أتمنى أن تكون القمة العربية معبرة عن العرب بقوة، وهى قطعاً ستكون كذلك، ترفض التفريط فى الأرض، وتتمسك بحقوق الشعب الفلسطينى الصامد قوة العرب فى وحدتهم، وانتصارهم على أعدائهم يأتى من وحدة الصف وتوحد المقاصد والمصلحة، والرأى الواحد المتفق عليه، والذى يضع مصلحة الأمة فوق كل اعتبار، والتاريخ هو من يحكى ذلك على مر العصور، تحقق الانتصار لما توحدت كلمة الأمة، مروراً بالتتار والصليبيين والمغول، ومؤخراً عندما اصطف العرب تحت راية واحدة فى حرب أكتوبر1973، وكانت على موقف رجل واحد، فحققت أغلى الانتصارات. التهديدات الإسرائيلية والأحلام الأمريكية التى يروجها نتنياهو ضد الدول العربية، خاصة مصر والسعودية والأردن، مطالباً إياهم بقبول تهجير الشعب الفلسطينى إليهم، معتقداً أن ذلك أمر يمكن فرضه على الدول الثلاث، حتى يحقق حلمه بالاستيلاء على البقية الباقية من الأراضى الفلسطينية، أو طرح فكرة إنشاء «ريفيرا» تخدم المنطقة وأهلها وبينهم الفلسطينيون.. يتكلم وكأن الدنيا دانت له، يعربد فيها كيفما يشاء دون أن يوقفه أحد، صحيح أنه بآلته العسكرية دمر الحياة فى ربوع غزة، ولكنه لم يكسر إرادة الفلسطينيين، وهذا ما تؤكده الصور والأوضاع فى القطاع، الشعب الفلسطينى - كما يطلق على نفسه - شعب الجبارين، من أيام زعيمهم ياسر عرفات رمز المقاومة، يثبتون فعلاً أنهم جبارون، يتمسكون بالأرض شبراً شبراً، مع أنها حطام وأنقاض، ويزحفون عرايا مشياً على الأقدام، وفى جو عاصف للعودة مع وقف إطلاق النار، لأنقاض بيوتهم التى دمرها العدوان معتقداً أنه بذلك يقضى عليهم، هذا الشعب الذى عاش ويلات الغارات بكل أنواع القنابل، ظل متمسكاً بأرضة لا يبرحها، يفضل الموت تحت ترابها على أن يتركها لعدو متغطرس لا يملك إلا قوة العدوان، حتى فى المدارس والمستشفيات لم يسلم الراية، يخرج كل دقيقة ليشيع شهيداً، ويعود للصمود حتى وهو لا يملك قوت يومه أو حتى دواء علاجه، هذا الشعب، أيها النتنياهو اللعين، هل يمكن لأى فرد منه أن يفرط فى الأرض أو يتركها لتستولى عليها؟، أنت تعيش الوهم، ولم تتعلم، ولن تتعلم من دروس الماضى القريب، بعد عدوانك فى1967، واحتلال الأراضى العربية، دمرت مدن القناة، وضربت المنازل والمدارس والمستشفيات، ولكن كان طوفان أكتوبر1973 أكبر رد على عدوانك. انتصار أكتوبر كان بوحدة العرب، عندما اتحدت مصر وسوريا لخوض المعارك والاستعداد لها، ثم خوضها ببسالة، ومن ينسى وقفة الزعيم الملك فيصل ملك السعودية، وكل الدول العربية التى قطعت البترول عن أوربا وأمريكا، فى وقفة كان لها تأثيرها القوى على تحقيق النصر، ولا موقف الزعيم الجزائرى هوارى بومدين الذى ذهب بطائرته إلى موسكو ليسدد «بالكاش» ثمن السلاح الذى كانت تحتاجه مصر للمعركة. مرحباً بالقمة العربية فى القاهرة، والتى لا أحب أن أطلق عليها طارئة، لأنها ببساطة واجب وفرض عين أن تتجمع الأمة بصورة دائمة، وفى كل وقت، خاصة فى ظل المخاطر، لن تُسلم الأمة أقدارها لمن يريد العبث بها، وما أعلنته مصر والسعودية والأردن من رفض التهجير ببيانات قوية، وثبات الشعب الفلسطينى الذى يرفض وبإباء وشموخ ترك الأرض أو التفريط فيها، هو بداية وأد أحلام نتنياهو، ومن يحلمون بأرض فلسطين ريفيرا جديدة على حساب الشعب الصامد. أتمنى أن تكون القمة العربية معبرة عن العرب بقوة، وهى قطعاً ستكون كذلك، ترفض التفريط فى الأرض، وتتمسك بحقوق الشعب الفلسطينى، وتنادى بحل الدولتين على حدود 1967، ووقف العدوان الإسرائيلى، وإنهاء المعاناة التى يعيشها الفلسطينيون على أرضهم.