محافظ القاهرة يهنئ السيسي بذكرى عيد تحرير سيناء    جامعة المنصورة تستقبل وفدا من مركز القياس والتقويم بوزارة التعليم العالي    «النواب» يبدأ الاستماع لبيان وزير المالية حول الموازنة العامة الجديدة    تراجع جديد لسعر الذهب اليوم الثلاثاء بمنتصف التعاملات    وزير النقل يتابع التشغيل التجريبي لمحطات الخط الثالث بالمترو    الرقابة المالية تصدر قرارًا بشأن إعادة تقييم الأصول الثابتة للشركات المقيدة    تنظيم الاتصالات يقر مواعيد العمل الصيفية لشركات المحمول    مجلس الوزراء: الأحد والإثنين 5 و6 مايو إجازة رسمية بمناسبة عيدي العمال وشم النسيم    محافظ أسيوط يفتتح مركز معلومات شبكات المرافق والبنية التحتية    بروتوكول تعاون بين جهاز شئون البيئة ومؤسسة حارتنا المصرية للتنمية المستدامة    قطر تؤكد التزامها بجهود الوساطة في أزمة غزة    انتهاك صريح للقانون الدولي والقيم الإنسانية.. "عربية النواب" تنتقد المجازر الإسرائيلية في غزة    ريال مدريد يقترب من حسم صفقة نجم مانشستر سيتي    اتحاد الكرة يستدعى لاعب المصرى 2003 ومسئولى إنبى للتحقيق فى شكوى التزوير    جيسوس يعيد بونو ويستبعد كوليبالي من مواجهة العين في نصف نهائي أبطال آسيا    محافظ شمال سيناء يعلن بدء طرح مشروع إسكان مدينة رفح الجديدة    مفاجآت في تشكيل الأهلي المتوقع أمام مازيمبي بدوري أبطال أفريقيا    آخر تطورات الحالة الصحية ل الشناوي، وتفاصيل وعد حسام حسن لحارس الأهلي    جنايات المنصورة تنتدب محاميا للمتهمة بقتل طفلة الستاموني    انتشال جثة شاب طافية بنهر النيل في أسيوط    11 معلومة مهمة من التعليم للطلاب بشأن اختبار "TOFAS".. اعرف التفاصيل    مصرع طفلة سقطت من الطابق الرابع بمساكن عثمان في أكتوبر    تأجيل نظر 3 قضايا قتل والبراءة لآخر بمركز بني مزار في المنيا    مي عمر تكشف عن مفاجأة في رمضان 2025 (تفاصيل)    فيلم يقفز بإيراداته إلى 51.3 مليون جنيه في 13 يوم.. تعرف على أبطاله وقصته    هل يستمر عصام زكريا رئيسًا لمهرجان الإسماعيلية بعد توليه منصبه الجديد؟    وفاة السيناريست تامر عبدالحميد بعد صراع مع مرض السرطان    احذر- الإفراط في تناول الفيتامينات يهددك بهذه الحالات المرضية    رئيس جامعة عين شمس والسفير الفرنسي بالقاهرة يبحثان سبل التعاون    خلال الاستعدادات لعرض عسكري.. مقتل 10 أشخاص جراء اصطدام مروحيتين ماليزيتين| فيديو    ناتاليا: درسنا أبيدجان جيدًا وهدفنا وضع الأهلي في نصف نهائي كأس الكؤوس لليد    رفع 40 سيارة ودراجة نارية متهالكة بمختلف المحافظات    "ضربها بمزهرية".. تفاصيل مقتل مسنة على يد سباك بالحدائق    غرق شاب في ترعة أخميم بسوهاج    عبدالرحمن مجدي: مباراة الاتحاد بداية تحقيق طموحات جماهير الإسماعيلي    قطاع الدراسات العليا بجامعة القناة يعلن مواعيد امتحانات نهاية الفصل الدراسي الثاني    جيش الاحتلال الإسرائيلي يقصف مناطق لحزب الله في جنوب لبنان    متحدث وزارة العمل: تعيين 14 ألف شخص من ذوي الهمم منذ بداية 2023    وزير الأوقاف من الرياض: نرفض أي محاولة لتهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته    البرلمان يحيل 23 تقريرا من لجنة الاقتراحات والشكاوى للحكومة لتنفيذ توصياتها    وزير الصحة: التوسع في الشراكة مع القطاع الخاص يضمن خلق منظومة صحية قوية    تحذيرات هيئة الأرصاد الجوية من ارتفاع درجات الحرارة ونصائح الوقاية في ظل الأجواء الحارة    إطلاق قافلة طبية مجانية في قرى مرسى مطروح.. اعرف الأماكن والتخصصات    بمناسبة اقتراب شم النسيم.. أسعار الرنجة والفسيخ اليوم الثلاثاء 23/4/2024    رئيس الأركان الإيراني: ندرس كل الاحتمالات والسيناريوهات على المستوى العملياتي    الرئيس السيسى يضع إكليلا من الزهور على النصب التذكارى للجندى المجهول    شعبة الأدوية: انفراجة في توفير كل أنواع ألبان الأطفال خلال أسبوع    نيللي كريم تثير فضول متابعيها حول مسلسل «ب100 وش»: «العصابة رجعت»    طلاب الجامعة الأمريكية يطالبون الإدارة بوقف التعاون مع شركات داعمة لإسرائيل    الرئيس البولندي: منفتحون على نشر أسلحة نووية على أراضينا    الدفاعات الأوكرانية: دمرنا جميع الطائرات المسيرة التي أطلقتها موسكو خلال الليل    الإفتاء: لا يحق للزوج أو الزوجة التفتيش فى الموبايل الخاص    حظك اليوم برج الميزان الثلاثاء 23-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    بدرية طلبة تحتفل بحنة ابنتها سلمى على الطريقة الهندية    "بأقل التكاليف"...أفضل الاماكن للخروج في شم النسيم 2024    مستدلاً بالخمر ولحم الخنزير.. علي جمعة: هذا ما تميَّز به المسلمون عن سائر الخلق    الإفتاء: التسامح في الإسلام غير مقيد بزمن أو بأشخاص.. والنبي أول من أرسى مبدأ المواطنة    علي جمعة: منتقدو محتوى برنامج نور الدين بيتقهروا أول ما نواجههم بالنقول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كلمة المثقفين ليست معولا لهدمه..بل لتطويره .. معرض القاهرة الدولي للكتاب ..تخمة في الثقافة .. هل تعاني من أنيميا في التنظيم ؟!
نشر في المسائية يوم 31 - 01 - 2015

يعقوب الشاروني : الدول العربية قلدت معرض القاهرة ..حتى في نقائصه !
أد. أسامة أبو طالب : هيئة الكتاب تطبع كتبا بلا قراء !
على المنظمين أن يدرسوا المعرض بعد انتهائه ليضعوا أيديهم على سلبياته ..حتى نتجنبها في السنوات القادمة .
قاعات الندوات خالية ..والحضور عادة عابرو سبيل !
محمد قطب :: على الدولة أن تسرع بتجهيز موقع آخر لمعرض الكتاب في المدن الجديدة لامكان فيه للخيام !
ربيع مفتاح : مطلوب خطة لاستقطاب طلاب المدارس والجامعات الذين يمثلون أكثر من ربع سكان مصر
شعبان يوسف : تهافت الناشرين على الاشتراك في المعرض دليل على نجاحه .
أحمد سويلم : اختيار الإمام محمد عبده شخصية المعرض يصب بقوة في مشروع تجديد الخطاب الديني .
استطلع أراءهم : محمد القصبي
..أ .ع... صحفية كما ينبغي أن يكون كل من يختار بلاط صاحبة الجلالة وطنا له ..خاصة في جانب اكتساب المعرفة ..فهي قروءة بشراهة .. لاأظن أن أسبوعا يمكن أن يمضي دون أن تقتني كتابا ..وكثيرا ما أستعير منها ما تشتري دون رد ..وأختلق الأعذار لسلوكي المشين ..وأخيرا واجهتها بشعار كنت أشهره في وجه أصدقائي وزملاء الدراسة في صباي وسنى الشباب : سرقة الكتب حلال إلا.. كتبي ! وكنت أحمقا حين صارحتها بهذا ..حيث كفت عن تمويلي بالكتب ..
التقيت بها مؤخرا في ندوة حول حرية الإبداع باتحاد الكتاب ..و عقب انتهاء الندوة اشتبكنا في حوار حول ماقاله فرسان المنصة ..وتطرق الحوار إلى معرض الكتاب ..سألتها: هل تصحبين أطفالك إلى المعرض؟ لتفاجئني :لم أذهب إلى المعرض منذ عدة سنوات !!!
كثير من المصريين هذا حالهم .. ..كثير منهم يولدون ويموتون دون أن يعرفوا حتى أين يقام المعرض ! كثير من المصريين خامدة تحت جلودهم شهوة المعرفة .. إذا لاحاجة لهم في معرض الكتاب !
لكن تلك المرأة التي أظن أن أهم نشاط انساني في حياتها هو أن تقرأ ..لماذا تقاطع المعرض !!
لم تجب على سؤالي ..بل سألت : منذ متى انطلق معرض الكتاب ؟
قلت :عام 1969..وكان هذا عام الاحتفال بألفية القاهرة ..ورأى وزير الثقافة الراحل الدكتور ثروت عكاشة أن صورة جميلة ومجدية للاحتفال إطلاق معرض الكتاب .
قالت :نعم ..كان عكاشة أحد أهم المسئولين الذين أعلوا من قدر الثقافة ..لكن ألا تلحظ معي أنه منذ إطلاق معرض الكتاب ..وشجرة الثقافة في مصر تذبل !
ماذا تعنين ؟
قالت :
-لاأعني هذا الذي تبادر إلى ذهنك ..أن المعرض مسئول عن كل كوارثنا الثقافية ..لكنه لم ينجح بكل أنشطته وفعالياته في أن يحول مثلا دون تنامي ظاهرة الإرهاب والتطرف الديني ..ولم يحل مثلا دون انتشار ظاهرة الدجل والشعوذة ..حتى الفضائيات ودور النشر تروج لهذه الثقافات المتردية ..فماذا فعل معرض الكتاب ..!
-ألهذا تقاطعين المعرض ؟
-آخر مرة زرت المعرض شعرت أنني أتجول في سوق ..مقاهي ومطاعم ..وصخب وضجيج ..أمور لاتليق بمكان ينبغي أن يحاط بالجلال .... وقاعات الندوات شبه خالية إلا من إعلاميين وعابري سبيل ..وبضعة من أصدقاء فؤسان المنصة ..
سألتها :
-ماذا تريدين تحديدا من المعرض ؟
قالت –شيء من النظام يليق بجلال السلعة التي تتداول فيه ..المعرفة ..لكن القضية ليست في المعرض ..بل في أمور ينبغي أن تسبق المعرض ..إعداد شعب يقدر قيمة المعرفة المستنيرة من خلال البيت والمدرسة والجامعة ووسائل الإعلام ..عندئذ سوف تصبح معارض الكتب أكثر جدوى ..حيث لامكان فيها لكتب ليلة الزفاف والنقاب فريضة ..وبرجك أيه !!
ملايين الباحثين عن المعرفة المستنيرة سيتوافدون على المعرض ويحتشدون في قاعات الندوات ..ينصتون ويتحاورون بوعي .. المعرض كما أراه الآن متخم بالثقافة ..لكن الاستفادة قليلة ..
لكن معرض القاهرة للكتاب الذي تراه زميلتي الصحفية بهذا السواد كان ثاني أهم معرض عام 2006 بعد معرض فرانكفورت .. وهو أحد أكبر المعارض المليونية ..حيث يتوافد عليه سنويا من مصر والعالم العربي عدة ملايين .
إلا أن هذا لايعني أنه نقي من كل نقيصة .. وخلال حواراتي مع العديد من الكتاب أشاروا إلى بعض هذه النقائص ..وروشتة العلاج ..
كاتبنا الكبير الأستاذ يعقوب الشاروني ..وهو أكثر المبدعين المصريين والعرب ترددا على معارض الكتب الدولية ..ماكدت ألفظ أمامه عبارة معرض الكتاب حتى قاطعني معلقا : هذا ليس معرض كتاب ..بل "سوء كتاب" !!
وكنت أظنه يعني بكلمة "سوء" رداءة المعرض ..لكنني فهمت منه بعد ذلك أنه يعني أن المعرض "سوق "لبيع الكتب ..وأدهشني حديثه ..أيعد هذا نقيصة في معرض القاهرة للكتاب ؟؟وأليس هذ حال كل معارض الكتب
وسألته في دهشة لماذا ياأستاذي ؟
فاسترسل قائلا :
سألته :
- وهل هذا يعيب المعرض ..كونه سوقا لبيع الكتب؟
فقال:
–معرض بولونيا خمسة أيام فقط ..منها يوم وحيد لبيع الكتب للجمهور ..والأيام الأربعة الأولى لأنشطة ثقافية تتعلق بالكتب المعروضة ومؤلفيها ..ندوات ثقافية حول هذه الكتب ..حوارات مع مؤلفيها .. وللأسف البلدان العربية تقلد مصر في تنظيم معارضها ..مجرد أسواق لبيع الكتب للجمهور العادي ..المعارض في الدول الأخرى مثل معرض فرانكفورت ونيويورك وبولونيا ..تعتني في الأساس بحقوق الملكية الفكرية ..وهي تهدف أولا إلى أن تكون ملتقى بين المؤلف والناشر والمترجم .. أي المتخصصين الذين تعنيهم صناعة الكتاب .. كما أن بيع الكتب في المعارض الدولية يجري طبقا لمنظومة تحول دون تكرار عرض الكتب ..وهذه إحدى المشاكل التي تعاني منها معارضنا ..الكتاب الواحد يعرض في اكثر من نجاح ..وهذا يمثل عبئا على الزائر حين يبحث عن كتاب بعينه ..فيتوه وسط أكوام من الكتب .
ويستطرد الشاروني :
كنت أتمنى أن يهتم المنظمون والناشرون في معرض القاهرة الدولي بإصدار قائمة بالكتب المعروضة في المعرض خاصة باللغة الإنجليزية ..بل ينبغي ان يحرص الناشر على وجود بامفلت لكل كتاب يتضمن نبذة عن موضوع الكتاب والمؤلف ..وأود أن أذكر أن الدول الأفريقية غرب الصحراء ..لديها قائمة بالكتب التي تصدر لديها وتشارك بها في المعارض الدولية ..
لكن كاتبنا الكبير يعرج فجأة بحديثه نحو من يراهم نسيا منسيا في خطابنا الثقافي ..سكان الريف في مصر ..ويطالب بضرورة أن يدخل هؤلاء في اهتمام صانع القرار الثقافي ..
ويصل الأمر بالروائي أحمد عبده فيما يتعلق بالاهتمام بتوصيل المنتج الثقافي للريف إلى حد اقتراح تنظيم رحلات تتكون من أفواج من الفلاحين للمعرض ..وليس الفلاحون وحدهم ..بل العمال وأئمة المدارس ..وشرائح أخرى من المجتمع ..هؤلاء الذين يبدو وكأن المنتج الثقافي ليس موجها لهم ..رغم أهمية وضع مثل هذه الشرائح وبالطبع كل شرائح المجتمع في بؤرة اهتمام منتج الثقافة والقائم على عملية تسويقها ..
الاهتمام بطلابنا
الناقد والمترجم ربيع مفتاح يولي اهتمامه أيضا بقطاع يمثل ربع سكان مصر وهم طلاب المدارس والجامعات ..يقول ربيع :
أكد المعرض الدولى للكتاب فى مصر وجوده وريادته الثقافية والحضارية ولايستطيع أن ينكر ذلك إلا حاقد أو مكابرأو جاحد وما أكثرهم فى هذه الأيام وليس معنى كلامى أن المعرض بعناصره وتكوينه وتنظيمه قد وصل إلى درجة الكمال . نعم هو يتطور سنة بعد أخرى
لكن منظومة التطوير والتحديث لانهاية لها مثلما لايوجد حدود للإبداع
إذا كانت الكتب تشكل البنية الأساسية لفكرة المعرض لكن هذه البنية تزدان وتحيط نفسها بباقات من الفعاليات الثقافية متمثلة فى إقامة الندوات بأشكالها المتعددة والمهرجانات الشعرية للأجيال المتعددة من شعراء الفصحى والعامية " عمودى . تفعيلى . قصيدة نثر " ومناقشة الروايات والمجموعات القصصية والكتب فى مجالات الأدب والفكر والفن والتاريخ والسياسة والعلوم وأدب الطفل والخيال العلمى والجديد منذ أعوام قلبلة تلك المسابقة التى يتم فيها اختيار أفضل الكتب التى صدرت فى مجالات كثيرة منها القصة والرواية والنقد والسياسة إلخ . ثم حصول الفائزين على على جوائز أدبية ومادية . ومن ثم يصبح المعرض من أهم الأحداث الثقافية خلال شهرى يناير وفبراير ويتوافق ذلك مع أجازة نصف العام لمرحلة التعليم ماقبل الجامعى والتعليم الجامعى . ومن هنا أبدأ فكرتى أو اقتراحى ..حيث
يوجد إحصاء تقريبى يفيد بأن عدد الطلاب فى مرحلة التعليم ماقبل الجامعى يصل إلى عشرين مليونا أما العدد فى التعليم الجامعى فإنه يفوق خمسة ملايين طالبا
والسؤال كيف يمكن للمعرض من خلال آليات جديدة أن يستفيد من جزء من هذا الكم بشكل فعال ؟ نعم وبالتأكيد توجد بعض الآليات الحاالية للاستفادة من ذلك لكن أتمنى أن يكون التنسيق مع وزارة التعليم والتعليم العالى أكثر من ذلك بكثير ولاسيما أن المعرض يغطى أجازة نصف العام بالكامل . أتمنى من الله أن تكون هذه الدورة وهى الدورة السادسة والأربعين فى تاريخ معرض القاهرة الدولى للكتاب من أنجح الدورات وأكثرها فاعلية
انتصار للدولة
الروائي والناقد محمد قطب ينظر بإيجابية إلى المعرض ..حين يؤكد أنه ظاهرة ثقافية لأثرت بلا شك على عقلية الإنسان المصري والعربي ..لذا يترقبه مئات الآلاف إن لم يكن الملايين كل عام للتزود بكل ماهو جديد ثقافيا ..
وينوه قطب إلى جانب مهم للغاية وهو أن إصرار الدولة على إقامة المعرض خلال السنوات الصعبة التي أعقبت ثورة 25 يناير ..وما شهده الشارع المصري من عنف وبلطجة ومحاولات البعض تقويض مؤسسات الدولة ..هذا الإصرار انتصار للدولة المصرية ..وتأكيد على حرصها على أن تبقى صناعة الثقافة في مصر قوية ومزدهرة مثلما كانت دائما ..إلا أن "قطب ينوه إلى أن الموقع الحالي للمعرض ليس مناسبا ..وأن الدولة خصصت أراض في إحدى المدن الجديدة لتنظيم المعارض ..ويجب الإسراع في تهيئة الموقع الجديد لإقامة معرض الكتب ..ويشير " قطب " إلى أن الدولة قامت بهدم مباني المعرض الحالي ..وأصبحت الأجنحة والندوات والفعاليات الثقافية المختلفة تقام في خيا م ..وهذا امر لايليق بالنشاط الثقافي..وزوار المعرض المصريين والعرب والأجانب .
ويطالب الكاتب والناقد الدكتور أسامة أبو طالب بإجراء دراسة لكل فعاليات المعرض عقب انتهائه لنضع أناملنا على نقائصه ومحاولة تفاديها أو الأوجه الإيجابية للتأكيد عليها وتطويرها في المعارض التالية...فمن الضروري أن ننتهي مع نهاية كل دورة إلى مؤشرات تفيدنا فيما بعد ..
ويوجه أبو طالب بعض الملاحظات التي تتعلق بالهيئة العامة للكتاب التي تتولى تنظيم المعرض ..مشيرا إلى أن الهيئة تطبع كتبا لاقاريء لها ..ويرى أن مثل هذه النوعية تطبع مجاملة لأصحابها ..و يسوق مثلا على ذلك بكتب الفهارس الكبيرة التي طبع منها ألاف النسخ بينما المطلوب فقط من كل فهرس مائتي نسخة ..حيث لايقرأوها سوى المتخصصين ..كفهرس الخيل مثلا ..وأيضا مطبوعات أكاديمية الفنون والخاصة بمعهد الترجمة واللغات -يستطرد أبو طالب – وظلت تصدر طيلة فترة تنظيم مهرجان المسرح التجريبي مايقرب من 20سنة ....وهي مطبوعات متخصصة في الفنون ..وكانت الغالبية العظمى من النسخ لاتباع ..بل تهدى للإعلاميين ..وبالطبع هم لايقرأونها ..لأنهم ليسوا متخصصين ..بل هذه المطبوعات عانت من ضعف المستوى لأن مترجمين غير متخصصين هم من قاموا بترجمتها .
شخصية المعرض
الشاعر أحمد سويلم ترصد قرون الاستشعار لديه بعض الجوانب المضيئة في معرض هذا العام ..ومن أهمها ابتكار ما يسمى بشخصية المعرض ..حيث يرى أن اختيار الإمام محمد عبده رمز الاستنارة الفكرية شخصية معرض 2015اختيارا موفقا للغاية لأنه يصب في صالح مانريده ونسعى إليه الآن من تجديد الخطاب الديني ..ويرى سويلم أن هذا الاختيار سيكون منطلقا للعديد من الأنشطة الثقافية والدينية ..حتى بعد انتهاء المعرض في مختلف محافلنا الثقافية والدينية والتي تتمحور حول شخصية هذا الإمام العظيم ..ورؤيته الاستنارية للدين ..حتى أنه كان لايرى أن العقيدة مثلا لاتحول دون الاستمتاع بالفن التشكيلي ! ..كما ينوه سويلم أيضا إلى شعار المعرض "الكتب هديتك " وهو شعار نحن في أشد الحاجة إليه الآن لتحفزي شعب مصر بكل قطاعاته على القراءة ..خاصة مع انخفاض معدلات القراءة خلال العقود الماضية .
الشاعر شعبان يوسف يرى أيضا أن المعرض يمضي في طريقه محققا أهدافه الثقافية والفكرية ....مستشهدا على نجاح المعرض بتهافت دور النشر المصرية والعربية والعالمية على المشاركة به ..حتى ان باب الاشتراك يغلق مبكرا ..بل أن المعرض خلال السنوات الماضية رغم صعوبتها –يستطرد شعبان يوسف –يستقطب ملايين الزوار ..
هل تبدو شهادة الشاعر الكبير شعبان يوسف مجروحة ؟ !
إنه عضو في اللجنة المنظمة للمعرض ..لكن هذا ليس سببا للطعن في شهادته ..فشعبان يوسف كما عرفناه في الوسط الثقافي مقاتل شرس من أجل مايراه أنه الحق ..قد يجانب الصواب رؤيته من وجهة نظر البعض إلا أن رؤيته هذه نتاج حسابات ليس بينها أية عوامل شخصية ..! هذا عهدي به ..لذا لاينبغي تجنيب ماقال ..وأيضا ما قاله آخرون من ذوي الرؤى المغايرة ..ورغم أن لدي رؤيتي الخاصة والتي لاتتفق في بعض ماقاله يوسف إلا أنني أرى ما يرى ..أن مجرد الإصرار على إقامة المعرض في ظل ظروف هي الأقصى في تاريخ مصر المعاصر ..أعني تلك الظروف التي عانت منها مصر عقب ثورة 25 يناير ..هو نجاح مذهل ..لكن هذا النجاح المذهل لايعني ألا نبحث عن سبل لتخليص معرض القاهرة الدولي للكتاب من نقائصه ..والعمل على تطويره ...وليطرح كل مالدى المثقفين من رؤى في هذا الشأن على صانعي القرار في وزارة الثقافة ..ليبدوا رأيهم فيما قيل ..وهذا مافعلته ..حين حملت كل تلك الملاحظات وطرحتها أمام مدير عام النشربالهيئة العامة للكتاب الصديق الدكتور شريف الجيار ..
حوار مع مدير عام النشر في هيئة الكتاب عن معرض القاهرة للكتاب
د. شريف الجيار مدير عام النشر في هيئة الكتاب :
معرض الكتاب فركة كعب من كل سكان القاهرة..ونقله إلى المدن الجديدة ليس فكرة صائبة
المعرض ليس فقط سوقا للكتاب ..بل أيضا ملتقى تتفاعل خلاله أفكار مثقفي مصر والعالم .
حضور إفريقي قوي في معرض هذا العام .
شاشات عرض في الأماكن العامة لبث كافة المعلومات الخاصة بالمعرض.
هناك رقابة على الكتب في المعارض العربية ..وفي مصر نواجه الفكر المتطرف الإرهابي بالفكر المستنير
الرقابة على كتب المعرض ينبغي أن تمارسها دور النشر من واقع إحساسها بالمسئولية الوطنية .
مثل العديد من الأصدقاء من النخبة ..الحديث معه ..حتى لو كان مخططا من قبل أن يكون حوارا صحفيا للنشر ..إلا أنه كثيرا مايتمرد على التدبير المسبق ..فلا يكون سوى حديث بين صديقين ..مفعم بالحميمية ..حتى لو تمترس الحوار ببعض الاختلافات في الرؤى .. ..فسرعان ما يتم تجاوزها ..ليوصل نهر الحميمية تدفقه .. هذا كان حالي خلال حواري مع الصديق الناقد اللامع د. شريف الجيار مدير عام النشر بالهيئة العامة للكتابة ..الجهة المنوط بها تنظيم معرض القاهرة الدولي للكتاب ..والدورة السادسة والأربعون للمعرض كانت محور حوارنا ..خاصة ما سمعته من أصدقاء من الوسط الثقافي من ملاحظات ومقترحات لتطوير المعرض ..
في البدء نقلت إليه ما يبدو أنه ظاهرة في الشارع المصري ..الناس لاتشعر بالمعرض ..خاصة خلال دوراته الثلاث الماضية ..وافقني الرأي ..وقال:
( نعم .. الشعب المصري كان لديه ما يشغله خلال السنوات الأربع الماضية مع اشتعال ثورة 25 يناير وماأعقبها من تداعيات خشى حتى المواطن العادي من أن تؤدي إلى تقويض ثوابت الدولة المصرية ..وكان مجرد الإصرار على إقامة المعرض في ظل هذه الظروف انتصار للثقافة والمثقفين ..الأمر يختلف هذا العام ..وثمة حملات إعلامية سبقت وتواكب أنشطة الدورة ال46 للمعرض تشارك فيها وسائل الإعلام المختلفة ..كما أن المواطن العادي يمكنه متابعة أنشطة المعرض ومواعيدها والمشاركون فيها من خلال شاشات عرض في الأماكن العامة..ونأمل أن تنجح تلك التغطية ال‘لامية في جذب اهتمام الناس ..فيزداد إقبال المصريين على تلك الاحتفالية التي تمثل شكلا من أشكال الوعي الثقافي..وتسهم في تنشيط ذاكرة الأمة..فضلا عن احتكاك متلقي الأدب والثقافة بشكل عام بالأقلام الجديدة..خاصة في الندوات التي تتعلق بالإبداع أو القضايا الفكرية ..بجانب الورش الفنية للأطفال التي تستقطب الأسر المصرية بشكل عام ..ونطمح أن يكون الإقبال الجماهيري على المعرض أكثر من دورة العام الماضي ..وفي هذا الشأن نراهن على وعي الشعب المصري وإدراكه بأن الثقافة تمثل محورا أساسيا في عملية تحديث المجتمع.
ملتقى للفكرالعربي والأفريقي
ونقلت للدكتور الجيار ما يراه الكاتب الكبير يعقوب الشاروني نقيصة في معرض القاهرة ..كونه محوريا سوق للكتب ..فقال :
( بالطبع ..يهمنا هذا ..ألا يقتصر المعرض على توافد دور النشر والتسويق لكتبها ..هناك حرص قوي وواع لأن يصبح المعرض ملتقى للفكر العربي تجاه القضايا الشائكة والمؤامرات الدولية التي تحاك ضد العالم العربي ..حيث تتلاقح الأفكار بين المفكرين العرب والأجانب ..وأيضا أصدقاؤنا من المفكرين الأفارقة ..حيث يشهد معرض هذا العام حضورا إفريقيا قويا ..ممايصب في هدف استعادة مصر لريادتها في المنطقة ..وبالتالي العمل على عودة اللحمة العربية الإفريقية .
مهمة دورالنشر
-لكن يفترض أن تصدر الهيئة العامة للكتاب قائمة شاملة وباللغتين العربية و الإنجليزية لكل المعروض في أجنحة المعرض من كتب ..هذا ما يحدث في المعارض الدولية ..مما يتيح الفرصة للزائر أن يحصل على معلومات كافية عن المطبوعات في المعرض ..وأماكن عرضها .
( دور النشر تقدم هذه الخدمة ..ونأمل ألاتكتفي بقوائم بالعربية ..بل تصدر أيضا قوائم باللغات العالمية كالانجليزية والفرنسية .
الرقابة غائبة
-نعاني من الإرهاب ..والإرهاب ينضح من فكر ديني مغلوط ..وهذا الفكر الديني المغلوط يتفشى في مئات إن لم يكن ألاف الكتب ..وللأسف كان مثل هذه النوعية من المطبوعات تتداول في الشارع المصري والعربي وتصدر عن دور نشر معترف بها ..لكن ما أود السؤال عنه ..كيف يمكن سد منافذ معرض القاهرة الدولي للكتاب أمام هذه النوعية من الكتب ..وكل أنواع الكتب التي يمكن أن تكون عائقا أمام تحديث العقل المصري والعربي على قيم الاستنارة والاعتدال الديني؟
(بعض الدول العربية تفرض بالفعل رقابة صارمة للحيلولة دون دخول مثل هذه الكتب إلى معارضها ..لكن في مصر لدينا وضع خاص ..صحيح أننا في مصر نتعرض لحملة شرسة من الإرهاب .. وهو إرهاب ناجم عن فهم خاطيء للدين ..ورغم ذلك ينبغي ان تكون الرقابة عبر الحوار ..ومواجهة هذه الأفكار الهدامة بكتب تدحضها ..لكن على دور النشر المصرية أن تمارس حالة من الضبط ..بقراءة الكتاب جيدا قبل نشره من قبل فاحص متخصص ....وبالتالي لاتطبق الرقابة بمفهومها التقليدي ..ولكن من خلال الإحساس بالمسئولية الوطنية الواقعة على دور النشر الحكومية والخاصة يتم نشر الفكر التنويري لمواجهة الفكر المتطرف .
-وماذا عن موقع المعرض ..البعض يطالب بنقله إلى أي من المدن الجديدة ..؟
(موقعه الحالي بمدينة بأرض المعارض بمدينة نصر ملائم جدا ..لأنه يتوسط إلى حد كبير مدينة القاهرة ..ولايعاني سكان المدينة في أي من أحيائها من مشقة الوصول إليه ..على العكس لو تم نقله إلى القاهرة الجديدة أو مدينة 6أكتوبر أو العبور أو الشروق ..هذا يدفع الناس إلى التقاعس عن زيارة المعرض .
هذا مطلوب !
- دكتور شريف ..ثمة مقترح بضرورة تنظيم رحلات لأعضاء النقابات المختلفة والطلاب للمعرض .
(نعم .. هذا ضروري في إطار الدور الثقافي الذي ينبغي أن يقوم به معرض الكتاب ..لاسيما في هذه الدورة بعد ثورتين مجيدتين ..فلابد من تقديم الدعوات للنقابات والأندية ومراكز الشباب والجمعيات الأهلية الخاصة بالثقافة وغير الثقافة ..حتى يصبح هناك حراك محسوس على الأرض يفيد في بث الوعي الثقافي في أنحاء مصر ..لاسيما أن وزارة الثقافة عقدت العديد من البروتوكولات مع العديد من الوزارات كالشباب والتعليم العالي والبيئة والأوقاف ..وكل هذا يصب في النهاية في الشخصية المصرية التي تشارك في صنع القرار ..لاسيما ونحن على مشارف اختيار أعضاء لمجلس النواب الذي يمثل العقل التشريعي للأمة المصرية .
-يروقني جدا كمواطن شعار المعرض هذا العام ..الكتب هديتك ..هل تراه يمكن أن يتجسد في زيادة إقبال المصريين على القراءة ؟
( هذا هو الهدف من رفع الشعار ..ونأمل في أن يكون مردوده جيدا في هذا الاتجاه ..أن يصل الكتاب إلى كل بيت ..لأن الكتاب هو هدية الوعي والتنوير والتفكير من أجل بناء مجتمع مصري صحي.
تقرير عن معرض الكتاب
بقلم محمد القصبي
وداعا أعوام الرمادة .. !
معرض القاهرة للكتاب يخرج من نفقه المظلم بشعار مبهر وشيخ تكفي كلمته لدحر الإرهاب .
شعار"الكتب هديتك "..محاولة على طريق تحويل المصريين إلى شعب قروء .
اختيار الشيخ محمد عبده شخصية المعرض ..سلاح فعال لتحصين العقول ضد التطرف بالإسلام الوسطي والفكر المستنير
الناشرون السوريون طالبوا عام 2011 بإقامة المعرض في ميدان التحرير ..ليكون أول معرض يقام على موقد ثورة شعبية !
زاهي حواس طلب إقامة المعرض في شهر مايو ..لكن الناشرين اعترضوا لانشغال الطلاب بامتحانات آخر العام .
ثروت عكاشة أطلق المعرض عام 1969 في إطارالاحتفالات بألفية القاهرة .
محمد القصبي --------
حينما كانت القاهرة تستعد للاحتفال بألفيتها الأولى عام 1969..فاض وجدان المثقف العظيم الدكتور ثروت عكاشة بفكرة رائعة ..أن يكون معرض دولي للكتاب أحد الأشرعة التي تتهادى في نهر الاحتفالية الكبرى ..فكانت الدورة الأولى لمعرض القاهرة الدولي للكتاب ..الذي نما وشاع أمره في فضاءات الثقافة العالمية ليصبح عام 2006 ثاني معرض بعد معرض فرانكفورت الشهير!
لكنه ..ومنذ انفجار ثورة 25 يناير عام 2011 ..والمعرض يعاني من ظروف قاسية ضاعف من قسوتها تداعيات الثورة من إرهاب وانهيار أمني ..ومحاولات تقويض الدولة المصرية من قبل فرقاء في الداخل ..وداعمين لهم في الخارج ..
وكان موعد تنظيم المعرض في يناير عام 2011أحد ضحايا الثورة ..حيث كان من المفترض أن يفتتح في 26يناير 2011
لكن زلزال 25 يناير حال دون ذلك ....وبدا مصير المعرض الشغل الشاغل لوزراء الثقافة الخمسة الذين تعاقبوا على المنصب خلال تلك الفترة .. فان كان المعرض في دورته الثالثة والأربعين لم ير النور خلال يناير 2011 ..الا أنه لم يكن واردا أبدا في ذهن أحد الغاءه ..بل كان السؤال الذي يشغل الجميع :متى يقام ؟ ..وحين التقيت في شهر مارس من نفس العام بالدكتور محمد صابر عرب الذي كان يشغل آنذاك منصب رئيس دار الكتب والوثائق
و كان أيضا مشرفا على الهيئة العامة للكتاب قبل تسكين الدكتور أحمد مجاهد رئيسا لها .. وجدته مؤرقا بالبحث عن اجابة لهذا السؤال : هل من المجدي تنظيم الدورة الثالثة والأربعين لمعرض الكتاب خلال عام 2011 أم من الأفضل الغاؤها والاعداد لمعرض 2012 ؟ وهو السؤال الذي أصبح أحد مؤرقات الدكتور مجاهد - وما أكثرها - بعد توليه مسئولية الهيئة.
لاللإلغاء !
ورغم ما بدا على السطح حينها من أن مسألة تنظيم المعرض قد تم حسمها من خلال القرار الذي اتخذ باقامته في شهر مايو 2011 .. بناء على توجيهات الدكتور زاهى حواس وزير الدولة لشئون الآثار حين كان مشرفا على وزارة الثقافة.. حيث قال حينها إن وزارة الثقافة ظلت حريصة على عدم إلغاء المعرض رغم الظروف التى شهدتها مصر فى الفترة الماضية.. وظلت فكرة الإلغاء مستبعدة تماماً لكونه حدثاً ثقافياً دولياً هاماً ينبغي على مصر إقامته كل عام ..
ورغم ترحيب الناشرين المصريين آنذاك بتصريحات حواس ..وتأكيدهم على ضرورة تنظيم المعرض باعتباره واجبا قوميا ..الا أن الكثير منهم أبدوا تحفظا على التوقيت ..ففي شهر مايو لاصوت يعلو في أي بيت مصري عن صوت الامتحانات ..ولن يكون منطقيا أن يقتطع طلاب المدارس والجامعات جزءا من وقتهم الثمين والمستنزف بالكامل في استذكار دروسهم ليزوروا المعرض ..فان فعلها بعضهم مرة ولمدة ساعة أوساعتين ..فلن يكرروا الزيارة .. على النقيض حين يقام المعرض خلال العطلة الدراسية .. ففي العادة يصطحب الأب عائلته لزيارته أكثر من مرة ..وفي كل مرة يمضي يومه متجولا بين أجنحة الكتب وقاعات الندوات.. لذا لاتفاجئنا التقارير التي أعدت عن المعرض خلال السنوات الأخيرة بأن رواده يتجاوزون المليونين في كل دورة ..وهو بذلك يتفوق على العديد من المعارض العالمية .. فمعرض باريس لا يزيد عدد زائريه عن 200 ألف وكذلك المعارض التي تقام في الصين والهند والتي لا يتجاوز عدد زوارها المليون ..!
المعرض في ميدان التحرير!
الا أن الاصرار على توقيت مايو قد يطيح بنقطة التفوق تلك ..فان كان أصحاب اقتراح اقامته في النصف الثاني من مايو قد راعوا توقيتات المعارض العربية التي تنتهي في النصف الأول من مايو ..فماذا عن المعارض الدولية .. مثل معرض جنيف وطهران وسيئول والتي قد تقام في النصف الثاني من مايو.
أي في نفس توقيت معرض القاهرة ....!
وبالطبع تم اقصاء توقيت مايو تماما ..وبدأ المسئولون ينقبون عن موعد آخر .. وحتى لو تم العثور على الموعد الآخر الملائم فأين يقام المعرض ..ورأى البعض العودة لاقتراح مثير للخيال قدمه الناشرون السوريون ..خلال شهر فبراير من عام الثورة ..أعني عام 2011..اقامة المعرض في ميدان التحرير ! .. والهدف تثوير هذا الحدث الثقافي بحيث يتناغم مع الأجواء التي تعيشها البلاد.. وهو بذلك سيكون أول معرض كتاب يقام على موقد ثورة شعبية !
كما أن الأخذ بهذا الاقتراح يمثل حلا لمشكلة بدأ يثيرها الناشرون آنذاك ..ارتفاع ايجارات الأجنحة في قاعة المؤتمرات التي وقع عليها الاختيار لتكون مكانا للمعرض .. ! الا أن اختيار ميدان التحرير ووجه بمخاوف أمنية عديدة ..ففي ظل الاعتصامات والاحتجاجات التي شهدها الميدان على مدار العام بدا من الصعب الرهان عليه كموقع آمن للمعرض ..ورغم أن الهيئة العامة للكتاب نجحت في اقامة معرض للكتاب خلال شهر رمضان في شارع فيصل.. الا أنه لايمكن اعتباره بديلا لمعرض القاهرة بأبعاده العربية والدولية الهائلة ..!
معرض 2012
ومع اقتراب عام 2011 من نهايته ..بدا المسئولون في وزارة الثقافة المصرية مؤرقين بسؤال لايمكن الفرار منه :وماذا عن معرض 2012؟
ولم تكن بين الاجابات أبدا فكرة الغاء المعرض أو حتى تأجيله ..ثمة اصرار على اقامته ..لكن متى ؟ ..وأين ؟..الخيار الثوري باقامته في ميدان التحرير استبعد كليا خوفا على حياة الناشرين والجمهور..فمازالت الأحوال في الميدان والشوارع المتفرعة منه غير مستقرة ..ومع الحاح الناشرين المصريين والعرب تقرر العودة الى أرض المعارض والتخلي عن تنظيم المعرض في قاعة المؤتمرات بسبب ارتفاع تكلفة الحجز بها مما يمثل أعباء اضافية على الناشرين ..فايجار المربع في أرض المعارض 270 جنيها فقط ..بينما يصل الى 470 جنيها في قاعة المؤتمرات ..
لكن متى يقام المعرض ؟ في البدء وكخيار أيضا ثوري تقرر تدشين المعرض يوم 24يناير ..أي عشية الاحتفالات الضخمة التي ستقام بمناسبة الذكرى الآولى لاشتعال ثورة 25 يناير ..وكأن اقامة المعرض جزء من هذه الاحتفالات ..الا أنه لأسباب أمنية صدر قرار آخر بتأجيل الافتتاح حتى الأول من فبراير ..التأجيل أثار احتجاجات الناشرين الذين قالوا أن هذا يضاعف من الأعباء المالية الملقاة عليهم ! كما أنهم مرتبطون بمعارض أخرى ..! وبالطبع لامفر من الانصات الى وجهة نظرهم ..فلامعرض بدون ناشرين ! وتدخل رئيس الوزراء آنذاك - الدكتور كمال الجنزوري - وقرر تقديم موعد الافتتاح وليس تأخيره ..بحيث يكون يوم 22يناير ..على أن يغلق المعرض يومي 24 و25يناير ..أي خلال اليومين اللذين ستنشغل فيهما مصر باحتفالات عيد الثورة ..قرار رئيس الوزراء قوبل بارتياح من قبل كل الأطراف ..وزارة الثقافة – الجهة المنظمة – الناشرون .. الجهات الأمنية ..الجمهور ..حيث يأتي موعد الافتتاح مع انتهاء طلاب المدارس والجامعات من امتحانات نصف العام وبدء العطلة الشتوية ..!
وتدخل رئيس الوزراء في تحديد موعد الافتتاح ينم عن مدى الاهتمام الذي يوليه المسئولون في القاهرة لمعرض الكتاب ..ذلك أن نجاحه رسالة مهمة يبعث بها المصريون الى العالم ..أن بلادهم تنعم بالاستقرار
..وأن الأحوال الأمنية على ما يرام ..مما ينعكس ايجابا على السياحة والاقتصاد ..ونظرة العواصم العالمية للحالة المصرية ..!
ولهذا دلالاته الكبرى ..أن الكتاب مازال هو القوة الأكثر تأثيرا في حياتنا..فالشباب الذين خرجوا الى ميدان التحرير يوم 25يناير 2011نمت سلوكياتهم الراقية حين رفعوا شعارات التغيير وهتفوا سلمية ..سلمية ..عن وعي عميق بأن الثائر الحقيقي هو من يسعى الى التغيير بأساليب متحضرة بعيدا عن العنف والتخريب ..هذا الوعي - كما بدا من خلال حواراتي مع بعضهم في شارع القصر العيني يوم 25 يناير أو بعد ذلك في نادي القصة واتحاد الكتاب أو منتديات ثقافية أخرى تمت استضافتهم فيها ليدلوا بشهاداتهم عن الثورة - تشكل من القراءة ومن سيد الروافد الثقافية الكتاب ..
وهذا الإيمان العميق بأهمية الكتاب ..وحتمية الثقافة المستنيرة ..وراء إصرار المسئولين على إقامة المعرض أيضا في عامي 2013
و2014
سنوات صعبة بدت نفقا مظلما انزلق فيه أحد أهم المعارض الدولية للكتاب ..لذا كان مجرد إقامته انتصار للإرادة المصرية ..للثقافة ..حتى ولو خفت شعاع التوهج
الثقافي والمعرفي المعتاد عبر 43عاما ..
شعار ونجم !
وأظن أن معرض هذا العام الذي ينطلق يوم 28 يناير في ظل أجواء تعبق بالاستقرار والتفاؤل .. يختلف !
مجرد إقامة المعرض في موعده لم يعد يكفي لأن نلوح بإشارة النصر !
بل ينبغي أن نبحث عن وصفات مجدية لتطوير المعرض وتحديثه ..وهذا ما حدث بالفعل ..حيث ثمة جديدان مهمان طرآ على معرض هذا العام .
..شخصية المعرض ..حيث استحضر المنظمون الشيخ محمد عبده الذي توفي عام 1905لتتويجه شخصية الدورة الست والأربعين .وسوف يثري هذا المصلح الكبير بإرثه الفكري المستنير فعاليات المعرض ..مما يعد إضافة إلى جهد جماعة المثقفين في مواجهة الفكر المتشدد.. ففكره الديني المستنير سلاح شديد الفعالية في مواجهة الإرهاب ..وهي القضية التي تؤرق العقل الجمعي العربي والإسلامي الآن ..
أما الجديد الثاني فهوشعار المعرض :الكتب هديتك !
والمعنى جلي ..إن أردت أن تهدي ..فلتكن هديتك كتابا .. الشعار ينم عن فهم عميق لدى منظمي المعرض لأكثر التحديات الثقافية التي تواجه مصر والعالم العربي ..انقراض القاريء ..إذن ليكن هذا أحد السبل ليستعيد الكتاب عرشه ..أن يكون هديتك في المناسبات وغير المناسبات لمن تحب ! ليتحول المصريون إلى شعب قروء .
وأراهما – الشيخ محمد عبده وشعار الكتب هديتك..إضافتين الذكيتين ينمان عن تجاوز المعرض أعوام الرمادة ..وانطلاقه عبر أفكار خلاقة إلى فضاءات جديدة في عوالم الثقافة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.