يبدو أن الأيام القادمة حُبْلى بالمستجدات والمفاجآت، لا يكفى أن نفتح أعيننا، فقط، على واشنطن، أو نستغرق بما صدر عن ترامب من تصريحات، لابد أيضا أن ندقق بارتدادات المشهد من كافة أطرافه.. تل أبيب التى تتحرك بسرعة لاستثمار الفرصة بدءا من غزة وانتهاء بالضفة الفلسطينية، فصائل الداخل الفلسطينى وسلطته المترددة جميعها فى «لم الشمل»، العمق العربى الذى لم نسمع صوته حتى الآن، تركيا التى تحاول مقايضة ترامب بالملف الكردي في سوريا.. إلخ.. هذا يستدعى أن نفترض - على الأقل - أننا أصبحنا وحدنا، وأن مواجهة القادم، ملف مصرى عنوانه «مصر أولا وأخيرا».. صحيح، يجب أن نذهب إلى كل العواصم لنكسب مواقف داعمة، أو لنضع الجميع أمام مسؤولياتهم، أى خطر يستهدف مصر سيمتد إلى المنطقة كلها، ويهدد الأمن القومى العربي، ويؤسس لخرائط جديدة فى المنطقة قابلة للانفجار، هذه المهمة تقع على عاتق الدبلوماسية المصرية، ولديها من الخبرة ما يكفى للقيام بها.. لكن فى موازاة ذلك لابد أن نستدير للداخل المصري، قوة الجبهة الداخلية وصلابتها هى التى ستمنح الدولة الحكمة والقوة باتخاذ القرار، والقدرة على المواصلة، والثقة بتحمل ما يلزم من أعباء. عملية الاستدارة إلى الداخل، هذه التى دعوت لها كثيرا، وفهمها البعض -للأسف- فى سياق الانعزالية، والانسحاب من الواجب القومي.. لقد دفعنا أثمانا باهظة لهذه الافتراضات، ومن الحكمة والعقلانية أن نبنى فى الشارع خطابا وطنيا يتوجه إلى المصريين، ويتناغم مع مصالحهم، ويرفض المزاودة، تحت أى شعار، على مواقفهم، المعركة هى معركة مصر.