أصدر الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب، في أول يوم من ولايته أمرًا تنفيذيًا بانسحاب الولاياتالمتحدة من منظمة الصحة العالمية، ما أثار جدلًا واسعًا حول تأثير القرار على الصحة العالمية. أشارت مجلة «تايم» الأمريكية، إلى آراء الخبراء حول هذا القرار بالانسحاب الذي من الممكن أن يُضعف الجهود الدولية لمواجهة الأوبئة ويترك فراغًا في القيادة الصحية الدولية، حيث لفت الطبيب الأمريكي، آشيش جها، أن الانسحاب من منظمة الصحة العالمية يعزل الولاياتالمتحدة عن الجهود العالمية لمكافحة تفشي الأمراض المعدية. ⛔️ رويترز: منظمة الصحة العالمية ستخفض النفقات وتغير الأولويات بعد إعلان #ترامب انسحاب #أمريكا من تمويل المنظمة ⭕️ أبلغ مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جيبريسوس الموظفين في مذكرة داخلية اطلعت عليها رويترز بأن المنظمة ستخفض التكاليف وستراجع البرامج الصحية لتغيير الأولويات... pic.twitter.com/HbcnrIzGWJ — عربي بوست (@arabic_post) January 24, 2025 اقرأ أيضًا| منظمة الصحة العالمية تعرب عن أسفها لانسحاب الولاياتالمتحدة من عضويتها وفي ظل تسارع الأوبئة، لا يمكن لأي دولة مواجهة التحديات الصحية وحدها، الأمر الذي يجعل التعاون الدولي عبر المنظمة ضروريًا لضمان سلامة العالم، بما في ذلك الشعب الأمريكي، في حين أكد المفوض السابق لقسم الصحة والنظافة العقلية في مدينة نيويورك، د.توم فريدن، على أن انسحاب أمريكا من منظمة الصحة العالمية يُضعف التنسيق الدولي اللازم للتصدي للأمراض العالمية. وذلك لأن دور منظمة الصحة العالمية يُعد دورًا حيويًا في توفير الموارد والدعم الفني للدول، وبالتالي فإن غياب أمريكا يعرقل جهود حماية العالم من الأوبئة ويزيد من المخاطر الصحية للجميع، على غرار ذلك، أعربت الصحة العالمية عن أسفها العميق تجاه قرار الانسحاب الذي أعلن عنه ترامب، مؤكدة أهمية التعاون مع الولاياتالمتحدة. ◄تداعيات قرار ترامب على الصحة العالمية دعت منظمة الصحة العالمية، إلى إعادة النظر في القرار وتعزيز الحوار لضمان استمرار الشراكة من أجل رفاهية الشعوب حول العالم، وأشارت المنظمة إلى أن التحديات الصحية الكبرى، مثل مكافحة الأوبئة وتحسين الأنظمة الصحية، تتطلب تضافر الجهود الدولية، وأن غياب الولاياتالمتحدة عن المشهد يهدد بعرقلة الإنجازات التي تحققت على مدار عقود. فمنذ عام 2020، شهدت العلاقات بين الولاياتالمتحدة ومنظمة الصحة العالمية توترًا كبيرًا، فيما أعلن ترامب مؤخرًا عن نية الانسحاب بسبب ما وصفه ب"سوء إدارة المنظمة ل"جائحة فيروس كورونا" و"تأثير الصين على قراراتها"، وعلى الرغم من وقف الأوبئة حينها، استعاد الرئيس الأمريكي السابق، جو بايدن عضوية الولاياتالمتحدة عند توليه المنصب. وفي سياق متصل، يرى ترامب وبعض المنتقدين أن منظمة الصحة العالمية أخفقت في التعامل مع جائحة فيروس كورونا، متهمينها بالاستجابة المتأخرة وعدم محاسبة الصين على تعاملها مع تفشي الفيروس، كما طالب الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب بإجراء إصلاحات عاجلة في هيكل المنظمة، مع التركيز على استقلالها عن النفوذ السياسي لبعض الدول الأعضاء. بحسب مجلة «تايم» الأمريكية، يرى الكثير من الخبراء بالولاياتالمتحدة، أن انسحاب البلاد من منظمة الصحة العالمية يعيد تشكيل النظام الصحي العالمي، حيث تفقد المنظمة واحدة من أكبر مموليها، ويُتوقع أن تتأثر برامج التطعيم ومكافحة الأمراض المعدية في الدول النامية، الأمر الذي يزيد من التحديات الصحية ويهدد حياة الملايين. ورغم الانتقادات، يرى الخبراء أيضًا، أن الأزمة تتيح فرصة لإعادة تقييم دور منظمة الصحة العالمية، وتعزيز شفافيتها وكفاءتها، كما يشدد المراقبون على أهمية الحفاظ على التعاون الدولي لتجنب تفاقم الأزمات الصحية في المستقبل، خاصة مع تزايد تعقيد التحديات البيئية والصحية. اقرأ أيضًا| بعد انسحاب ترامب.. الصين تتعهد بدعم منظمة الصحة العالمية ◄متطلبات الانسحاب تقابلها معقبات قانونية اتهم الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب منظمة الصحة العالمية بفرض رسوم عضوية «غير عادلة» على الولاياتالمتحدة، التي دفعت بين 100 و122 مليون دولار سنويًا خلال العقد الماضي، حيث تُعتبر هذه المساهمة الأكبر مقارنة بأي دولة أخرى، بينما تلعب الولاياتالمتحدة دورًا رئيسيًا في تمويل المنظمة الطوعي، حيث قدمت 1.3 مليار دولار في 2022-2023. بينما تستلزم اتفاقية الانضمام إلى منظمة الصحة العالمية إخطارًا مسبقًا لمدة عام ودفع المستحقات المالية المتأخرة قبل الانسحاب، في حين أُبرمت هذه الاتفاقية عام 1948 بموافقة الكونجرس، الأمر الذي يثير التساؤلات حول شرعية تنفيذ قرار الانسحاب دون الرجوع إليه، ما قد يعرض ترامب لمساءلة قانونية بسبب ذلك القرار الذي أعلن عنه عقب تنصيبه. على غرار ذلك، أوضح مدير مركز منظمة الصحة العالمية للصحة العامة وحقوق الإنسان، البروفيسور لورانس جوستين، أن قرار الانسحاب الأحادي من الصحة العالمية يتطلب موافقة الكونجرس الأمريكي، وأشار إلى احتمالية رفع دعوى قضائية للطعن في الأمر التنفيذي لترامب، الذي يدعو أيضًا إلى وقف فوري للمدفوعات، رغم الاتفاق المُبرم الذي يمنح عامًا لتنفيذ الانسحاب. كما أثار خبراء الصحة بأمريكا، قلقهم من تأثير الانسحاب الأمريكي على الجهود العالمية لمكافحة الأمراض المُعدية، حيث أشار عالم الأوبئة، د. مايكل أوسترهولم إلى أن استثمارات منظمة الصحة العالمية في الدول النامية تساعد في وقف انتشار الأمراض المُعدية، ما يحمي الصحة العامة في الولاياتالمتحدة والعالم. وبينما تواجه منظمة الصحة العالمية انتقادات بشأن البيروقراطية وعدم الكفاءة، يرى خبراء الصحة أن سحب التمويل الأمريكي يعيق الإصلاحات المطلوبة بدلاً من دعمها، وأكد أستاذ ممارس في كلية بلومبرج للصحة العامة بجامعة جونز هوبكنز الأمريكية، ومدير مركز هوبكنز للصحة الإنسانية، د.بول سبيجل، على أن الانسحاب يضعف قدرة المنظمة على تحسين أدائها ويهدد بعرقلة برامجها الصحية العالمية. ◄ما هو دور المنظمة؟ تلعب منظمة الصحة العالمية دورًا محوريًا في بناء نظم صحية عالمية متكاملة وتسد الفجوات في الموارد والخبرات بين الدول، وبفضل شبكتها التي تضم 194 دولة، تقدم المنظمة إرشادات شاملة في مجالات حيوية كالتغذية، ومكافحة الأمراض، والتوعية الصحية. وتُقدم منظمة الصحة العالمية توصيات صحية حاسمة لدول تعاني من نقص الموارد، مثل نصائح حول الرضاعة الطبيعية، والوقاية من السكري، والإقلاع عن التدخين، وتُمثل هذه الإرشادات شريان حياة لهذه الدول، إذ تفتقر إلى القدرة على بناء أنظمة صحية مستقلة، «ما يعزز أهمية المنظمة كمصدر عالمي موثوق للمعلومات الصحية». وعلى الرغم من وجود منظمات أخرى مثل «التحالف العالمي للقاحات والتحصين»، إلا أن منظمة الصحة العالمية تتميز بشبكة علاقات موثوقة مع وزارات الصحة عالميًا، كما يشير الخبراء بأمريكا، إلى أنه لا توجد مُنظمة أخرى تمتلك هذا التأثير والانتشار العالمي الذي يجعلها العمود الفقري لدبلوماسية الصحة العامة، وفقًا لمجلة «تايم» الأمريكية. اقرأ أيضًا| ألمانيا تسعى لإقناع ترامب العدول عن قراره بالإنسحاب من منظمة الصحة العالمية منظمة الصحة العالمية ترد على قرار ترامب العقابيhttps://t.co/qPgqH9aRqJ#السوسنة #اخبار #الاردن #فيروس_كورونا #كورونا pic.twitter.com/ADwhUQAgSM — Assawsana News (@assawsanaNews) April 15, 2020 ◄السوابق التاريخية.. الانسحاب والعودة شهدت منظمة الصحة العالمية انسحاب الاتحاد السوفييتي ودول أوروبا الشرقية عام 1949 خلال الحرب الباردة، لكنها عادت في 1956، وحتى اليوم، تُعد ليختنشتاين الدولة الوحيدة غير العضو في المنظمة من بين دول الأممالمتحدة، فيما يشير الخبراء أيضًا بأمريكا إلى أن انسحاب الولاياتالمتحدة من الصحة العالمية قد يعرقل الوصول إلى قاعدة البيانات العالمية لسلالات الإنفلونزا، ما يُعرض الأمريكيين لخطر متزايد من تفشي الأمراض، وقد يؤدي ذلك إلى آلاف الوفيات الإضافية سنويًا نتيجة ضعف كفاءة اللقاحات أو نقصها. ومع تزايد المخاطر الصحية العالمية نتيجة تغير المناخ وتوسع الأنشطة البشرية، أكدت منظمة الصحة العالمية على أهمية التعاون الدولي لمكافحة الأوبئة والأمراض المُعدية، كما أن تعزيز دور المنظمة لا يجعل العالم أكثر أمانًا فحسب، بل يرسخ أساسًا مستدامًا للتعاون في مواجهة تهديدات المستقبل، بحسب مجلة «تايم» الأمريكية.