ترفع شعوب العالم شعارا جديدا قديما من واجبها وحقها أن ترفعه مثل شعار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب: «أمريكا أولا»!.. وهو شعار مماثل لشعار: مصر أولا، السودان أولا، السعودية أولا، فرنسا أولا.... وهى شعارات تعنى الاهتمام بالداخل والعناية به وتطويره، ولا تعنى الانفصال عن العالم أو مجافاته ومعاداته أو التنمر عليه، كما أنها شعارات تختلف اختلافا تاما عن الشعار العرقى النازى: «ألمانيا فوق الجميع»، والشعار اليابانى: «اليابان فوق الجميع»، والشعار الإيطالى الفاشى: «إيطاليا فوق الجميع»، التى أُطلقت فى حقبة الحرب العالمية الثانية، وجرّت أوروبا والعالم إلى التهلكة.. في حالة «أمريكا أولا.. الترامبية» تناقض كامل للشعار مع التطبيق، ففى حين عانت ولايات «تينيسى» و«فلوريدا» و«كارولينا الشمالية» و«كاليفورنيا» من كوارث طبيعية، ضربتها خلال العام الماضى، فإن إدارة الرئيس ترامب مدعوة إلى إعادة إعمار ما تهدم من تلك الولاياتالأمريكية، كما سارع ترامب إلى الدعوة لإعادة إعمار قطاع غزة، لجعله منطقة منتجعات دولية جذابة شبيهة بالريفيرا الفرنسية!! وثمة المشردون الأمريكان الHomeless!! فحسب وزارة الإسكان الأمريكية، بلغ عدد المشرّدين المسجلين فى أمريكا سنة 2024، نحو 770 ألف أمريكى، وهو رقم قياسى يزيد بنسبة 18٪ عن عددهم سنة 2023.. نحن من الحريصين على تطبيق شعار «أمريكا أولا»، تطبيقا عاجلا، لأن تطبيق فكرة الرئيس ترامب الخيالية، انتزاع وتهجير واقتلاع فلسطينيى قطاع غزة من أرض وطنهم؛ مستحيل استحالة مطلقة. كما أن الشق الآخر، أى توطينهم فى مصر أو الأردن وغيرهما، مستحيل استحالة مطلقة.. أما ما هو ممكن، فهو تطبيق شعار أمريكا أولا، لأن تطبيقه كما يعلم العالم كله، ممكن بيسر بلا أية انتهاكات وعقبات، وبدون اقتلاع وانتزاع!.. وإذا كان «السيد ترامب» يرى أنه من الإنسانية أن يترك أهل غزة أرضهم لفترة محدودة لدولة جوار، فمن الأولى إعادتهم إلى أراضى فلسطين التاريخية، خاصة أن70٪ من سكان غزة من مناطق ال 48، ومن ثم يعودن بعد الإعمار إلى غزة، فالأولى أن تستوعبهم بلدهم.. نحن نستوعب أن مقترح «ترامب» جاء من إرث قديم.. إرث منذ تأسيس أمريكا تقريبا، حيث كان الأمريكيون يتجادلون حول من ينبغى إدراجه ومن ينبغى استبعاده، وكانت حدود الهوية الأمريكية غالبا ما تتشكل من خلال التحيز ضد غير البيض. ومنذ عام 1798، سعت قوانين الأجانب والتحريض على الفتنة إلى ترحيل المهاجرين وإغلاق بعض المطابع المملوكة للمهاجرين، خوفا من نشر أفكار تهديدية. ولقرون قبل تأسيس البلاد، وخلال السنوات الأولى من الجمهورية، كان يتم جلب العبيد إلى الولاياتالمتحدة فى الأسر. وعلى مدى مئات السنين، تم إبعاد السكان الأصليين قسراً من أراضيهم من قبل المستوطنين الأوروبيين.. لكن.. لا أعلم متى سيدرك «السيد ترامب» وأى سيد فى الإدارات الأمريكية أن القضية الفلسطينية باتت مضرب مثل، وأن الحق الفلسطينى فى دولته من النهر إلى البحر مطلب تجاوز الفلسطينى إلى شعوب العالم أجمع، وأن الفكر الأمريكى الذى يتخذ من وجود دولة الكيان أساسا لتنفيذه بات محاربا فى كل مكان، وأن تغيير الجغرافيا والديمغرافيا أصبح أمرا ليس مرفوضا فحسب بل محاربا.. لكل وطنه يحبه ويحامى عنه ويبذل روحه لأجله، فلا حق لأحد أن يرسم للناس مستقبلهم، فما كان فى العام 1948 لن يتكرر.. خلاصة الكلام.. نحن نرى أن اقتراحات الرئيس ترامب غير قابلة للتطبيق ولا حتى التصديق، ونحن لا نصفها كما وصفها المشرعون الديمقراطيون الأمريكان بأنها «اقتراحات سخيفة للغاية» !!.. لكن سنقول لك: يا «سيد ترامب» خليك فى حالك وناسك وخلينا فى حالنا وناسنا. لكن أشك أنه سيفهم ما أقول.. حيث فاتنا جميعا..... أن «السيد ترامب» أكثر شخص يعبر عن عقلية المهاجرين عندما يحكمون السكان الأصليين، إنه يعتقد أن الوطن بيت جميل على بحيرة يسبح فيها البط.. والله من وراء القصد..