احتفلت محافظة الفيوم يوم 21 ديسمبر بالظاهرة الفلكية الرائعة التى تحدث كل عام، حيث تتعامد الشمس على قدس الأقداس بمعبد قصر قارون فى حدث استمر نحو 25 دقيقة. هذه الظاهرة التى تجذب الأنظار، ليست مجرد حدث فلكى، بل هى جزء من الإرث التاريخى الفريد للمحافظة، التى تحتضن معبدا يعود للعصر اليونانة الرومانة، ويعتبر بمثابة شاهد على معجزة تناغم الطبيعة مع الفن المعمارى القديم. اقرأ أيضا | تعامد الشمس على قدس أقداس الكرنك في ذكرى مولد «أمون رع» معبد قصر قارون، الذى يقع على الضفة الجنوبية الغربية لبحيرة قارون، كان مخصصا لعبادة الإله سوبك، إله الفيوم فى العصور الفرعونية. وقد اكتسب المعبد شهرة إضافية فى العصور الإسلامية عندما أطلق عليه سكان المنطقة اسم "قصر قارون"، نظرًا لقربه من البحيرة الشهيرة التى كانت تُسمى فى البداية "بحيرة القرون" ثم تحرفت إلى "بحيرة قارون". وتعتبر ظاهرة تعامد الشمس على المعبد فى يوم 21 ديسمبر حدثا فلكيا فريدا يتزامن مع بداية فصل الشتاء فى نصف الكرة الشمالى. ومنذ اكتشاف هذه الظاهرة فى عام 2003، حرصت محافظة الفيوم على الاحتفال بها سنويا، مستفيدة من هذه الظاهرة لتسليط الضوء على إمكانيات المحافظة السياحية والآثارية، مستلهمة بذلك من ظاهرة مماثلة تحدث فى معبد الكرنك بالأقصر. وقال سيد الشورة مدير عام الآثار السابق بالفيوم، إن هذه الاحتفالية تأتي فى إطار جهود المحافظة المستمرة لتنشيط السياحة وتعريف العالم بما تتمتع به من إمكانيات سياحية وثقافية وأثرية. وأضاف أن الاكتشافات الأثرية الأخيرة، مثل فتح حجرة الدفن الملكية فى هرم سنوسرت الثانى باللاهون، أسهمت بشكل كبير فى زيادة الحركة السياحية فى المنطقة. وأشار الشورة إلى أن الدراسات الحديثة أكدت حدوث تعامد الشمس على قدس الأقداس بمعبد قصر قارون فى يوم 21 ديسمبر من كل عام، حيث يستمر التعامد لمدة 25 دقيقة. وأوضح أن اللجنة المكلفة بالتحقيق فى هذه الظاهرة، من الآثار والسياحة، أكدت أن الشمس تتعامد على المقصورة الرئيسية واليمنى فى قدس الأقداس، فى حين لم تتعامد على المقصورة اليسرى. وفسر الباحثون ذلك بأن المقصورة اليسرى كانت تحتوى على مومياء التمساح، رمز الإله سوبك، والتى كان يمنع تعرضها لأشعة الشمس تجنبا للتلف، حيث كان يعتقد أن المومياء تنتمى إلى عالم الأموات، فى حين أن الشمس تشرق على عالم الأحياء. وتابع الشورة أن الدكتور مجدى فكرى، أستاذ السياحة بكلية السياحة، وعدد من الباحثين قد نشروا دراسات علمية تناولت تعامد الشمس على قدس الأقداس فى هذا التاريخ كل عام، مؤكدة على دقة توقيت الظاهرة وارتباطها ببداية الانتقال إلى فصل الشتاء. وتظل هذه الظاهرة الفلكية أحد أبرز الأحداث التى تميز محافظة الفيوم، لتؤكد على عمق ارتباط الإنسان المصرى القديم بالطبيعة وعلاقته الوثيقة بين العلم والدين فى تخطيط معابده ومقدساته. من جانبها أكدت الدكتورة شرين محمد، رئيس مركز ومدينة يوسف الصديق، "إن ظاهرة تعامد الشمس على قدس الأقداس بمعبد قصر قارون حدث فلكى فريد من نوعه، يعكس عظمة الحضارة المصرية القديمة وقدرتها على تنسيق المعمار مع الطبيعة بشكل مذهل. نحن فى مركز يوسف الصديق نعتز بهذا الحدث التاريخى الذى يجذب الزوار من جميع أنحاء العالم، ويعزز من مكانة الفيوم كمقصد سياحى وثقافى عالمى. هذه الظاهرة ليست مجرد مشهد فلكى، بل هى بمثابة نافذة تربطنا بتاريخنا العريق، وتسلط الضوء على الكنوز الأثرية الفريدة التى تزخر بها المحافظة. وأشارت إلى أن الدكتور أحمد الأنصاري، محافظ الفيوم ونائبه الدكتور محمد التونى حريصون كل عام على تنظيم احتفالية بهذه المناسبة لتعريف الأجيال الجديدة بأهمية هذا التراث الفريد، ولتحفيز حركة السياحة التى تسهم فى التنمية المستدامة للمحافظة.