باريس قد تمتلك ترسانةً نوويةً وجيشًا محترفًا، لكنها لا تملك الاقتصاد أو النفوذ السياسى الكافى لجرّ القارة الأوروبية نحو الاستقلال عن واشنطن.
اقرأ أيضًا| إسلام عفيفى يكتب: كوبرى السيدة عائشة.. متى يسقط جسر الموت؟
ماكرون يُريد بناء جيش أوروبى مستقل، لكنه يعلم أن معظم الأوروبيين، خصوصًا فى أوروبا الشرقية، لا يثقون به، بل يُفضِّلون المظلة الأمريكية، وهذا هو التناقض القاتل: أوروبا تُريد الاستقلال، لكنها لا تملك الإرادة السياسية لدفع ثمنه.
برلين فى مواجهة الحقيقة العارية..
ألمانيا، القوة الاقتصادية الأكبر فى أوروبا، كانت دومًا تعتمد على المظلة الأمنية الأمريكية، مقابل التزامها بسياسة سلمية منذ الحرب العالمية الثانية، لكن هذا النموذج ينهار الآن.. ألمانيا اليوم فى مأزق وجودى لن تخرج ملامحه عن مشهدين:
1. إذا انسحبت أمريكا فعليًا من التزامها بالدفاع عن أوروبا، فهل تستطيع ألمانيا أن تتحوَّل إلى قوة عسكرية قادرة على سد هذا الفراغ؟
2. إذا قرَّرت واشنطن فرض رسوم جمركية ضخمة على الصادرات الألمانية (كما يُهدد ترامب)، فكيف ستتعامل برلين مع صدمة اقتصادية بهذا الحجم؟
المفارقة أن ألمانيا اليوم مكشوفة تمامًا: لا تمتلك جيشًا قويًا، ولا تملك خيارات اقتصادية بديلة سريعة، ولا تستطيع بناء تحالفات أمنية جديدة بسهولة، لذا، فإن أى تحوُّلٍ حاد فى الموقف الأمريكى قد يجعلها تدفع الثمن الأكبر.
أوكرانيا: عندما تنتهى صلاحية الحلفاء
إذا كان الأوروبيون يُعانون من خيبة أمل بسبب الموقف الأمريكى، فإن أوكرانيا تعيش حالة خيانة كاملة، واشنطن استخدمت أوكرانيا لاحتواء روسيا، لكنها الآن بدأت ترى أن هذه الحرب لم تعد ذات جدوى استراتيجية، وأن التركيز يجب أن يتحوَّل نحو الصين. تصريحات ترامب التى ألقى فيها باللوم على كييف فى اندلاع الحرب ليست مجرد موقف شخصى، بل تعكس تحوُّلًا أمريكيًا نحو التعامل مع أوكرانيا ك«ورقة مستهلكة» لم تعد ضرورية كما كانت فى 2022.
زيلينسكى الذى حظى يومًا بتصفيق العالم، بات اليوم مهمّشًا فى دوائر القرار الغربية، أوكرانيا الآن تُركت فى منتصف المعركة، بعدما راهنت بكل شىءٍ على دعم غير مشروط من واشنطن، لكن كما يحدث دائمًا مع أمريكا، عندما يتغيَّر المزاج السياسى، يتغيَّر كل شىء.
حلف الناتو: الهيكل الذى ينهار ببطء
الناتو ليس مجرد تحالف عسكرى، بل هو رمز للهيمنة الأمريكية على أوروبا، لكن ما يحدث اليوم يُشبه التآكل البطىء لجدار قديم: التشققات تتزايد، والأساسات تهتز، لكن لا أحد يُريد أن يعترف بأن السقف قد ينهار قريبًا.
التحدى الأكبر اليوم هو الثقة، إذا قرَّرت روسيا، على سبيل المثال، اختبار وحدة الناتو عبر تحركات عسكرية محدودة فى دول البلطيق، فهل سيُخاطر الحلف بالتصعيد دون ضمان التزام أمريكى؟ أم أن الانقسامات ستظهر، وسيكتشف الجميع أن الناتو ليس صلبًا كما يعتقدون؟
واشنطن تتجه شرقًا.. هل تركت أوروبا لمصيرها؟
كل المؤشرات تقول إن أمريكا تتجه نحو آسيا، وإن الأولوية الحقيقية لواشنطن لم تعد موسكو، بل بكين؛ فالصين تُمثِّل التهديد الأكبر للولايات المتحدة، اقتصاديًا وعسكريًا، وما تفعله واشنطن الآن هو إعادة تموضع استراتيجى:
- تقليص التزاماتها فى أوروبا.
- إنهاء تورطها فى حرب أوكرانيا.
- تعزيز تحالفاتها فى آسيا لمواجهة الصين.
لكن المشكلة أن هذا الانسحاب ليس مجرد خطوة عسكرية، بل هو تغيير جذرى فى النظام العالمى، فأمريكا التى صنعت النظام الحالى بعد الحرب العالمية الثانية، هى نفسها التى تعمل اليوم على تفكيكه وإعادة تشكيله وفق مصالحها الجديدة.
ما يحدث الآن ليس مجرد أزمة عابرة فى العلاقات الأمريكية الأوروبية، بل نهاية مرحلة وبداية أخرى، أوروبا اليوم مكشوفة: لا تمتلك قوة عسكرية مستقلة، ولا اقتصادًا قادرًا على تحمُّل صدمة الانفصال عن أمريكا، ولا رؤية استراتيجية متماسكة.
فى النهاية، السؤال الأكبر الذى يجب أن تطرحه أوروبا على نفسها هو: هل يُمكننا البقاء بدون أمريكا؟
إذا كان الجواب نعم، فعلى الأوروبيين أن يستعدوا لحمل أعباء أمنهم بأنفسهم، والخروج من عباءة الحماية الأمريكية.
أما إذا كان الجواب لا، فالأجدر بهم أن يتوقَّفوا عن الحديث عن «استقلال أوروبا»، لأنه فى النهاية، لا يوجد استقلال بدون قوة، ولا يوجد قرار سيادى بلا ثمن، والثمن الذى تهرب أوروبا من دفعه اليوم، سيكون فاتورة باهظة غدًا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.