تتداخل عدد من الأحداث لترسم المشهد السياسي الأمريكي في مرحلة نهاية ولاية الرئيس جو بايدن في الوقت الذى يستعد فيه الرئيس المنتخب دونالد ترامب لبدء ولايته الجديدة. ويسابق الرئيس الأمريكي جو بايدن الزمن لإتمام مهامه الأخيرة في محاولة لحماية أبرز سياساته وإنجازاته قبل تسليم مفاتيح البيت الأبيض لخصمه الأبرز دونالد ترامب. ورغم مظهره الذى يوضح تدهور حالته الصحية إلا أن ذلك لم يمنعه من ممارسة المزيد من الضغوط للحد من أجندة إدارة ترامب المقبلة، وإبراز إنجازات إدارته. وبمناسبة حلول عيد الميلاد، أعلن الرئيس بايدن إلغاء الديون الطلابية ل55 ألف موظف فى القطاع العام. وقال بايدن إنه بذلك، يصبح عدد الذين تم إعفاؤهم من الديون الطلابية فى عهد إدارته نحو 5 ملايين شخص. وفى الوقت نفسه عمل البيت الأبيض والديمقراطيون فى مجلس الشيوخ - الذى سوف ينتقل إلى سيطرة الجمهوريين إلى جانب مجلس النواب - على وجه السرعة لتثبيت أكبر عدد ممكن من القضاة. ووضع بايدن على قائمة أولويات إداراته تعيين مرشحين من مختلف الأطياف فى المحكمة الفيدرالية. كما حققت إدارته رقماً قياسياً فى تعيين القضاة الفيدراليين، حيث تم تعيين 235 قاضيًا فيدراليًا خلال ولاية بايدن وهو أكبر عدد قضاة يتم تعيينه فى ولاية واحدة منذ عهد جيمى كارتر وفق تقارير البيت الأبيض. وفى الوقت نفسه تسعى مجموعات متحالفة مع الديمقراطيين إلى عرقلة أجندة ترامب عبر الاحتكام إلى القضاء، إذ ربما يساعد القضاة المعيَّنون من بايدن مؤقتاً فى هذا الأمر، رغم أن القضايا الأبرز قد تنتهى فى نهاية المطاف أمام المحكمة العليا، حيث يحظى المحافظون بأغلبية كبيرة مع وجود ستة قضاة منهم مقابل ثلاثة ليبراليين. يأتى ذلك فى الوقت الذى شهد فيه مجلس النواب الأمريكي حالة من الانقسام بين صفوف الجمهوريين حول الاحتفاظ برئيس مجلس النواب الحالي مايك جونسون. حيث أظهر عدد من النواب المحافظين العداء السافر له خلال الفترة الأخيرة مع اقتراب عودة الرئيس الجمهوري ترامب للبيت الأبيض يوم 20 من الشهر الحالى. غير أن هذا المسئول المنتخب ذا النزعة المتدينة والمنحدر من لويزيانا، اعتمد على دعم ترامب الذى سعى إلى تجنب معركة بين الجمهوريين بالكونجرس قبل تنصيبه. وكتب الرئيس الأمريكى الذى يقف على أعتاب البيت الأبيض على منصته «تروث سوشيال» أن مايك يحظى بدعمى الكامل والتام. ووصفه بأنه رجل جيد ومجتهد ومتدين. ◄ اقرأ أيضًا | كيف ستتأثر أوكرانيا بالتحولات السياسية في أمريكا بعد عودة ترامب؟ وفى الوقت نفسه أعلن الملياردير إيلون ماسك، الذى يعد حالياً أحد أهم أصحاب النفوذ فى السياسة الداخلية الأمريكية منذ تحالفه مع دونالد ترامب خلال السباق الرئاسى، على منصة «إكس» موجهاً حديثه إلى جونسون رأيى مماثل. ولديك دعمى الكامل. ورحّب جونسون بدعم ترامب، وتعهد بأنه سينفذ مع الرئيس المستقبلى برنامجه بسرعة من أجل إطلاق العصر الذهبى الجديد لأمريكا. وبالرغم من هذا التأييد من أكبر قطبى السياسة الأمريكية الحالية، فإن موقع مايك جونسون ظل متأرجحاً، خاصة مع تصويت ثلاثة من الجمهوريين ضد التجديد له وامتناع خمسة من الجمهوريين عن التصويت له فى بداية الاقتراع إلا انهم عادوا وصوتوا له بعدما اجتمعوا معه فى جلسة سرية استغرقت دقائق وهو ما انتهى إلى إعادة انتخابه. ويرى بعض المحللين أن امتناع زملاء جونسون فى بداية الأمر عن التصويت له كان «قرصة ودن» وشكل من أشكال استعراض القوة وإظهار القدرة على التأثير ولكنهم صوتوا له فى نهاية الأمر للاحتفاظ برئيس جمهورى للمجلس ومنع زعيم الديمقراطيين حكيم جيفريز من الفوز برئاسة المجلس. وقبل أسبوع أظهر الجمهورى تيم بورشيت، تعاطفه مع جونسون بالقول: «أتفهم ما يواجه مايك... فنحن أقلية». وعبر آخرون عن رأيهم على نحو صريح من انتخاب جونسون. حيث اعتبر النائب المحافظ توماس ماسى أن الأمر سيتطلب معجزة أعياد الميلاد حتى يغير رأيه وينتخب جونسون. ويدور الخلاف حول اتفاق تفاوض عليه الزعيم الجمهورى مع الديمقراطيين بشأن الميزانية يتيح تمويل الحكومة الفيدرالية وبالتالى تجنب ما يعرف بالإغلاق، وهو شلل الحكومة، مع بداية العام الجديد. وأثار الاتفاق استياء كثير من النواب المحسوبين على الجناح اليمينى للجمهوريين، من بينهم توماس ماسى، نظراً إلى النفقات الهائلة التى ينص عليها، والتى عدها مؤيدوه تبديدا لتمويل الإدارات الفيدرالية. وأعادت المعركة التى خاضها الجمهوريون للاحتفاظ بجونسون إلى الأذهان، الإقالة غير المسبوقة لرئيس مجلس النواب السابق، كيفن مكارثى، قبل عام. حيث أطاح بمكارثى تمرد من نواب جمهوريين من اليمين المتطرف أغضبهم تعاونه مع الحزب الديمقراطى، خصوصاً التوصل إلى تسوية أتاحت تجنب إغلاق حكومى. وكشف عزل مكارثى آنذاك عن صراعات داخل المعسكر الجمهوري. وقبل نحو 3 أسابيع من عودته إلى البيت الأبيض، سعى ترامب بقوة إلى تجنب هذا السيناريو. ونسف الرئيس المنتخب وإيلون ماسك، الذى اختاره ليدير وزارة الكفاءة الحكومية المستحدثة، اتفاقية الميزانية الأولى التى تفاوض عليها مايك جونسون مع الديمقراطيين. وأراد الرئيس المستقبلى أن يتضمن النص رفع سقف الدين لمنحه مساحة أكبر للمناورة فى الميزانية، حتى إنه جعل ذلك شرطاً ضرورياً للحصول على دعمه، لكن النص اعتمد من دونه وبات يشبه إلى حد كبير النص الأول الذى جرى التفاوض عليه.. وبعد التجديد لمايك جونسون أصبح المجلس قادراً على التحرك، وبالتالى سوف يكون قادرا على المصادقة خلال جلسة مقررة بعد غدا على فوز دونالد ترامب برئاسة الولاياتالمتحدة.