تترقب فرنسا اليوم نتائج تصويت حاسم على حجب الثقة عن الحكومة الفرنسية برئاسة ميشيل بارنييه، في خطوة قد تؤدي، في حال نجاحها، إلى أول إسقاط لحكومة فرنسية عبر حجب الثقة منذ ستة عقود، في هذا الصدد تكشف صحيفة لوموند الفرنسية عن السيناريوهات المحتملة والتداعيات المتوقعة في حال نجاح التصويت في البرلمان الفرنسي، في وقت تواجه فيه البلاد تحديات اقتصادية وسياسية غير مسبوقة. السيناريو المتوقع تشير لوموند إلى أن التحالف غير المسبوق بين أقصى اليمين وأقصى اليسار قد يجمع الأصوات الكافية لإسقاط الحكومة الفرنسية، وفي حال نجاح التصويت، سيدخل ميشيل بارنييه التاريخ كأقصر رئيس وزراء خدمةً في منصبه، إذ لم يمض على توليه المنصب سوى أشهر قليلة منذ سبتمبر الماضي. في حين يواجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وفقاً للوموند، تحدياً استثنائياً في إيجاد بديل قادر على قيادة الحكومة، إذ أن الخيار الأول والأكثر ترجيحاً هو تكليف حكومة ميشيل بارنييه بتصريف الأعمال مؤقتاً، بينما يبحث الرئيس عن رئيس وزراء جديد يمكنه الحصول على ثقة البرلمان. غير أن هذه المهمة تبدو شبه مستحيلة في ظل المشهد السياسي المنقسم بشدة، حيث لا توجد شخصية سياسية واضحة يمكنها جمع الأغلبية المطلوبة في البرلمان. أزمة الميزانية والمأزق الدستوري من جانبها سلطت صحيفة لوفيجارو الضوء على التحدي الأكثر إلحاحاً الذي يواجه فرنسا، إذ ان الموعد النهائي لإقرار الميزانية في نهاية الشهر لتجنب إغلاق حكومي، إذ انه وفقاً للقانون الفرنسي، يمكن للحكومة أن تطلب موافقة البرلمان على تمديد ميزانية العام السابق مؤقتاً، مما يضمن استمرار دفع رواتب موظفي القطاع العام وتشغيل المؤسسات حتى إقرار ميزانية جديدة، لكن هناك تساؤلات قانونية حول صلاحيات حكومة تصريف الأعمال في اتخاذ مثل هذه القرارات. تحذر لوموند من أن الأزمة السياسية في باريس تثير مخاوف من تداعيات اقتصادية خطيرة، إذ شهدت فرنسا تراكماً في ديونها وعجزها بعد الإنفاق السخي خلال جائحة كوفيد-19 وأزمة الطاقة التي أعقبت الغزو الروسي لأوكرانيا. وقد بدأت الأسواق المالية تظهر علامات القلق، حيث اتسع الفارق بين عوائد السندات الفرنسية والألمانية إلى أكبر مستوى له منذ 12 عاماً، وتجاوزت عوائد السندات الفرنسية نظيرتها اليونانية في لحظة رمزية. تداعيات أوروبية وعالمية تؤكد لوموند أن تأثيرات الأزمة الفرنسية تتجاوز الحدود الوطنية، فسقوط الحكومة الفرنسية، الذي يأتي بعد أسابيع من أزمة الحكومة الألمانية، يترك أكبر قوتين في الاتحاد الأوروبي في حالة من عدم الاستقرار السياسي. ويأتي هذا في وقت حساس تواجه فيه أوروبا تحديات متعددة، من احتمالات نشوب حرب تجارية إلى ضرورة الحفاظ على الدعم لأوكرانيا. مستقبل قاتم في حين تشير لوموند الى مستقبل قاتم للسياسة الفرنسية، فلا يمكن إجراء انتخابات تشريعية جديدة قد تغير المعادلة السياسية قبل الصيف المقبل، مما يعني أن فرنسا قد تدخل في فترة طويلة من عدم الاستقرار السياسي، كما أن الأزمة قد تؤثر على مستقبل مارين لوبان السياسي، خاصة مع المحاكمة التي تواجهها بتهمة اختلاس أموال البرلمان الأوروبي، والتي قد تمنعها من الترشح للرئاسة في 2027 إذا صدر حكم بمنعها من تولي المناصب العامة لمدة خمس سنوات. وتسلط لوفيجارو الضوء على السيناريو الأسوأ الذي قد يتمثل في استمرار الجمود السياسي مع تفاقم الأزمة الاقتصادية، فرغم أن الوضع المالي الفرنسي يختلف جذرياً عن الأزمة اليونانية السابقة، إلا أن استمرار عدم الاستقرار السياسي قد يؤدي إلى تراجع ثقة المستثمرين والمستهلكين، مما قد يؤثر سلباً على الاقتصاد الفرنسي وينعكس على منطقة اليورو بأكملها.