تحتفي الأمة العربية والإسلامية ب اليوم العالمي للغة العربية، والذي يوافق 18 ديسمبر من كل عام، وفي هذا اليوم تسابقت المؤسسات الدينية للتعريف باللغة العربية كلغة للقرآن الكريم، والتي شرفها الإسلام بأن جعلها لغة محفوظة إلى يوم الدين، وأعلى شأنها فجعلها لغة لأتباعه مهما تباينت لغتهم الأصلية. اليوم العالمي للغة العربية شرف الله اللغة العربية بأن جعلها لغة القرآن الكريم، ولسان شرائعه وأحكامه، وتبيان حلاله وحرامه، وخزانة كنوزه وأسراه؛ قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}. [يوسف: 2] واقتضت حكمة الله تعالى أن يُرسل إلى البشر جميعاً رسولاً واحداً بدين واحد يجمعهم ويؤلف بينهم، ويكون ذلك النبي خاتماً للأنبياء والمرسلين، ويكون ذلك الدين خاتماً للديانات، واقتضت حكمته عز وجل أن يكون هذا الرسول الواحدُ الجامعُ هو محمدٌ العربي صلى الله عليه وسلم (اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ)، ولقد اختاره الله تعالى من العرب لكنه رسول لكل الناس، قال عز وجل:(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا)، ولهذا خاطبه بلغته ولغة قومه، وأنزل عليه القرآن عربياً، وخاطب الناس من وراء العرب باللغة العربية، قال تعالى:(إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ). يقول الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، إن اللُّغة هي أحد أهم مُكوِّنات المُجتمع الإنساني الرئيسة، بل هي السَّبب الأول في نشوء الحضارات؛ لأنَّ التَّواصل الذي يتمُّ عن طريق اللُّغة يعد اللَّبنة الأساسيَّة في عمليَّة البناء والعمران، كما أن قوَّة اللُّغة وبلاغتها تُعبِّران بشكل كبير عن تماسك المجتمع النَّاطق بها، وتعكسان اهتمامه بها وبقواعدها، وبعلومها وآدابها وضوابطها. وقال مفتي الجمهورية في كلمته اليوم، الأحد، بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية، الذي يوافق 18 ديسمبر من كل عام: إن اللغة العربية هي لغة القرآن الكريم، مصداقًا لقول المولى عزَّ وجل: {إنَّا أنْزَلْناهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُم تَعْقِلُونَ}، وحسبها هذا الشرف! مشيرًا إلى أن اللغة العربيَّة تعدُّ من أوفر اللغات من حيث المعاني والمواد على مستوى العالم، وهي بذلك تكون أوفى بالتعبير عن دقائق الحاجات الإنسانية، وتلك وظيفة أي لغة في الأساس. استعادة لغتنا الفصيحة والنهوض بها كما أكد مفتي الجمهورية أن اللغة العربية متطورة وليست جامدة، وتستوعب الزمان والمكان، مشددًا على ضرورة النهوض باللغة العربية والحفاظ عليها، واستعادة لغتنا الفصيحة التي تعبر عن هُويتنا وحضارتنا العربية الضاربة في التاريخ، خاصة أننا في عصر انتشر فيه من التكنولوجيا الحديثة كل ما من شأنه إضعاف اللغة وتشويهها. وشدَّد المفتي على أن لغتنا العربية هي لغة القرآن التي يجب أن نفخر بها ونعتني بها أيما اعتناء، فقد قال الله تعالى في كتابه الكريم: (إنَّا أنْزَلْناهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُم تَعْقِلُونَ)، فقد شرفنا الله تعالى بهذه اللغة، وهو فضل عظيم يجب أن نحافظ عليه. واستدل مفتي الجمهورية بقول الله تعالى: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} على أهميَّة اللُّغة العربيَّة في فهم آيات القرآن الكريم وتوضيح مقاصدها وتبيين معانيها، باعتبار القرآن الكريم نزل بلسانٍ عربيٍّ فصيح معجز، في عصرٍ كان العرب فيه يتباهون ببلاغة لغتهم ويتفاخرون بفصاحة ألسنتهم. وأشار المفتي إلى أن وظيفة اللغة في المجتمعات لا تقتصر على التواصل فحسب، بل هي الأداة التي يفكر بها الإنسان والوعاء الذي يحفظ التراث الثقافي، وهي العامل الأول في انتشار الثقافة والتحضُّر. ودعا رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم- إلى ضرورة الحفاظ على اللغة العربية والنهوض بها، وعدَّ ذلك من باب الضرورة الملحَّة والواجب القومي في سبيل الحفاظ على هُويتنا العربية، مشدَّدا على أهمية استعادة لغتنا الفصيحة والنهوض بها؛ كونها أداةَ التواصل والتعبير عن هُويتنا وحضارتنا العريقة. أداة لوحدة هذه الأمة كما أعلن مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف ، عن إطلاق حملة توعوية شاملة بعنوان: «اللغة العربية .. هُوية وارتقاء»؛ وذلك تزامنًا مع اليوم العالمي للغة العربية والذي يوافق الثامن عشر من شهر ديسمبر من كل عام، وهو اليوم الذى تم فيه الإقرار باللغة العربية لغة رسمية في الأممالمتحدة عام (1973). وقال الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية د. نظير عياد: إن هذه الحملة تأتي في إطار جهود قطاعات الأزهر الشريف في الاهتمام باللغة العربية وفنونها المختلفة؛ وتنفيذًا لتوجيهات فضيلة الإمام الأكبر أ.د. أحمد الطيب شيخ الأزهر بالاهتمام باللغة العربية والعمل على الارتقاء بها من أجل الحفاظ على الهُوية. وأضاف عيّاد ، أن الحملة تستهدف التأكيد على ضرورة التمسك باللغة العربية، والحفاظ عليها والعمل على استعادة مكانتها؛ وضرورة التغلب على التحديات والمعوقات التي تعمل على وأد اللغة والاستهانة بها، والتحذير من الدعوات التي تهدف إلى استبدالها أو العمل على تغييرها أو على الأقل مسخها باعتبار ذلك يؤدي إلى مسخ الهوية، مشيرًا إلى ضرورة الاهتمام باللغة العربية في المدارس والجامعات، من خلال البرامج التعليمية المختلفة، إضافة إلى عقد المسابقات واللقاءات التحفيزية التي تشجع على الاهتمام باللغة العربية. وأوضح الأمين العام ، أن اللغة العربية بفروعها المختلفة يمكن أن تكون أداة لوحدة هذه الأمة وريادتها والفهم القويم لمعطيات هذا الدين؛ حيث تؤصل للتعايش المشترك بغض النظر عن اللون أو الثقافة أو المكان أو البيئة، مؤكدًا على الدور المهم للمؤسسات العلمية تجاه اللغة العربية؛ وأن المؤسسات العلمية والتربوية لها الدور الفعّال في المحافظة على اللغة باعتبارها هوية ووجود، وبدون اللغة تكون الأمة في مهبّ الريح وعرضة للضياع أو النسيان.