اللغة العربية ليست مجرد كلمات تُقال أو تُكتب، بل هى منظومة تحمل فى طياتها المصلحة الوطنية، الهوية الثقافية، القيم الدينية، والقوة الناعمة التى تُؤثر فى العالم إلا أن هذه اللغة اليوم تواجه تحديات مصيرية تهدد مكانتها فى الإعلام والتعليم والمجتمع، فكيف نُعيد الاعتبار لهذه اللغة التى تمثل جوهر وجودنا؟ هذا السؤال يطرح نفسه مجددًا خاصة فى ظل الاهتمام الرئاسى برد الاعتبار للغة العربية. الحفاظ على اللغة العربية يعزز المصلحة الوطنية، فهى أداة للتواصل الفعّال وحماية استقلالنا الثقافى لتحقيق نهضة اقتصادية وعلمية، يجب أن نُعيد اللغة إلى مركزها الطبيعى فى التعليم، العلوم، التكنولوجيا، والإعلام، عندما تصبح العربية لغة البحث العلمى، فإنها تتحول إلى مصدر قوة يدعم تطورنا. تعزيز اللغة العربية يُمكّننا من بناء جيلٍ متماسك فكريًا، قادر على التعبير عن قضاياه، بدلًا من التبعية للآخرين. اللغة العربية ليست مجرد وسيلة تعبير، بل هى الهوية التى تميز الأمة العربية، إنها وعاء يحمل تراثًا من الأدب والشعر والفكر، حين نهمل لغتنا نتنازل عن جزء كبير من هويتنا لصالح ثقافات أخرى. الإعلام يتحمل مسئولية كبرى هنا. لا يمكن بناء هوية عربية قوية بينما الإعلام يغرق فى اللهجات العامية أو اللغات الأجنبية. تقديم برامج ومسلسلات وأفلام بالفصحى يعزز الانتماء للأجيال. اللغة العربية هى لغة الدين الإسلامى، ولغة القرآن الكريم الذى يقرأه أكثر من مليار مسلم. الحفاظ على اللغة هو حفاظ على فهم الدين ومعانيه. نشر اللغة العربية وتعزيزها فى المؤسسات الدينية والتعليمية واجب دينى قبل أن يكون ثقافيًا. الخطاب الدينى أيضًا يجب أن يُعزز اللغة العربية باستخدامها بلغة بسيطة وجذابة تصل لكل المجتمع. فاللغة هى أداة للقوة الناعمة والعربية تمتلك القدرة على أن تكون جسرًا للتواصل مع العالم إذا تبنى الإعلام العربى الفصحى بأسلوب مبتكر، يمكن أن يغير الصورة النمطية عن العرب ويبرز ثقافتهم عالميًا، إنتاج محتوى عربى رقمى قوى وتصدير الأدب العربى للغات أخرى يُحول لغتنا إلى قوة ناعمة تُعرف العالم بنا. كيف نبدأ؟ لعل الحاجز النفسى بين اللغة والأطفال فى بداية التحاقهم بالمدرسة وطريقة تعلمهم للأبجديات هو السبب الرئيسى فى كراهية أبنائنا للغة ثم تأتى قواعد النحو والصرف ليرتفع الجدار العازل بمرور الوقت وسنوات الدراسة الأمر الذى يتطلب من المتخصصين ابتكار وسائل تنسف هذا الجدار لتكون لغتنا هى المفضلة على لسان أطفالنا وشبابنا. أما الحاجز الثانى فيتمثل فى تشجيعنا لأولادنا للحديث باللغات الأخرى على حساب العربية من باب البرستيج وكنوع من الاستعلاء الطبقى وهو خطأ جسيم نرتكبه أحيانا دون أن ندرى. الأسرة هى مصنع بناء الشخصية، ودورها فى تعزيز اللغة العربية لا يقل أهمية عن دور المؤسسات الأخرى عندما تستخدم الأسرة اللغة فى المنزل للتحدث والقراءة يترسخ حب اللغة فى نفوس الأطفال منذ الصغر. ولهذا فإعادة الاعتبار للغة العربية تتطلب خطة شاملة تبدأ من الإعلام، وتمر بالتعليم، وتنتهى بالفرد. ■ الإعلام.. يجب أن يتحول الإعلام العربى إلى منصة تعزز الفصحى. ■ التعليم.. تحديث المناهج الدراسية لتعزيز حب الطلاب للغة العربية. ■ الفرد.. الحفاظ على اللغة يبدأ باستخدامها يوميًا فى التحدث والكتابة. فضلا عن دور المؤسسات الثقافية فى دعم اللغة العربية، حيث تلعب تلك المؤسسات دورًا محوريًا فى تعزيز مكانة اللغة العربية وإحيائها من خلال تنظيم فعاليات أدبية، ومهرجانات شعرية، ومعارض كتاب تركز على الإنتاج الثقافى العربى. اللغة العربية ليست ضعيفة، لكنها لم تُمنح الفرصة لتأخذ مكانها الطبيعى، الحفاظ على اللغة العربية معركة وجود فهل سنُعيد لها مكانتها، أم نتركها تُنسى؟ الإجابة بأيدينا.