كانت وعائى الذى افرغ فيه غضبى، سندى الذى يمنحنى الأمان عندما يتملكنى الخوف، صديقتى التى تنقذنى من الموت قبل أن افكر فيه، وفوق كل ذلك هى قريبتى وابنة خالى، فجأة فى ليلة وضحاها أصبحت عدوتى، تمنيت لو أننى لم أعرفها يوما فى حياتى، بل دعوت ربى أن يصيبنى بمكروه أفقد فيه ذاكرتى، فلا يجول فى خاطرى مافعلته بى أمتار قليلة تفصلنا عن بعضنا، فهى جارتى، الباب فى الباب كما يقولون، وصديقة طفولتى، وبنت منطقتى الشعبية، أعمارنا متساوية، فقد ولدنا فى شهر واحد، عشنا معا كتوءمين، تشاركنا طفولتنا، وتبادلنا الأحلام فى شبابنا، وكل شخص فينا كان سندا للآخر ومرآته التى يرى بها العالم من حوله. كانت ناصحتى الأولى بعد وفاة أبى وأمى وعمرى لم يتجاوز الخمسة عشر ربيعا، بل أصبحت معلمتى التى تلقنى دروس الحياة. مرت السنوات ونحن معا، حتى جاء موعد الفراق، تقدم لخطبتى جارنا فى الطابق الأرضى، لم أتردد كثيرا، وافقت على عجل، فقد كان وسيما مهذبا، حلم لكل فتاة، يعمل بوظيفة مرموقة، وفوق كل ذلك أفصح عن حبه لى، رغم الفوارق الاجتماعية والثقافية بيننا. كانت فرحتى كبيرة، أسرعت وأخبرت صديقتى، لم تصدق ماحدث، شعرت من أسئلتها الكثيرة أنها تستكثر على فرحتى، كانت دائما تردد كلمة ازاى، هو وافق، هو عارف انك معاك دبلوم ؟!، وهكذا.. لكنها عادت وعبرت عن سعادتها وبدأت ترتب لى حياتى حتى أتلاءم مع ذلك الزوج الوسيم. خطئى أننى لم أكن أحسن التصرف مع خطيبى، كنت صدامية بدرجة كبيرة، أخشى الخروج معه، ولا أستطيع أن أجاريه فى أحلامه وطموحاته، رغم ذلك كان يتغاضى ويخبرنى دائما انه يحبنى منذ سنوات. كانت صديقتى فى ظهرى، ترتب لى ما أقوله وما أفعله معه، اقص لها كل ماحدث بيننا، حتى إنها كانت تعيش معى لحظات لقائنا معا، تخبرنى بما سيقوله لى وماسأرد عليه به، لقد قرأت مايجول فى خاطر خطيبى قبل أن يفكر فيه بسبب ماقصصته لها عنه. اعتادت على التدخل وإصلاح ما أفسدته معه، أتركها بالساعات تتحدث مع خطيبى على أمل أن تقنعه يصالحنى، والحمد الله تنجح ويتبدل حال خطيبى ونعود كما كنا أفضل حال. انعقد زفافنا بعد عام من خطوبتنا، لم أبتعد كثيرا عشت فى منزلى بناء على طلبى، ووافق زوجى، واستمرت حياتنا كما هى، صديقتى بجوارى وتدخل دائما للصلح مع خطيبى. حتى جاءت اللحظة الفارقة، لاحظت تغيرا كثيرا على زوجى، أصبح عصبيا، يغيب بالساعات عن المنزل، يتركنى بمفردى دون أن يخبرنى أين هو، لم يعد يقبل العيش معى، حقيقة لم أعرف سببا، كانت مشاكل زوجية عادية تمر بها كل البيوت، لكنه كان ينفخ فيها ويجعلها بحجم أكبر ويتخذها ذريعة للهروب من المنزل. لم أخش بما يحدث فقد كانت صديقتى معى، أخبرها بكل شىء، وأطلب منها النصيحة، لكنها فى هذه المرة طلبت منى أن أتمرد على زوجى. نصحتنى أن الزوجة المطيعة تصبح ضعيفة فى نظر زوجها يفعل بها كيفما يشاء، سمعت كلامها، وبدأت أرد على زوجى وأناطحه الكلمة بالكلمة، حتى فجأة ألقى بيمين الطلاق على مرة واحدة ثم ترك المنزل وعاد إلى بيته فى الطابق الأرضى. أسرعت إلى صديقتى، طلبت منها أن تجد حلا، كما كانت تفعل، لكن هذه المرة أخبرتنى أنها لن تتدخل، وأن زوجها هو من طلب منها ذلك، استسلمت للأمر الواقع، انتظرت لعله يعود إلى البيت، مرت الأيام وهو منعزل فى طابقه الأرضى، انقطع التواصل بيننا لشهرين كاملين، وفجاة وجدته يطرق باب منزلى وبجواره صديقتى. شعرت بالسعادة وأدركت أنه عاد إلى، وأن خطة صديقتى نجحت، وهو ماحدث بالفعل، عاد زوجى وبدأت حياتنا تسير كما كانت. أسابيع مرت وبدأ زوجى يتغيب بالساعات عن المنزل، كان يتحجج بالشغل، كلما تواصلت معه يخبرنى أنه أمامه دقيقتان ويكون أمامى، وبالفعل يحدث ذلك، بدأ الشك ينتابنى، أخذت التساؤلات تملأ عقلى، كيف يخبرنى انه فى الشغل وبعد دقائق أخرى يخبرنى إنه أمامه دقيقتان، حتى جاءت اللحظة الفاصله، سألنى حارس العقار عن زوجى، أخبرته أنه فى العمل، لكنه أصر أنه فى البيت فقد شاهده يدخل باب العماره وأنا فى السوق. اقرأ أيضًا| المليونير البخيل يحرم أبناءه من التعليم انتقاما من والدتهم استغربت من حديث البواب، أسرعت إلى المنزل، لكننى لم أجد زوجى، عدت مرة أخرى إلى الحارس، أخبرته أن زوجى ليس بالمنزل، صمم على حديثه، تركته وعدت إلى المنزل، وأنا أصعد درجات السلالم اتصلت عليه، رن هاتفه، سمعت صوت الهاتف يرن فى منزل صديقتى، توقفت قليلا وعدت مرة أخرى واتصلت بهاتفه وعاد وانطلقت نفس الرنه، أصابنى الذهول، أسرعت إلى منزلى، تواصلت مع صديقتى عبر هاتفها، أخبرتنى أنها فى الخارج وستعود ليلا. هنا أدركت أن هناك امرا ما يحدث، ألقيت بشكوك أمام عينى وبدأت أراقب منزل صديقتى عبر العين السحرية، وبعدها ظهرت الحقيقة، شاهدت زوجى يخرج من منزلها، رأيته بعينى يحتضنها، كادت تصيبنى نوبة قلبية، تماسكت والقيت بجسدى على الفراش وانتظرت حتى طرق الباب وفتحت له، ثم سألته لماذا لم يجب على الهاتف تحجج كعادته انه لم يسمعه.. صمت وبدأت أفكر وأتساءل ماذا حدث، صديقة عمرى تخوننى مع زوجى، وعائى الذى كنت أفرغ فيه همومى تتحول فجاة إلى سلاح يطعن ظهرى. لم أستطع الصمت كثيرا، واجهت الاثنين بما شاهدته بعينى، لكن الصدمه كانت أكبر اعترف زوجى سريعا، أخبرنى أنه متزوج من صديقتى منذ شهرين، أما هى فلم تنكر ذلك، أرادت تبرير فعلتها، لكننى دفعتها خارج منزلى، وطردت زوجى من شقتى، بعد يومين توجهت إلى محكمة الأسرة بزنانيرى وأقمت دعوى طلاق للضرر من زوجى.. ومازالت متداولة حتى الآن.