ثمة اختراقة مهمة تنتظر الملف الفلسطيني بتفاصيله المتداخلة خلال الأيام القادمة، حيث استقبلت القاهرة منذ الأمس، ثلاثة وفود فلسطينيين، اثنان منها يتبع حركة حماس، والثالث هو وفد ما يعرف ب"التيار الإصلاحي لحركة فتح بقيادة السياسي الفلسطيني محمد دحلان. واليوم وصل وفد من حركة حماس بالخارج يقوده الدكتور موسى أبومرزوق قادما من اسطنبول، لينضم إلى وفد رئيس الحركة إسماعيل هنية الذي كان قد وصل بالأمس، للقاهرة، بصحبة مسئول الحركة في غزة يحيى السنوار والقيادي يحيى مشتهي. وبوصول القيادي الفلسطيني محمد دحلان للقاهرة خلال الساعات القادمة ، يمكن قراءة الحراك الفسطيني المصري في سياق التفاهمات الأخيرة التي ترعاها مصر بين التيار الإصلاحي في حركة فتح من جانب وحركة حماس من جانب آخر، خصوصا بعد التضييقات الأخيرة من قبل السلطة الفلسطينية على قطاع غزة والمتمثلة في إجراءت مالية وإدارية كانت لها تأثير كبير على أوضاع القطاع. صحيح أن القاهرة ترى في حركة حماس أحد أدوات ضبط الحركة الأمنية على الحدود مع مصر بالتزامن مع الحملة المصرية ضد العناصر المتطرفة في سيناء، إلا أن الأوضاع الإنسانية لقطاع غزة تبقى في أولويات اهتمام النظام المصري، لاسيما من خلال معبر رفح الذي يعتبر الشريان الرئيسي للقطاع، ولذلك فمن المنطقي أن يحتل موضوع المعبر مساحة كبيرة من اهتمام الأطراف المجتمعة بالقاهرة. وقالت مصادر فلسطينية ل"بوابة الأهرام"، إن معبر رفح سيفتح لفترات أوسع الأيام القادمة، وأن طريقة الإدارة من الجانب الفلسطيني هي محور مهم ضمن أجندة المباحثات، وفي هذا السياق نقلت تقارير إعلامية مقترحا لتشكيل قوة شرطية بإمكانيات وكفاءات عالية مهمته تأمين الحدود مع مصر والإشراف على معبر رفح وترتيب الأوضاع داخل غزة وتفعيل لجنة المصالحة المجتمعية لحل مشكلة الدم العالقة بين الجانبين "دحلان وحماس" منذ الانقلاب الذي قادته حماس في غزة عام 2006. ولا تبدو إيران بعيدة عن التفاعل الحاصل في الملف الفلسطيني، حيث تعرض موقف حماس في الأشهر الأخيرة لاستدارة قوية من ناحية العلاقة مع إيران وبالتالي الموقف من الأزمة السورية، والتي كانت سببا في التحول الكبير لتوجهات الحركة من 2011، اضطرت الحركة على إثرها إلى مغادرة دمشق، ولكن حركة التحالفات الإقليمية المتغيرة، أجبرت حماس -على ما يبدو- إلى مراجعة مواقفها مرة أخرى، وهو ما ظهر في تصريحات القيادات الحمساوية مؤخرا بشأن التقارب مع إيران. القاهرة من ناحيتها – حسب مراقبين- تنظر إلى هذه الاستدارة بنوع من القلق، ولذلك فهي تحاول الحفاظ على علاقات متوازنة مع الحركة بما يضمن مصالح قطاع غزة ومصالح الأمن القومي المصري. طاهر النونو القيادي في حركة حماس أكد ل"بوابة الأهرام"، أن ملف الأسرى سيكون حاضرا في المباحثات الفلسطينية، فالمعروف أن القاهرة ضامن رئيسي في قضية تبادل الأسرى بين حركة حماس والجانب الإسرائيلي، وظهر ذلك بوضوح عام 2014 في صفقة الجندي الآسير جلعاد شاليط، وواضح من تصريحات الصحافة العبرية أن ثمة صفقة يتم الإعداد لها لتبادل أسرى إسرائيليين لدى حماس بآخرين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، ولكن تفاصيل الصفقة لم يتم الإعلان عنما ويبقى الكلام بشأنها مجرد تسريبات، خصوصا مع تناقض التصريحات من الجانب الإسرائيلي من حين لآخر. ولا شك أن محادثات القاهرة بين قادة الصف الأول بحماس وتيار دحلان تمثل رسالة قوية لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس باعتباره أحد أبرز من عارضوا تفاهمات دحلان وحماس، خاصة أنها تقضي بالدعوة إلى انتخابات رئاسية وتشكيل حكومة وحدة وطنية. وكانت "حماس" قالت في بيان، إن رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية، ورئيسها في قطاع غزة، يحيى السنوار، غادرا قطاع غزة في زيارة إلى القاهرة، لأول مرة منذ انتخابهما، وأكدت مغادرتهما القطاع عبر معبر رفح الحدودي، وأشارت، إلى أن هنية والسنوار توجها إلى القاهرة "للقاء المسؤولين المصريين على رأس وفد رفيع المستوى من قيادة الحركة في الداخل والخارج". وأضاف البيان، أن مسؤولي الحركة سيبحثان "العديد من القضايا المهمة، وخاصة العلاقات الثنائية مع مصر الشقيقة وسبل تطويرها وتعزيز التفاهمات مع القاهرة، التي تمت خلال زيارة وفود الحركة السابقة، وآليات تخفيف الحصار عن غزة، وغيرها من الموضوعات التي تهم الطرفين"، وأوضح أن البحث سيتناول كذلك "تحقيق المصالحة الوطنية" في الساحة الفلسطينية.