كشفت المناقشات الأخيرة في الكونجرس الأمريكي عن أزمة عميقة داخل الحزب الجمهوري قد تعصف بقدرة الرئيس المنتخب دونالد ترامب على تنفيذ أجندته التشريعية في عام 2025، وذلك في أعقاب فوزه في انتخابات نوفمبر 2024. وتشير صحيفة "ذا هيل" الأمريكية، إلى تطورات جديدة وتحديات غير مسبوقة تواجه قيادة الحزب في مجلسي النواب والشيوخ، مما يثير مخاوف جدية حول مستقبل المبادرات التشريعية الرئيسية التي وعد بها ترامب خلال حملته الانتخابية. اقرأ أيضًا: ترامب قد يعلن انسحاب أمريكا من منظمة الصحة العالمية في يوم تنصيبه التحديات الهيكلية وأزمة القيادة تكشف الأحداث الأخيرة في الكونجرس عن عمق الأزمة التي يواجهها الحزب الجمهوري، إذ أدت المحاولة الفاشلة لتمرير مشروع قانون التمويل المؤقت للحكومة الذي كان يضغط به ترامب وماسك إلى زعزعة الثقة في قيادة رئيس مجلس النواب مايك جونسون. وفي هذا السياق، عبر السيناتور مايك راوندز، الجمهوري من داكوتا الجنوبية، عن مخاوفه قائلاً إن "الأمر سيكون صعباً للغاية في مجلس النواب لأنهم ببساطة لا يملكون أغلبية عاملة". وتزداد هذه المخاوف حدة مع توقع انخفاض الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب إلى مقعد أو مقعدين فقط، خاصة مع انتقال بعض النواب الجمهوريين للعمل في إدارة ترامب المقبلة، وعدم توقع عودة النائب السابق مات غيتز. وقد وصل الأمر إلى حد دفع السيناتور جوش هاولي، الجمهوري من ولاية ميزوري، إلى وصف الوضع بأنه "محرج للغاية"، معرباً عن عدم ثقته في قدرة جونسون على إدارة عمليات التشريع المعقدة المقبلة. كما أعلن السيناتور مايك لي من ولاية يوتا أن تغيير القيادة في مجلس النواب أصبح "أمراً حتمياً"، واصفاً العملية الحكومية بأنها أصبحت "فوضوية بلا داع". معركة التشريعات الرئيسية والموازنة يواجه الحزب الجمهوري تحديات جسيمة في تمرير حزمتين تشريعيتين رئيسيتين تتعلقان بأمن الحدود وإنتاج الطاقة المحلية والضرائب. وحذرت السيناتور ليزا موركوفسكي، الجمهورية من ألاسكا، من صعوبة عملية المصالحة التشريعية، مستذكرة الفشل السابق في إلغاء قانون الرعاية الصحية الميسرة (أوباماكير) عام 2017، رغم استخدام نفس الآليات التشريعية. وفي هذا السياق، أوضح السيناتور ثوم تيليس من ولاية نورث كارولينا أن تجميع حزم الموازنة المعقدة لتأمين الحدود وتوسيع إنتاج الطاقة المحلية وخفض الضرائب والإنفاق الفيدرالي، مع احتمال زيادة سقف الدين، سيكون أكثر صعوبة بكثير من مجرد تمرير إجراء مؤقت لتجنب إغلاق الحكومة. وأضاف أن "مستوى التعقيد والمخاطر التي يجب إدارتها مرتفع للغاية - خاصة مع محاولة إنجاز الكثير في بيئة لا تتيح هامشاً كبيراً للخطأ في الحصول على كتل التصويت". أزمة سقف الدين والإنفاق الفيدرالي وتشكل قضية رفع سقف الدين تحدياً رئيسياً آخر يواجه الحزب الجمهوري. وكشفت الصحيفة أن جونسون وقيادات مجلس النواب الجمهوريين يعملون حالياً على تأمين موافقة النواب على رفع سقف الدين بمقدار 1.5 تريليون دولار في مشروع قانون المصالحة الأول للعام المقبل، مقابل إجراء تخفيضات بقيمة 2.5 تريليون دولار في برامج الإنفاق الإلزامي. وحسب بيجي بايلي، نائبة الرئيس التنفيذي للسياسات وتطوير البرامج في مركز أولويات الموازنة والسياسات، فإن هذه التخفيضات قد تطال برامج حيوية مثل برنامج ميديكيد والمساعدات الغذائية من خلال برنامج المساعدات الغذائية التكميلية (SNAP). وقد أثار ترامب مفاجأة في هذا النقاش عندما طالب الجمهوريين بإضافة تمديد لمدة عامين لسقف الدين إلى إجراء التمويل المؤقت، في محاولة واضحة لمنع الديمقراطيين من استخدام هذه القضية كورقة ضغط العام المقبل. التحديات الضريبية والانقسامات الداخلية يمثل ملف الإصلاح الضريبي تحدياً إضافياً للحزب الجمهوري، خاصة مع وجود خلافات داخلية حول قضية سقف خصم الضرائب المحلية وضرائب الولايات (SALT). ويسعى النواب الجمهوريون من نيويورك ومناطق أخرى ذات ضرائب محلية مرتفعة إلى رفع أو إلغاء هذا السقف في حزمة الضرائب المقبلة، وهو ما يثير انقساماً داخل الحزب، حيث يرى العديد من المشرعين الجمهوريين أن خصومات SALT ما هي إلا امتيازات للأثرياء في الولايات الزرقاء باهظة التكلفة. وفي تعليق على المشهد العام، أشار السيناتور ميت رومني، الذي يستعد للتقاعد من الكونجرس، إلى وجود اتفاق واسع بين الجمهوريين حول ضرورة تأمين الحدود وتمديد التخفيضات الضريبية المنتهية لعام 2017. ومع ذلك، حذر من أن النقاش حول رفع سقف الدين وإجراء تخفيضات عميقة في الإنفاق الإلزامي سيثير معارك كبيرة داخل الحزب الجمهوري العام المقبل. وكما علق زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل ساخراً: "أوه، هذا هو ما سيكون عليه الحال العام المقبل"، ملمحاً إلى توقعه عاماً مليئاً بالتقلبات السياسية والتشريعية.