صحة الدقهلية تُعلن خارطة أماكن توزيع الألبان المدعمة خلال إجازة العيد    هيئة الرعاية الصحية تعلن خطة التأمين الطبي لاحتفالات عيد الأضحى    طرح فيلم "سيكو سيكو" عبر منصة يانجو بلاي في عيد الأضحى    محافظ بني سويف يتفقد سير العمل في مركز نقل الدم بشرق النيل    بعد الارتفاع ب105 جنيهات في عيار 21 بالمصنعية.. سعر الذهب اليوم الأربعاء 4-6-2025 بمنتصف التعاملات    «المشاط»: مصر تُعزز مكانتها كمركز إقليمي للتجارة واللوجستيات من خلال البنية التحتية المتطورة بالموانئ والمناطق الاقتصادية    مجلس الوزراء: بث تجريبي للمنصة الإلكترونية لتراخيص الاستثمار    ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي لمصر إلى 48.5 مليار دولار بنهاية مايو 2025    رسميًا إطلاق خدمات الجيل الخامس في مصر.. كل ما تريد معرفته عن السرعة والتحميل والباقات    جامعة مصر للمعلوماتية تتعاون مع جامعة لانكستر البريطانية لتعزيز الشراكات الأكاديمية العالمية    خامنئي: المقترح النووي الأمريكي يهدد السيادة الإيرانية    تقارير أولية من سوريا تفيد بحدوث انفجارات في مطار حماة العسكري    ما تفاصيل مشروع قرار مجلس الأمن المرتقب بشأن غزة؟    عراقجي لأمين عام حزب الله: إيران مهتمة بمساعدة لبنان    "لم يتم إخطارنا".. برشلونة يرد على أنباء معاقبته من "يويفا"    «بن رمضان» في مواجهة توانسة الأهلي.. الأرقام تحذر معلول    إنتر ميلان يفتح قنوات الاتصال مع فابريجاس لتدريب الفريق    "التعليم" تحذر طلاب الثانوية العامة: ممنوع الرصاص والكوريكتور    العثور على جثة بها آثار ذبح بالرقبة بفرشوط في قنا    مها الصغير تتقدم بشكوى رسمية ضد مواقع إخبارية    رئيس "الشيوخ" يهنئ الرئيس السيسي بمناسبة عيد الأضحى    طرح البوستر الرسمي لفيلم "آخر راجل في العالم"    شيخ الأزهر يهنئ الأمة الإسلامية بعيد الأضحى ويطالب المجتمع الدولي بوقف غير مشروط للعدوان على غزة    محافظ المنيا يزور مديرية الصحة ويتابع سير العمل داخل الإدارات والأقسام    الزمالك يفسخ التعاقد مع مدافع الفريق رسمياً    بورتو منافس الأهلي يكشف عن زيه الاحتياطي فى مونديال الأندية.. فيديو    مجلس الوزراء يوافق على اتفاقية مع الاتحاد الدولي للاتصالات لتحقيق التنمية الرقمية    توريد 500 ألف طن قمح في المنيا منذ بداية الموسم    الإسكندرية ترفع حالة الطوارئ بشبكات الصرف الصحي استعدادًا لصلاة عيد الأضحى    ارتفاع تدريجي ل درجات الحرارة.. بيان مهم بشأن حالة الطقس يوم عرفة (تفاصيل)    مد فترة التشطيبات.. مستند جديد يفجر مفاجأة في واقعة قصر ثقافة الطفل بالأقصر    زلازل وعواصف وجفاف.. هل تستغيث الأرض بفعل تغيرات المناخ؟    «قد يحسم أمام العراق».. حسابات تأهل منتخب الأردن مباشرة ل كأس العالم 2026    صلاح عبدالله يستعيد ذكرياته مع سميحة أيوب في مسرحية رابعة العدوية    «بيحبوا المغامرة».. 4 أبراج تستغل العيد في السفر    وزير الثقافة ل«الشروق»: لا غلق لقصور الثقافة.. وواقعة الأقصر أمام النيابة    لماذا رمى سعد الدين وهبة نص مسرحية كوبري الناموس بعد اعتراض سميحة أيوب؟ وما قصة مشهد الصمت الطويل؟    دعاء يوم التروية 2025.. أدعية مستحبة ومعلومات عن فضل اليوم الثامن من ذي الحجة    بيراميدز يجدد عقد المغربي وليد الكرتي موسمين    نجم الزمالك السابق يحذر من خماسي بيراميدز قبل نهائي الكأس    أول تحرك من «الطفولة والأمومة» بعد تداول فيديو لخطبة طفلين على «السوشيال»    تزايد الضغط داخل مجلسي الكونجرس الأميركي لتصنيف جماعة الإخوان "إرهابية"    البابا تواضروس يهنئ رئيس الوزراء بعيد الأضحى المبارك    بالأسماء.. 58 مركزًا لإجراء فحوصات المقبلين على الزواج في عيد الأضحى    28 فرصة و12 معيارًا.. تفاصيل منظومة الحوافز الاستثمارية للقطاع الصحي    «جبران»: قانون العمل الجديد يرسخ ثقافة الحقوق والحريات النقابية    تحرير 911 مخالفة للممتنعين عن تركيب الملصق الإلكتروني    في ذكرى ميلاده.. محمود عبد العزيز من بائع صحف إلى أحد عمالقة التمثيل    مسابقة لشغل 9354 وظيفة معلم مساعد مادة «اللغة الإنجليزية»    محافظ أسيوط يشارك أطفال معهد الأورام فرحتهم بقرب حلول عيد الأضحى    أنشطة ثقافية ومسرح وسينما فعاليات مجانية لوزارة الثقافة فى العيد    تكبيرات عيد الأضحى 2025.. تعرف على حكم التكبير فى العيدين بصيغة الصلاة على النبى    أيام الرحمة والمغفرة.. ننشر نص خطبة الجمعة المقبلة    «اللهم املأ أَيامنا فرحًا ونصرًا وعزة».. نص خطبة عيد الأَضحى المبارك 1446 ه    زيادة الرسوم الجمركية الأمريكية على واردات الصلب والألمنيوم إلى 50% تدخل حيز التنفيذ    موعد إعلان نتيجة الصف الثالث الإعدادي 2025 في الجيزة ترم ثاني    كامل الوزير: انتقال زيزو للأهلي احتراف .. وهذا ما يحتاجه الزمالك في الوقت الحالي    «الإفتاء» تنشر صيغة دعاء الخروج من مكة والتوجه إلى منى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكايات| أبو جميع الرهبان.. «أنطونيوس المصري».. قديس هزم الشيطان وخلّده الفن

تزخر كنائس وأديرة ومتاحف العالم بأيقونات ولوحات رسمت طوال ما يزيد على ألف وستمائة عام لقديس يصارع الشياطين، ويقاوم الإغراءات، ويعرف ب«أنطونيوس الكبير»، و«أبو جميع الرهبان»، وفي الغرب «سان أنطونيو أبوت»، و«أنطونيوس المصري».
وكلها أسماء للقديس المصري المعترف به عالميا كمؤسس لنظام الرهبنة المسيحي القائم على الاعتزال والنأى عن المتع والشهوات، والتفرغ للعبادة والعمل. ويعتبر من أكثر الشخصيات الدينية التى ألهمت الفنانين على مر العصور، لما تمثله حياته من قيم روحية.
◄ أصبح رمزا إنسانيا لمقاومة الشيطان والرغبات
◄ عشرات اللوحات تحمل اسم «إغراءات القديس أنطونيوس»
■ لقاء أنطونيوس مع القديس بولس
تعددت الأعمال الفنية التى تناولت شخص وحياة القديس أنطونيوس الكبير واختلفت من حيث أسلوبها، وتفسيرها لجوانب حياة القديس والقيم المستمدة منها. وكما حظى باهتمام خاص من فنانى الأيقونات القبطية طوال قرون، فقد ألهم أيضا العشرات من فنانى العالم طوال العصور الوسطى، وعصر النهضة، وحتى العصر الحديث.
■ القديس أنطونيوس كما رسمه هيرونيموس بوش القرن 16
◄ رموز
فى العصور الوسطى اتسم تصوير القديس بالرمزية، بحيث يمكن التعرف على شخصه بمجرد النظر إلى الأيقونة من خلال رموز منها صليب «تاو» على شكل حرف «T» الذى يرمز لسلطته الروحية، والجرس الذى يرمز لقدرته على درء الشر، والخنزير الذى يرمز لرعايته للحيوانات والمزارعين، والكتاب الذى يرمز لمعرفته وحكمته، والنار التى ترمز إلى مرض القديس أنطونى الذى اشتهر بعلاجه.
■ إغواء القديس أنطونيوس بريشة سلفادور دالي
ومع تطور الأساليب الفنية فى بدايات عصر النهضة، ظهر القديس فى العديد من الأعمال بطريقة مغايرة. ومنها النقش الطباعى للفنان «مارتن شونجاور» الذى صور القديس، وهو يصارع تسعة من الشياطين فى الهواء.
وهو الرسم الذى أعاده «مايكل أنجلو» فى لوحته «إغراء القديس أنطونيوس»، ورسمها عندما كان فى الثالثة عشرة من عمره، وأظهر فيها قبح الكائنات الشيطانية فى مشهد مرعب، بينما احتفظ القديس برصانته ونقائه.
◄ اقرأ أيضًا | ملامح أول مائدة عرفها التاريخ.. أسرار المطبخ المصري القديم
■ إغراءات القديس بريشة فنان يدعى سيد القرابة المقدسة من القرن 14
واللوحة موجودة حاليا بمتحف «كيمبل» فى ولاية تكساس، وتم شراؤها عام 2008 باعتبارها من عمل ورشة الفنان «دومينيكو جيرلاندايو» فى الفترة التى كان «مايكل أنجلو» يعمل لديه متدربا.
وقد جرى التحقق من أسلوب «أنجلو» فى التظليل المتقاطع بها. كما استُند إلى ما ذكره «جورجيو فاسارى» المؤرخ الفنى من عصر النهضة فى كتابه «حياة الفنانين» عن قيام «أنجلو» برسم نسخة من طباعة «مارتن شونجاور»، وهى بالفعل شبيهة بها.
وذكر «إسكانيو كونديفى» كاتب سيرة «مايكل انجلو» أن الفنان المراهق وقتها، ذهب إلى السوق ليرسم قشور السمك التى تغطى أجساد الشياطين، وهى غير موجودة فى طباعة «شونجاور». وهى واحدة من أربع لوحات فقط بقيت للفنان الذى صار يستخف بالرسم الزيتى فى فترة تالية من حياته اتجه فيها للنحت، كما أنها الوحيدة الباقية من فترة مراهقته التى عمل فيها كمتدرب.
كذلك رسم الفنان «فليبو ليبى» القديس، مبرزا الأشكال ثلاثية الأبعاد ،ومستخدما المنظور الخطى، ضمن تطورات أسلوب عصر النهضة. وهو من الفنانين الذين دمجوا ببراعة بين الرمزية الدينية وأبعادها التقليدية مع الأساليب الجديدة، مستبدلين زخارف العصور الوسطى بأشكال طبيعية، كما انتقلوا من منظور الصورة التعبدية إلى الغوص فى البعد النفسى للإغراء والمقاومة.
■ إغراء القديس للفنان ماكس إرنست
◄ مقاومة الشيطان
وجدت سيرة القديس من يقدمها بتعبيرات جمالية مميزة فى العديد من المخطوطات المزخرفة، ومنها التى قام بها «جان دي مونتشينو» فى النصف الأول من القرن 15، وفى القرن نفسه رسم الفنان «جويدو دى بيترو» المعروف أيضا باسم «فرا أنجيلكو» لوحة تصور القديس أنطونيوس بتكليف من «كوزيمو دى ميدتشى» حاكم فلورنسا لتوضع ضمن مذبح كنيسة «سان ماركو» فى المدينة، ورسمها بأسلوب عصر النهضة، وتبدو أقرب لصورة رسمية وقورة للقديس. وقد جرى تفكيك المذبح فى القرن التاسع عشر. كما حظى القديس بعدد من اللوحات الطباعية مثل مطبوعة الفنان «بيتر فان دير هايدن» فى القرن السادس عشر.
وتعتبر لوحة الفنان «هيرونيموس بوش» من أشهر اللوحات التى تناولت حياة القديس، وتبدو كما لو أنها نوع من السيريالية المبكرة سبقت الحركة السيريالية بأربعة قرون. وهناك لوحة إغواء القديس من القرن السادس عشر لفنان مجهول متأثر بأسلوب بيتر بروجل الأكبر، وتصور القديس مرتين حيث يظهر فى مقدمة اللوحة يقاوم الشياطين فى كوخه، ويظهر مرة أخرى وهو يتعرض للتعذيب الجسدى على أيدى الشياطين الذين يحملونه عاليا، وقد نجا بفضل نقاء روحه.
وهى نموذج لتناول جديد أصبح المنظر الطبيعى فى الخلفية يحتل أهمية خاصة، ولكنه هنا يبدو كما لو كان البطل مقابل قصة القديس التى تبدو عرضية. وقد اكتسبت سيرة القديس أبعادا جديدة فى عصر الباروك بكثافة عاطفية، مع إيماءات ذات طابع مسرحى، وعمق فى الألوان، وتقنيات التناقض الحاد بين الظل والنور، لخلق حالة روحية. وهى تأثيرات أحدثها «كرافاجيو» وتأثر به الآخرون، لجذب الانتباه إلى العناصر المضاءة من اللوحة.
وهو ما أعطى لوحات القديس بعدا جديدا بتصوير الصراعات النفسية مع الإغراءات من خلال تعبيرات الوجه والجسد، مما وصفته المؤرخة الفنية «إسبيرانسا كامارا» بأنه أنتج أعمالا تثير الروع والرهبة.
■ أربع حكايات عن أنطونيوس العظيم لفيتالي دا بولونيا القرن الرابع عشر
◄ إغراءات
في القرن التاسع عشر رسم الفنان الفرنسى «أوديلون ريدون» ثلاث سلاسل من المطبوعات الحجرية بغرض النشر مع رواية «إغراء القديس أنطونيو» ل«جوستاف فلوبير» عام 1874، وهو العمل الذى قضى «فلوبير» حياته منذ كان فى العشرين من عمره محاولا كتابته. ويتناول فى قالب مسرحى ليلة واحدة من حياة القديس تعرض فيها لإغراءات شديدة. وتميزت برؤية أكثر قتامة وتعقيدا من الناحية النفسية. وفى حقبة الحداثة ظهر القديس أيضا فى العديد من اللوحات لكبار الفنانين، وربما تكون أشهرها اللوحة السيريالية ل«سلفادور دالى» التى تحمل اسم «إغواء القديس أنطونيوس» ورسمها عام 1946 فى قراءة جديدة لصراع القديس مع الإغراءات التى تبدو عملاقة بسيقان نحيلة وعنكبوتية.
ومن المفارقات أن «دالى» رسمها ليشارك بها فى مسابقة نظمتها إحدى شركات الإنتاج السينمائى، لتظهر فى اللقطة الملونة الوحيدة من فيلم «الشئون الخاصة لبيل آمى» المأخوذ عن رواية «بيل آمى» ل«جى دى موباسان»، لكن من فاز فى المسابقة كان الفنان «ماكس إرنست»، وتفوقت لوحته على 11 فنانا ينتمون لتيارى السيريالية والواقعية السحرية. وحصل كل منهم على 500 دولار بينما حصل «إرنست» على 3000 دولار، وظهرت لوحته فى الفيلم، لكن النقاد وصفوها بالمثيرة للغثيان. وعلى مستوى الشهرة بقيت لوحة «دالى» بلا منافس منذ ذلك الحين وإلى الآن. ولم يتوقف استلهام شخص القديس وحياته فى أعمال معاصرة، وبتفسيرات جديدة. ومنها ما قدمه «كيهيند وايلى». ومن المذهل أن تبقى القصة قادرة على الإلهام والتكيف طوال قرون، ليعاد إنتاجها بأساليب ورؤى متجددة.
◄ حياة حافلة
استند كل الفنانين السابقين وغيرهم إلى سيرة القديس التى كتبها القديس «إثناسيوس» الإسكندرى، بطريرك الإسكندرية من القرن الرابع- والتى كان لها الفضل فى نشر مفهوم الرهبنة المسيحية فى أنحاء العالم. وتحكى عن حياة الشاب المصري المولود عام 251 بقرية «قمن العروس» - مركز الواسطى، ببنى سويف، وكيف فقد والديه فى سن العشرين، واستمع إلى مقطع من الإنجيل حيث قال المسيح للشاب الغني: «إن أردت أن تكون كاملاً، فاذهب وبع كل ما تملك وأعطه للفقراء، فيكون لك كنز فى السماء، وتعال اتبعنى» (متى 19: 21)، فشعر بأن الكلمات موجهة إليه، وباع ممتلكاته ووزع المال على الفقراء، وبدأ واحدة من أشهر الرحلات الروحية فى التاريخ الإنسانى.
استقر أولا لعشرين عاما كناسك زاهد فى كوخ بين النيل والصحراء الشرقية عند قرية بمركز أطفيح تعرف الآن باسم «دير الميمون»، قبل أن ينتقل إلى موضع أكثر اعتزالا، وهو مقر الدير الذى يحمل اسمه عند السفح الجنوبى لجبل الجلالة بالصحراء الشرقية.
وقد نسب له العديد من المعجزات مثل شفاء بعض الأمراض، وخصوصا الجلدية، حتى إن مرض التسمم الأرجونى كان يعرف باسم نار القديس أنطونيوس. لكن أكثر ما ألهم الفنانين فى سيرته هو مواجهته للشيطان، الذى أغراه بأفكار فاسقة ومشاعر جسدية، تغلب عليها بالتأمل فى الله والتفكير فى العقاب الأبدى. كما تعلم من الرؤى التى اعتبرها رسائل سماوية، وعرف أن للشيطان أساليب وطرقا لا تخطر على البال، فكثف جهوده لمقاومته. وجمع فى اعتكافه بين العمل والعبادة، وعاش حياة صارمة. وقضى خمسة وثمانين عاماً فى الاعتزال، وتنظيم حياة الرهبنة، ورحل بعد أن تجاوز عمره المائة عام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.