وما أحلى أن نردد قول الشاعر «من مزارعنا تقوم صناعتنا والخير يبقى خيرين فى إيدينا وبمدافعنا من مصانعنا نحمى حرية أراضينا» صناعتنا هى قوتنا أودعنى قاضى الأمور المستعجلة بمحكمة عابدين أنا وخالى محمد وكيل وزارة الزراعة عليه رحمة الله قفص الاتهام ليصدر حكمه علينا فى آخر الجلسة، والسبب أن والدتى وأشقاءها تقاعسوا عن تنفيذ قرار حى عابدين بهدم أحد العقارات الستة التى يمتلكونها، والذى كان يشكل خطورة، كان هذا فى أوائل الثمانينات، أما الغريب فى القصة فهو أننا مثلنا أمام المحكمة بعد 10 سنوات كاملة من القرار، فشلنا فيها فى الهدم، أما لماذا فتلك قصة، السبب فيها قوانين الإيجارات القديمة، السيف المصلت على رقاب الملاك نتمنى أن تتم إعادة النظر فيها بما يعيد التوازن بعد حكم الدستورية، ما بين الإيجار والأجرة، والذى كشف «عوار» مواد فى قانون الإيجارات الذى صدر عام 1981، لنصها على تأبيد قيمة الأجرة وحكمت بعدم دستوريتها. سقط جزء من العقار كاد يحدث كارثة، فأسرعت بعد الحصول على توكيل من والدتى إلى الحى، والغريب أن رئيس الحى نفسه تعجب من أننا لم نهدم البيت، وعندما شرحت له أننا مستعدون للهدم فورًا، خاصة وأن المنزل خالٍ من السكان، أجابنى وما المانع؟، فقلت له مستأجر لدكان مساحتها متران فى مترين من مساحة المنزل ال 110 مترات، منذ صدور القرار من 10 سنوات وهو «يقاضينا» طعنًا على قرار الحى، ولازالت قضيته تنظر حتى الآن وتؤجل من جلسة لجلسة ومن دورة لدورة، ولم لا والإيجار خمسة جنيهات فقط مع أنه «كسيب» نجار أويما، حاولنا معه بكل الطرق وعرضنا عليه مبلغًا وصل ل 50 ألف جنيه ورفض وطالب بالمزيد طمعًا0 وبينما نحن فى مكتب رئيس الحى سقط جزء آخر أسرع معى الرجل للمكان وعدنا ليستدعى الشئون القانونية ويسأل أليس هناك حل؟ وكانت المفاجأة. نص فى قانون المبانى، المادة 32 تنص على أن لجهة الإدارة فى حالة الخطورة الداهمة أن تلجأ إلى قاضى الأمور المستعجلة لاستصدار أمر بالهدم حتى سطح الأرض وينفذ القرار بالقوة الجبرية إذا لزم الأمر، وطالب فورًا باتخاذ الإجراءات القانونية «مختصمًا» أمى وأشقاءها بالتقاعس عن الهدم، وقدمنا للمحاكمة أنا وخالى بتوكيلات، وفى الجلسة سألنا القاضى «مش عاوزين تنفذوا القرار ليه؟»، وأجبته مكنا حضرتك وأنا أهدم، وسأل مندوب قضايا الدولة ألديك مانع وإجابة مطلقًا، وهنا أصدر القاضى أوامره بوضعنا فى القفص وهو يقول الحكم آخر الجلسة، ثم جاء الحكم، يزال العقار بالكامل حتى سطح الأرض ويمكن المالك بالقوة الجبرية، تم تحصين الحكم خلال 15 يومًا واللجوء للنيابة لإصدار القوة الجبرية للحى للتنفيذ وخلال ساعة كانت الدكان لا أثر لها رغم محاولات النجار وجعجعته أنا طاعن. 10 سنوات كاملة فى ظل قانون جائر عرض حياة سكان للخطر، قوانين الإيجارات والإسكان بصفة عامة تحتاج إلى إعادة نظر بالكامل فتلك البيوت التى تنهار من وقت لآخر وتقضى فيها أرواح نجد أن لها قرارات بالهدم أو التنكيس ولكن توضع فى الأدراج ولا تنفذ، أما الإيجارات فمجلس النواب يجب أن يعيد لها التوازن العادل. صنع فى مصر.. ما أحلاها لحظة لا تفارق خيالى، ولا يمكن أن أنساها ما حييت، سجلت عينى فيها فرحة أبى عليه رحمة الله، فى عام 1964، كان أبى أحد المسئولين فى مصنع 135 للطائرات الذى تم إنشاؤه ضمن القلاع الصناعية التى تم تشييدها فى هذا الوقت. الفرحة كانت لإنتاج المصنع وإشقائه من المصانع الحربية المعاونة، كل فى تخصصه (المحركات والبودى) الطائرة التى أطلق عليها القاهرة 200، وكانت بمعاونة هندية ألمانية شرقية وتمت التجربة بالإقلاع على ممر مطار المصنع بحلوان، صحيح كانت تجربة لازالت فى المهد ولكنها كانت جريئة. تذكرت الواقعة وأنا أستمع وأشاهد عملية إحياء قلعة «شقيقة» من قلاع الصناعة وإعطائها قبلة الحياة بعد توقف «ظالم» ل 15 سنة كاملة، إعادة الحياة للشركة الوطنية الحكومية «النصر للسيارات» كانت ضرورة ملحة لنعيد التوازن لسوق السيارات الذى فلت زمامه، إمكانيات الشركة كمصانع وكوادر عمالية مكنتها منذ إقامتها عام 1959من غزو دول العالم بأنواعها من السيارات الملاكى والنقل الثقيل والأتوبيسات، وتحقيق الاكتفاء للسوق المحلى، كانت شوارع مصر تفتخر بأن ما يسير فى شوارعها ملاكى ونقل وأتوبيسات يحمل اسم النصر للسيارات، صنع فى مصر وبأيدٍ مصرية، وعن الجودة وإتقان الصناعة حدث ولا حرج، وعن التنوع تخيل ما تشاء، وعن الأسعار لا تقارن كانت لا يمكن منافستها أو الوقوف أمامها، وحقيقة لا أعلم لماذا توقف الإنتاج فجأة؟. نتمنى أن تعود الشركة بكامل طاقتها خاصة وأن الدولة كما أكد رئيس الوزراء د.مصطفى مدبولى درست الأمر جيدًا ودعت شركاء للانضمام من أجل استدامة عمل الشركة، وكذلك لإعادة قلعة من القلاع الصناعية الكبرى التى أثبتت نفسها عقودًا بعد عقود. أما أحلى ما فى الموضوع أننا سنستعيد جملة «صنع فى مصر» بحق وحقيقة، نبدأ بنسب تصنيع تصل ل 70% على أن نصل إن شاء الله إلى التصنيع الكامل بجهد صادق وأفكار جديدة، من المحرك والبودى، ولم لا فقد صنعنا السيارات الرمسيس والشاهين والنصر 2300 وال 128 وكانت السيارة الرئيسية فى الشارع المصرى. أول سيارة تملكتها كانت تحمل اسم نصر 128 فى عام 1979 كان ثمنها 2960 جنيهًا من المصنع ومنحنى وزير الصناعة وقتها بتوصية من أستاذى الكاتب الصحفى الكبير موسى صبرى 300 جنيه خصمًا. جميل أن نحيى قلاعنا الصناعية ونعيد لها الحياة لأنها ولدت قوية ويجب أن تظل قوية. وأحلى شيء أن نجد إنتاجنا يكفينا ونصدر منه فما أجمل جملة صنع فى مصر، حتى ولو كانت «بسكوتة». وأنا أتابع الاحتفال، دارت بخلدى كلمات الشاعر الكبير أحمد شفيق كامل والتى لحنها وغناها الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب فى نشيد نسمة الحرية عام 1959 وهو يقول: «من زراعتنا تقوم صناعتنا والخير يبقى خيرين فى إيدينا، وبمدافعنا من مصانعنا نحمى حرية أراضينا». صناعتنا وقلاعها قوتنا. استاد القسم الرياضى أنا زملكاوى الهوية، ولكنى فى نفس الوقت عضو عامل فى النادى الأهلى، وأفتخر دائمًا أن استمارة دخولى النادى كتبها أستاذى الراحل الكابتن الكبير عبد المجيد نعمان، أستاذ الصحافة الرياضية، اصطحبنى من يدى للنادى فى منتصف الثمانينيات لمقابلة الأسطورة الكبيرة صالح سليم، ليلحقنى بالنادى وتم ذلك بمباركة الكابتن نعمان. أنا أعشق الزمالك، ولكن يحزننى ذلك التعصب الأعمى الذى نشهده الآن ويشعل نيرانه بعض مرتزقة ومدعى الإعلام من أصحاب «الجواعير» العالية والأصوات النشاز على الفضائيات والسوشيال ميديا وللأسف يتبعهم الغاوون، مرددين ما يقولون لإحداث الفتنة وشعللة التعصب. كنت فى بداية عملى فى منتصف السبعينيات أرى عظمة الكابتن نعمان الذى كان بدرجة رئيس تحرير، ولما اقتربت منه رأيت البساطة والشموخ، شخصية هادئة، شديدة الاتزان، تسمع صوته همسًا، باسم الوجه، شديد الأدب والاحترام، مجامل لأقصى درجة لمن يدخل مكتبه، اكتشفت كل ذلك لما اقتربت منه كثيرًا، ولما عرفته عن قرب، وجدته رغم أنه «مغموس» بعشق الأهلى وحبه ولكن أبدًا لم أره متعصبًا أو متحيزًا بلا وعى. ترأس الكابتن نعمان القسم الرياضى لسنوات كثيرة وكنت أسعد دائمًا بالحديث إليه وكان لا يبخل بالنصيحة، خلال ترأسه للقسم جمع كوكبة من نجوم الرياضة ليعملوا كمراسلين وصحفيين داخل القسم، وكانوا من أساطين الرياضة فى مختلف اللعبات، كانوا فى قمة الحياد، زاملنا الأساتذة والكباتن الراحلون أحمد مكاوى نجم نجوم النادى الأهلى وكنت أسعد لما يحضر لمكتبى ليملى علىّ تغطياته للمباريات وتحليلاتها وأكتب وراءه نظرًا لضعف بصره، وزاملنا الكابتن على زيوار صاحب التعليقات اللاذعة الساخرة، وابتسامته والأدب الجم والاحترام للغير، والكابتن محمود بكر أكبر المتفائلين فى أشد الأوقات قلقًا وقد جاورته فى استاد القاهرة فى كابينة التليفزيون يوم مبارة كوتوكو والزمالك التى فاز فيها الزمالك بضربات الترجيح 7/ 6 ولا أنسى ما قاله، أضاع الزمالك إحدى الضربات وتقدم لاعب كوتوكو ليسدد ولو أحرزها لفازوا وإذا بالكابتن بكر يقول على الهواء لازال هناك أمل يلا يا سعيد - لاعب كوتوكو - ضيع وضيع الضربة ليسجل الزمالك ويفوز بالكأس، ومن منا فى اخبار اليوم ينسى الكابتن رياض شرارة الذى زاملنا سنوات وكان أشهر معلق لكرة السلة وأحببناها منه، عشنا أسرة واحدة بلا تعصب فى ضيافة الكابتن نعمان.