في عصر السوشيال ميديا، أصبحت المنصات الرقمية مثل فيسبوك وتويتر وإنستجرام، جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، ورغم الفوائد التي تقدمها هذه الشبكات في ربطنا بعضنا البعض، إلا أنها أيضًا أصبحت بيئة خصبة لانتشار ما يسمى ب «التريندات المزيفة»، التي تضلل الرأي العام وتشوه الحقائق، أصبحت هذه الظاهرة تؤثر بشكل كبير على المجتمع وعلى وعي المواطن، كما أنها أصبحت سلاحًا يستخدمه البعض لتحقيق أهداف معينة، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو حتى اجتماعية، مما استوجب وقفة تشريعية وقانونية للحد من سلبيات هذه الظاهرة وردع القائمين عليها. تفاصيل أكثر إثارة سوف نسردها لكم في السطور التالية. التريند المزيف هو محتوى يروج على الإنترنت بشكل غير حقيقي أو مبالغ فيه، بهدف جذب الانتباه وإثارة الجدل، والرأي العام، قد تكون هذه التريندات متعلقة بأخبار كاذبة، حملات إعلامية مزورة، أو حتى قضايا اجتماعية تضخم لخدمة مصالح معينة في كثير من الأحيان، يكون وراء هذه التريندات حسابات مزيفة أو لجان إلكترونية أو مجموعات تضخم المحتوى لخلق حالة من الضجة. فالتريند المزيف لا يظهر صدفة، بل يصنع بطرق مدروسة جيدًا، فيعتمد البعض على حسابات إلكترونية وهمية وهي التي تسهم في نشر المحتوى بشكل سريع على نطاق واسع، مما يعطي الانطباع أن هذا الموضوع يحظى بشعبية كبيرة، بل ويعطي الانطباع انه خرج من شخص طبيعي، كما في بعض الاوقات من الممكن استخدام بعض الشخصيات العامة أو المؤثرين لترويج هذه التريندات، مما يجعلها أكثر مصداقية في نظر المجتمع، بالإضافة لاستخدام بعض الأساليب المتقدمة في الحشد الرقمي، مثل نشر الاخبار المزيفة عبر حسابات متعددة في وقت واحد أو باستخدام الهاشتاجات التي يروج لها بشكل مفتعل لجذب انتباه أكثر، في حقيقة الامر التريندات المزيفة لا يتوقف تأثيرها على الترفيه أو الفضول، بل تؤثر على الوعي العام بشكل عميق وكبير في المجتمع ككل، حيث يؤدي نشر التريندات والشائعات بسرعة إلى خلق حالة من الفوضى والارتباك في المجتمع، فالأخبار المزيفة عن الأزمات الاقتصادية تؤدي إلى إثارة الذعر مما ينعكس سلبًا على استقرار الأوضاع، اما المواقف الاجتماعية فالتريندات المزيفة تسهم في نشر ثقافة الكراهية أو الانقسام بين فئات المجتمع، وفي بعض الأحيان يمكن أن تستخدم هذه التريندات لتشويه صورة أشخاص. تحقيقات فتاة شارع فيصل عبارة تصدرت محركات البحث المختلفة خلال الاسبوعين الماضيين بعدما زعمت فتاة من منطقة فيصل تعرضها للسحل والسرقة، القصة بدأت تنتشر على صفحات السوشيال ميديا المختلفة. تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو تظهر فيه الفتاة باكية تحت عنوان «5 شباب ضربوني وسرقوني» في شارع فيصل خلال عودتها من الدرس، سرعان ماتحركت الأجهزة الأمنية ، وذلك عقب رصد الفيديو وتشكل فريق بحث على أعلى مستوى لكشف ملابسات الواقعة، وتبين أنها «مريم» 17 عام، واعتادت تقديم مقاطع غنائية وترفيهية عبر حسابها بموقع «تيك توك»، لكن هذه المرة اختارت أن تطل على 100 ألف متابع بشكل غير متوقع فبصوت مبحوح وملابس غير مهندمة روت معاناتها، واستدعيت الفتاة على الفور بدأت النيابة العامة تحقيقاتها مع فتاة فيصل، التي نشرت مقطع فيديو تدعي فيه تعرضها للسحل والسرقة من قبل خمسة شبان في شارع فيصل أثناء عودتها من درس، كما طلبت النيابة تحريات الأجهزة الأمنية حول الواقعة، وكانت المفأجاة التي أظهرتها تحريات الأجهزة الأمنية في الجيزة حقيقة مقطع الفيديو حيث تبين أنه مفبرك وأن الفتاة اختلقت الرواية بهدف زيادة عدد المشاهدات. وباستجواب الفتاة في النيابة العامة كشفت الفتاة تزوير رواية تعرضها للسحل والسرقة، حيث اعترفت بأن قصتها كانت مختلقة وأن ما حدث فعليًا أثناء خروجها من الدرس واستقلالها ميكروباص هو مجرد تدافع بسبب أولوية الركوب، حيث جذبها أحد الأشخاص من حقيبتها للخلف، أما باقي تفاصيل الرواية التي زعمت فيها تعرضها لهجوم من خمسة شبان فقد كانت من تأليفها الخاص من اجل زيادة المتابعين والمشاهدات، كما اعترفت أنها دائمًا تعمل على مشاركة يومياتها عبر حسابها على تطبيق «تيك توك»، وابتكرت هذه القصة بهدف زيادة متابعيها وتحقيق مزيد من المشاهدات، و تحرر محضر بالواقعة. تربى البساتين بدأت القصة عندما ظهر تربي وهو الشخص المسئول عن تنظيف وزراعة النباتات في المقابر عبر مواقع التواصل الاجتماعي زاعمًا أنه أثناء زراعة نبات «الصبار» بجوار أحد القبور في منطقة البساتين فوجئ بوجود «عمل سحري» مدفون داخل ثلاثة أكياس، وأوضح التربي أن الأكياس تحتوي على أوراق طلاسم وصورة للاعب مؤمن زكريا مع عروسة ورقية وأرقام ورموز غامضة. كما أوضح التربي أن هذا العمل السحري قديم ويعود لسنوات طويلة، وأن السحر كان يهدف إلى إلحاق الضرر باللاعب عبر إصابته بالمرض والموت، وأن مكان العثور على هذا العمل السحري هو حوش لعائلة الكابتن مجدي عبدالغني، لاعب نادي الأهلي السابق، وهو ما زاد من الجدل وأدى إلي انتشار القصة بسرعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وبمرور أيام كشفت وزارة الداخلية المصرية في بيان لها حقيقة تداول مقطع فيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي تناقلته عدد من القنوات متضمناً عثور أحد الأشخاص على أعمال سحر أثناء زراعة صبار أمام مقبرة خاصة بعائلة اللاعب مجدي عبدالغني، عبارة عن أوراق وصورة للاعب مؤمن زكريا، مكتوب عليها بعض الطلاسم والعبارات غير المفهومة، وأوضح بيان الداخلية أنه بعد فحص الفيديو المتداول والتحقيقات التي أجرتها الأجهزة الأمنية، تم تحديد المتورطين في هذه الواقعة المتهم الرئيسي وهو عامل مدافن، اعترف أنه خطط لهذه الواقعة مع نجله وثلاثة آخرين بينهم سيدة، جمعوا الأدلة الزائفة من صورة لمؤمن زكريا، وطلاسم وأدوات سحرية مزعومة ودفنوها أمام المقبرة، بهدف إلصاق التهمة بالكابتن مجدي عبدالغني واستغلال شهرة مؤمن زكريا لجذب الانتباه وتحقيق مكاسب مالية، و تحرر محضر بالواقعة واخطار النيابة العامة التي أمرت بإحالتهم إلى محكمة جنايات جنوبالقاهرة المنعقدة بمجمع محاكم زينهم والتي قررت بالسجن 3 سنوات للمتهمين بفبركة سحر لاعب كرة القدم مؤمن زكريا. فللاسف هناك الكثير والكثير من التريندات المزيفة التي ظهرت وتصدى لها رجال الشرطة المصرية بوزارة الداخلية، ولو سردناها تحتاج ألف الصفحات لسردها، فالامر أصبح يفعل أي شيء لمجرد جمع المشاهدات. اقرأ أيضا: ضحايا الابتزاز الإلكتروني l يبتز زوجته لإجبارها على خدمة أمه .. وفتاة هددت صديقتها بصور خاصة لحصولها على ترقية رقم مرعب في الوقت ذاته هناك طلب إحاطة لمجلس النواب يطالب باتخاذ جميع الإجراءات للقضاء على حسابات السوشيال ميديا الوهمية ومجهولة الهوية وإغلاق الصفحات غير الحقيقية على فيس بوك والتي وصلت الى 14 مليون حساب وهمي، ما أعلن ذلك بعض المتخصصين فى هذا المجال، بجانب أنه لابد من إجراءات صارمة لمواجهة بث الشائعات والابتزاز الإلكتروني والسب والقذف والاعتداء على قيم المجتمع من خلال هذه الحسابات الوهمية، بتشديد العقوبات فى قوانين مكافحة الجريمة الإلكترونية لحماية المجتمع والأسرة المصرية. بالتواصل مع منى عبد الرحمن خبيرة سوشيال ميديا بدأت حديثها قائلة: تعتبر التريندات المزيفة أداة فعالة للحشد الرقمي، وخاصة في منصات مثل فيسبوك وتويتر، فللاسف نحن نعيش في عالم تروج فيه الأكاذيب بسرعة أكبر من الحقيقة، حيث تروج أكاذيب تهدف إلى نشر الفتنة أو زعزعة الثقة في مؤسسات الدولة وغيرهم لذلك من المهم أن نعمل على نشر الوعي وتعليم الأفراد كيفية التحقق من الأخبار قبل المشاركة فيها. ليستكمل الدكتور محمد علي أستاذ علم النفس الاجتماعي قائلاً: إن التريند المزيف يؤثر بشكل كبير على سلوك الأفراد والمجتمع، فالدراسات النفسية أظهرت أن الناس يميلون إلى تصديق ما يتماشى مع مشاعرهم أو آرائهم المسبقة، لذلك عند انتشار التريند المزيف يتحمس بعض الأفراد لتصديقه بل ونشره مما يخلق دائرة من التضليل، كما انه على المجتمع أن يدرك أن نشر هذه التريندات يضر الجميع ويؤثر سلبًا على السلم الاجتماعي، كما يجب أن يكون هناك وعي جماعي أكبر بضرورة التحقق من المعلومات قبل تداولها، فالتدقيق في الأخبار والتأكد من مصداقيتها يعد خطوة أولى في الحد من تأثير التريندات المزيفة، فيمكن للأفراد على سبيل المثال استخدام محركات البحث للتحقق من مصدر الخبر، أو متابعة الحسابات الإخبارية الرسمية الموثوقة. ليختم محمد السيد المحامي، قائلا: إنه للأسف البعض منا أصبح يفعل أي شيء لمجرد جمع المشاهدات والقانون يواجه ذلك بكل حسم لكن الناس ترتكب الجرائم وهي لاتعرف أن هناك عقوبات تنتظرهم؛ فالمادة 25 من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018 تنص على أن يعاقب بالحبس مدة لاتقل عن ستة أشهر، وبغرامة لاتقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من اعتدى على أى من المبادئ أو القيم الاسرية فى المجتمع المصرى، أو انتهك حرمة الحياه الخاصة أو ارسل بكثافة العديد من الرسائل الاليكترونية لشخص معين دون موافقته، أو منح بيانات إلى نظام أو موقع إلكترونى لترويج السلع أو الخدمات دون موافقته أو بالقيام بالنشر عن طريق الشبكة المعلوماتية أو بإحدى وسائل تقنية المعلومات، لمعلومات أو أخبار أو صور وما فى حكمها، تنتهك خصوصية أى شخص دون رضاه، سواء كانت المعلومات المنشورة صحيحة ام غير صحيحة.