عندما تذهب إلى صاحب دار نشر بكتابك، فإن كل ما يفعله فى الغالب هو الشكوى من غلاء أدوات الطباعة، ومبالغ التأجير فى المعارض، ويأسه من تلك المهنة الشاقة التى لا تجلب لبيته إلا الخراب، ولكنه مستمر فيها فقط بدافع خدمة الثقافة! فى النهاية ينجح فى إقناعك بأن تنفق على طباعة كتابك بالكامل، مقابل عدد محدود من النسخ، تأخذها منه بنظام «التنقيط»، لتوزعها - يا مسكين - مجانا على أصدقائك، ومعارفك، والصحفيين والنقاد، وربما لن تتمكن من إبقاء نسخة لك! ومشكلة الكتّاب والأدباء مع أصحاب دور النشر قديمة ومتجذرة، وتحتاج إلى وقفة، ورقابة، للحد من الاستغلال التاريخى الذى يمارسونه مع المبدعين وخاصة القادمين من الأقاليم، عن طريق سرقة مجهودهم «عينى عينك» دون وخز من ضمير. الناجون من مقصلة دور النشر، هم مشاهير الكتّاب، وهؤلاء يتمسكون بنسبتهم من التوزيع، لأن أسماءهم تحقق إقبالا، كما أن حفلات التوقيع التى يقيمونها تجذب ألوف القراء من أجل الحصول على جملة بخط يد مؤلف يتصنع التواضع، وهو يلتقط صورًا مع المعجبين ليضعونها على صفحاتهم الشخصية. قائمة المحظوظين تضم أيضا صحفيين يحولون الصفحات التى يشرفون عليها إلى إعلانات - غير مدفوعة الأجر - لدور النشر، سواء بإبراز أغلفة الكتب الصادرة عنها، أو بإفراد مساحة للكتاب المتعاقدين معها، وعمل حوارات وتحقيقات يذكر فيها اسم دور النشر وآراء أصحابها عمّال على بطال. أما إذا وجدت صاحب دور نشر يراعى الله فى عمله، فإنه سوف يطبع لك كتابك بالمجان، وهذا أقصى ما يمكن أن يفعله معك، إضافة إلى تخصيص نسبة ضئيلة من البيع فى الغالب تكون (10%)، لكنك لن تحصل عليها إلا «لما تشوف حلمة ودنك»! طبعا لكل قاعدة استثناء.. إلا هذه القاعدة!