غادر مئات الفلسطينيين مخيّم جنين في شمال الضفة الغربيةالمحتلة مساء الخميس، حسبما أفاد أحد المسؤولين، في اليوم الثالث من عملية عسكرية واسعة النطاق ينفّذها الجيش الإسرائيلي ضدّ الفصائل المسلّحة، أسفرت عن 12 قتيلا على الأقل. فبعد يومين على دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس حيّز التنفيذ في قطاع غزة، بدأت القوات الإسرائيلية الثلاثاء عملية عسكرية أطلقت عليها اسم "السور الحديدية". وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إنّ هدف العملية التي تُستخدم فيها جرافات وطائرات ومركبات عسكرية مدرّعة، "استئصال الإرهاب" من مدينة ومخيّم جنين للاجئين في شمال الضفة الغربية المحتلّة منذ العام 1967. وقال محافظ المدينة كمال أبو الرب لوكالة فرانس برس إن المئات من سكان المخيّم بدأوا في مغادرة منازلهم بعد "تهديدات" أطلقها الجيش الإسرائيلي عبر مكبرات الصوت بالإخلاء. كذلك، أشار سليم السعدي العضو في لجنة مخيم جنين ويسكن على طرفه، إلى أنّ "الجيش أمام منزلي، من الممكن ان يدخلوا في أي لحظة". ◄ اقرأ أيضًا | باحث في العلاقات الدولية: الضفة الغربية مستهدفة من إسرائيل من قبل عمليات 7 أكتوبر وقال لوكالة فرانس برس "نعم طلبوا من سكان المخيم مغادرته حتى الساعة الخامسة، وهناك المئات من سكان المخيم بدأوا المغادرة". غير أنّ الجيش الإسرائيلي أفاد وكالة فرانس برس بأنّ "لا علم لنا بأيّ أوامر إخلاء لسكان جنين حتى الآن". واعتبارا من الأربعاء، بدأ الفلسطينيون الفرار من منطقة جنين سيرا، وفق مقاطع فيديو لوكالة فرانس برس. وظهرت مجموعة من الرجال والنساء والأطفال يسيرون على طريق موحل، وقد حمل بعضهم حقائب بينما كان صوت المسيّرات التي تحلّق في الأجواء مسموعا بوضوح. واكد رئيس اركان الجيش الاسرائيلي هرتسي هاليفي ان قرار تنفيذ هذه العملية كان "سليما". وقال في بيان "تأكدنا من ان مخيم جنين بات معقلا لمن يخططون لهجمات او يسعون للجوء اليه بعد ارتكابهم هجمات، لذا كان دخوله بالقوة قرارا سليما". - "تجريف الطرق" - وأعلن الجيش الإسرائيلي الخميس أنّه قتل مقاتلين اثنين من الجهاد الإسلامي على مشارف جنين قبل الفجر، مشيرا إلى أنّهما متّهمان بقتل ثلاثة إسرائيليين في هجوم في كانون الثاني/يناير. وأوضح أنّهما كانا متحصّنان داخل منزل في قرية برقين، مضيفا أنّه "تمّ القضاء عليهما بعد تبادل لإطلاق النار". وفيما أفادت وزارة الصحة الفلسطينية، بأنّ المعارك في إطار "السور الحديدية" أسفرت حتى مساء الثلاثاء عن 10 قتلى، أعلن الجيش الإسرائيلي أن قواته استهدفت "أكثر من 10 إرهابيين". وقال في بيان "تم تنفيذ غارات جوية على مواقع البنية التحتية للإرهاب، وتم تفكيك العديد من المتفجرات التي زرعها الإرهابيون على الطرق". من جانبه، أكد أبو الرب، في اتصال مع وكالة فرانس برس "الوضع صعب للغاية"، مضيفا "قام جيش الاحتلال بتجريف كل الطرق المؤدية إلى مخيم جنين وإلى مستشفى جنين الحكومي". ◄ دعم ثابت: أطلق الجيش الإسرائيلي عمليته العسكرية في الضفة الغربية، غداة تنصيب دونالد ترامب ترامب رئيسا للولايات المتحدة. وربط نتانياهو العملية باستراتيجية أوسع لمواجهة إيران "أينما أرسلت أذرعها، في غزة ولبنان وسوريا واليمن" وفي الضفة الغربية. ولطالما اتهمت الحكومة الإسرائيلية إيران التي تدعم فصائل مسلّحة في مختلف أنحاء الشرق الأوسط بما فيها حماس في غزة، بمحاولة تهريب الأسلحة والأموال إلى المسلحين في الضفة الغربية. وفي مكالمة هاتفية مع نتنياهو، تعهّد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو تقديم "دعم ثابت" لإسرائيل. ووفق المتحدثة باسم وزارة الخارجية تامي بروس، فقد هنّأ روبيو "رئيس الوزراء على نجاحات إسرائيل ضد حماس وحزب الله وتعهّد العمل بلا كلل للمساعدة في تحرير جميع الرهائن المتبقين في غزة". وبدأت إسرائيل وحماس الأحد تنفيذ اتفاقا لوقف إطلاق النار يشمل تبادل رهائن وسجناء، بعد توصلهما إلى هدنة في الحرب المستمرة بينهما منذ 15 شهرا. وبالإضافة الى وقف العمليات القتالية، يشمل الاتفاق تبادل رهائن إسرائيليين محتجزين في قطاع غزة ومعتقلين في سجون إسرائيلية. وفي الدفعة الأولى من التبادل، أفرج عن ثلاث إسرائيليات وقرابة تسعين فلسطينيا. وفي أول يوم له في البيت الأبيض، ألغى ترامب عقوبات أميركية فرضها سلفه بايدن على مستوطنين إسرائيليين متطرفين في الضفة الغربيةالمحتلة، بسبب هجماتهم على فلسطينيين. وخلال ولايته الأولى، اقترح ترامب في العام 2020 "صفقة القرن" للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، غير أنّ إسرائيل لم تتمكّن من تنفيذ أبرز بنودها الذي ينصّ على ضمّ أجزاء من الضفة الغربية. وبالتالي، أحيَت عودته إلى البيت الأبيض الجدل في إسرائيل حول هذه القضية الحساسة للغاية. وبالتزامن مع ذلك، وقعت الإمارات والبحرين والمغرب "اتفاقيات ابراهام" لتطبيع العلاقات مع إسرائيل بخلاف الإجماع العربي القائم منذ فترة طويلة على عدم الاعتراف بالدولة العبرية قبل حل صراعها مع الفلسطينيين. ويتوقّع أن يشجّع الملياردير الجمهوري بلدانا عربية أخرى على الاعتراف بإسرائيل. ويحدوه أيضا الأمل في تطبيع بين السعودية وإسرائيل، ما من شأنه أن يشكّل منعطفا كبيرا في المنطقة. ويشنّ الجيش الإسرائيلي هجمات متكررة على مناطق في شمال الضفة الغربية تصاعدت حدتها منذ السابع من أكتوبر 2023 إثر هجوم حماس الذي أدى إلى اندلاع الحرب في غزة. ومنذ ذلك الحين، قتلت القوات الإسرائيلية أو مستوطنون ما لا يقل عن 848 فلسطينيا في الضفة الغربية، وفقا لوزارة الصحة في رام الله. كذلك، أسفرت هجمات نفّذها فلسطينيون على إسرائيليين عن مقتل ما لا يقل عن 29 شخصا في الفترة نفسها في الضفة الغربية، وفقا لأرقام رسمية إسرائيلية.