يأتي شهر يناير وتطل علينا أجواء معرض القاهرة الدولى للكتاب، التي تحمل هذا العام رقم 56، ذلك العرس الثقافى الذى أنتظره من السنة إلى السنة، وكذلك يفعل الملايين من محبى الكتاب والقراءة. أيام مختلفة تبعث على التفاؤل حينما ترى العائلات المصرية تزور المعرض، يصطحب الآباء والأمهات الأطفال ويذهبون لقضاء يوم فى المعرض، يتجولون بين الأجنحة والقاعات. يشترون الكتب، يحضرون الندوات، يلتقون الأصدقاء، يسعدون برؤية كتّابهم المفضلين وجها لوجه بعدما عاشوا معهم طويلا على الورق، من خلال عوالمهم الروائية أو المعرفية. متعة لا يعرفها غير الذين جربوها ثم أدمنوها، هو بالنسبة لى الإدمان الوحيد، الذى لا يمكن أن يضر صاحبه، بل يعطيه زادا وزوادا ليحيا أكثر من حياة. القراءة هى عالم بذاته. معها نعرف أكثر، نملك مفاتيح وحلولا لا نجدها إلا بين سطور كتاب وضع فيه مؤلفه عصارة خبراته، وأنوار إبداعه. ضيف الشرف فى معرض هذا العام هى سلطنة عمان، وهى دولة صديقة طالما ساندت مصر فى كل مواقفها السياسية، كما تربطنا بها علاقات اقتصادية وثقافية قوية. عشرات الندوات تمتلئ بها أجندة برنامج المعرض هذا العام، يتحدث فيها أبرز نجوم الكتابة، السياسة، الاقتصاد، من مصر والدول العربية والعالم. هذا الحراك الثقافى هو سمة القوة الناعمة المصرية على مر العصور، قوتنا الحقيقية التى تجعل من شعبنا ومجتمعنا شعبا استثنائيا، تنصهر فيه كل الثقافات دون أن ينصهر هو فى إحداها. العناوين للإصدارات الجديدة هذا العام لافتة، جذابة، تعكس تطورًا ملحوظًا فى صناعة النشر العريقة فى مصر، شباب الناشرين متطورون جدا، يقدمون إنتاجا متميزا شكلا ومحتوى، يخاطب الأجيال الجديدة بلغتهم، ويقدم لهم ما يبحثون عنه. اتحاد الناشرين المصريين بقيادة رئيسه الدكتور فريد زهران يحتفل بمرور ستين عاما على تأسيسه. العراقة هى مفتاح مصر، والنجاح هو سمتها. نعم نجحنا فى الاستمرار فى دورنا الثقافى رغم كل التحديات الصعبة، مستمرون فى دعم المثقفين والناشرين والقراء من طلاب الثقافة والمعرفة. مهما واجهتنا الظروف ستظل مصر مهد الحضارة والثقافة والإبداع. كل سنة و كل المصريين المثقفين بخير.