على الضفة الغربية لنهر النيل، بجنوب مدينة رشيد، يقع مسجد أبو مندور، أحد أقدم وأهم المعالم الدينية والتاريخية في المدينة. يعود نسب العارف بالله سيدي محمد أبو مندور، الذي اشتهر بلقب "أبو النضر" لقوة بصره، إلى الإمام محمد بن الحنفية بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه. منذ أن وطأت قدمه أرض رشيد عام 991م، أصبح هذا المسجد مركزًا لنشر تعاليم الدين، ولا يزال حتى اليوم مقصدًا للزائرين الباحثين عن الروحانية والجمال المعماري. ◄ نشأة المسجد وتاريخه يعود بناء مسجد أبو مندور إلى الفترة التي عاش فيها سيدي محمد أبو مندور في رشيد، والتي امتدت 11 عامًا حتى وفاته عام 1002م. وفي عهد الخديوي عباس الثاني، شهد المسجد عملية تجديد واسعة عام 1894م، ليحافظ على مكانته كأحد أبرز المساجد التاريخية. وفي عام 1987، سجلته وزارة الآثار ضمن قائمة المساجد الأثرية، نظرًا لقيمته الدينية والمعمارية. يتسم مسجد أبو مندور بتصميمه المستطيل، حيث يتكون من مساحة مربعة مقسمة إلى ثلاثة أروقة مدعومة بأعمدة رخامية تحمل عقودًا مدببة، تعلوها سقوف خشبية. ويتميز المحراب بجدار القبلة بزخارف معمارية دقيقة، بينما صنع المنبر من الخشب المنقوش بتقنيات الخرط المعقلي والزخارف الهندسية. أما الضريح، فيقع بالجهة الجنوبية الشرقية، وتعلوه قبة مزينة بمقرنصات ونوافذ صغيرة لإدخال الضوء الطبيعي. ◄ المئذنة العثمانية الفريدة تعتبر مئذنة مسجد أبو مندور الوحيدة في مدينة رشيد التي تحمل الطابع العثماني. تتميز بقاعدة مربعة يعلوها طابق مثمن مزخرف بالمقرنصات، وتنتهي بقمة مدببة، ما يجعلها نموذجًا نادرًا للمآذن في المدينة. اقرأ أيضا| أصل الحكاية| «مسجد قجماس الإسحاقي».. جوهرة معمارية مملوكية | صور ظل مسجد أبو مندور عبر القرون مزارًا دينيًا هامًا، حيث يعتقد سكان رشيد بكرامة صاحبه، مما جعل المسجد مقصدًا للزائرين من مختلف المناطق. وعلى الرغم من التوسع العمراني المحيط به وتأثير الطريق الساحلي الدولي على المشهد العام، إلا أنه لا يزال يحتفظ بجماله المعماري وأهميته الروحية. يعد مسجد أبو مندور شاهدًا على تاريخ مدينة رشيد وروحانيتها، حيث يجمع بين الإرث الديني والتصميم المعماري المميز. وعلى الرغم من تغيرات الزمن، يظل هذا المسجد رمزًا للإيمان والجمال، ووجهة يقصدها الزوار للتأمل في تراث يمتد عبر العصور.