في قلب قرية دير المدينة العمالية، حيث عاش وأبدع أعظم الحرفيين في مصر القديمة، ظهرت إحدى القطع الأثرية الفريدة التي تعكس روح التدين والعقيدة في تلك الحقبة. إنها لوحة فوتيف ستيل، المكرسة للإله آمون-ري، والتي ما زالت تحتفظ بألوانها الزاهية رغم مرور القرون، لتكشف عن جانب من الممارسات الدينية الشخصية التي ميزت عصر المملكة الحديثة. ** رمزية الآذان المستمعة إلى الصلوات اقرا ايضا | وزير السياحة: لدينا مرممين وآثاريين أكفاء يعملون وفقاً للقواعد الدولية من أبرز ملامح هذه اللوحة وجود ثلاثة أزواج من الآذان المرسومة بالأزرق والأصفر والأخضر على الجانب الأيسر. لم يكن هذا التفصيل مجرد زخرفة فنية، بل كان يرمز إلى آذان الإله التي تستمع إلى دعوات المؤمنين، في تعبير واضح عن العلاقة الوثيقة بين المعبود والمصلّين. في تلك الفترة، نمت الطوائف الدينية الشخصية جنبًا إلى جنب مع الطوائف الرسمية، مما أتاح للطبقات الاجتماعية المتواضعة فرصة أكبر للتقرب من الآلهة وطلب البركة والاستجابة لصلواتهم. اقرا ايضا | بين كنوز الحضارة وجمال الفن الإسلامي.. حضور بارز لمصر في بينالي جدة ** دير المدينة.. موطن الحرفيين المتعبدين تقع قرية دير المدينة غرب الأقصر، وكانت موطنًا للحرفيين الذين عملوا على تشييد وتزيين مقابر الملوك في وادي الملوك. عاش هؤلاء الفنانون حياة متكاملة داخل مجتمع منغلق، حيث مارسوا حياتهم اليومية ومعتقداتهم الدينية. ومن هنا، جاء هذا اللوح التعبّدي ليعكس إيمانهم العميق وتمسكهم بالعقيدة، حيث لم يكن آمون-ري مجرد إله للدولة، بل كان قريبًا من قلوب البسطاء الذين رأوا فيه المستجيب لدعواتهم. ** القيمة الفنية والتاريخية للوحة اقرا ايضا | إحياء معبد الرامسيوم.. مشروع ترميم جديد يعيد الحياة إلى أحد أعظم معابد الأقصر بفضل احتفاظها بألوانها الزاهية، تقدم فوتيف ستيل لمحة فريدة عن تطور الفن الديني في مصر القديمة. الألوان المستخدمة لم تكن مجرد عناصر جمالية، بل كانت تحمل دلالات رمزية تعكس مفاهيم روحانية عميقة. الأزرق يرمز إلى الخلود، والأصفر إلى النور الإلهي، والأخضر إلى الحياة والبعث. هذا المزج الفني يعكس براعة الحرفيين المصريين القدماء في توظيف الألوان لخدمة المعتقدات الدينية، مما يجعل هذه اللوحة وثيقة أثرية مهمة تسلط الضوء على جانب من الحياة الروحانية في دير المدينة. تمثل هذه القطعة نموذجًا حيًا للتداخل بين الفن والعقيدة في مصر القديمة، حيث استطاع الحرفيون أن يخلدوا صلواتهم وتضرعاتهم في لوحات من الحجر، لتبقى شاهدة على إيمان شعب أبدع في الفن كما أبدع في الإيمان. اقرأ أيضا | وزير السياحة يشارك في مراسم إعلان «بغداد عاصمة للسياحة العربية 2025»