تواصل جبانة العساسيف بالأقصر في كشف النقاب عن الكنوز المدفونة التي تخفيها الرمال منذ آلاف السنين. فقد شهدت المنطقة الأثرية في السنوات الأخيرة اكتشافات أثرية مذهلة ألقت الضوء على عصور مضت من تاريخ مصر الفرعوني. تعتبر جبانة العساسيف واحدة من أغنى المناطق الأثرية في مصر، فهي تحوي مقابر لأسر حاكمة وكبار موظفي الدولة الفرعونية خلال عصور الدولة الوسطى والدولة الحديثة. في هذا التقرير، نعرض أهم الاكتشافات التي كشفتها جبانة العساسيف، وكيف ساهمت في تقديم صورة أوضح عن الحضارة المصرية القديمة. ◄ موقعها التاريخي تقع جبانة العساسيف في الضفة الغربية لنهر النيل بالقرب من وادي الملوك بالأقصر، وتمتد على مساحة واسعة تضم عدداً من المقابر الأثرية التي تعود لعصور متعددة. ويرجع تاريخ جبانة العساسيف إلى عصور الدولة الوسطى والدولة الحديثة، مما يجعلها مركزاً غنياً بالمعلومات التي تساعد علماء الآثار على فهم تفاصيل حياة المصريين القدماء ودراسة معتقداتهم الجنائزية وتقاليدهم الاجتماعية. ◄ أهم الاكتشافات خلال العقود الأخيرة، تمكنت البعثات الأثرية المصرية والأجنبية من تحقيق اكتشافات هامة في هذه المنطقة، أبرزها العثور على مقابر نقية وغنية بالنقوش والتماثيل. هذه الاكتشافات تميزت بأنها تعود لشخصيات ذات مكانة رفيعة في المجتمع الفرعوني، مما يفسر دقة وجمال التفاصيل الفنية الموجودة في المقابر. ◄ مقبرة حور محب تم العثور على مقبرة حور محب، وهي واحدة من أبرز الاكتشافات التي تمت في جبانة العساسيف. حور محب كان قائداً عسكرياً ثم تولى العرش كآخر ملوك الأسرة الثامنة عشرة. تتميز مقبرته بالنقوش والرسومات الملونة التي تصور حياة الملك واحتفالاته وأسرته. ◄ توابيت ملونة من الاكتشافات المذهلة كذلك مجموعة التوابيت الملونة التي تعود إلى عصور متأخرة، حيث تم العثور على حوالي ثلاثين تابوتاً ملوناً في حالة حفظ ممتازة. توضح النقوش على التوابيت جوانب الحياة الدينية وكيفية استعداد المصريين القدماء للحياة الأبدية، إلى جانب استخدام الألوان والزخارف المعبرة عن رموز دينية محددة. ◄ تماثيل وقبور النبلاء إلى جانب الملوك، ضمت جبانة العساسيف مقابر للنبلاء وكبار المسؤولين في الدولة، حيث وُجدت تماثيل ومقتنيات شخصية تبرز مدى الثراء والرقي الثقافي لهؤلاء النبلاء. تحتوي المقابر على تماثيل ضخمة تمثل المتوفى مع آلهة الحماية، ما يعكس أهمية الدين في تلك الحقبة. ◄ أهمية الاكتشافات كل اكتشاف جديد يضيف إلى رصيد علم المصريات ويقدم قطعاً جديدة من «لغز» الحضارة المصرية القديمة. فقد وفرت جبانة العساسيف للعلماء مواد أثرية نادرة تمثل عادات وطقوس الدفن الخاصة بالمصريين القدماء. ومن خلال هذه الاكتشافات، تمكن العلماء من إعادة بناء بعض جوانب الحياة اليومية والعقائد الدينية التي كانت تشكل أساس المجتمع المصري القديم. ◄ التقنيات الحديثة ساهمت التكنولوجيا الحديثة في مساعدة علماء الآثار على تحقيق اكتشافات مذهلة دون إلحاق الأذى بالمواقع الأثرية. تقنيات مثل التصوير ثلاثي الأبعاد والأشعة تحت الحمراء ساعدت في الكشف عن محتويات المقابر والمواقع المدفونة، مما أتاح لعلماء الآثار فرصة فريدة للوصول إلى أعماق تاريخ مصر القديمة دون الإضرار بالآثار. ◄ جذب السياحة الثقافية تعد جبانة العساسيف من الوجهات السياحية التي تستقطب آلاف الزوار من جميع أنحاء العالم. ومن المتوقع أن تزداد أهمية المنطقة بعد هذه الاكتشافات التي أضافت بعداً جديداً للتاريخ الأثري في مصر. تقوم وزارة السياحة والآثار بتطوير المنطقة بشكل يحافظ على طبيعتها التاريخية ويعزز من تجربة الزائرين، مما يسهم في دعم الاقتصاد المحلي من خلال السياحة الثقافية. ◄ تحديات تواجه أعمال التنقيب رغم أن جبانة العساسيف تُعتبر من أبرز المناطق الأثرية، إلا أن التنقيب فيها يواجه تحديات عديدة، منها الحفاظ على القطع المكتشفة ومنع تهريبها خارج مصر. بالإضافة إلى ذلك، يتطلب التنقيب في المناطق الصحراوية جهوداً كبيرة للحفاظ على الآثار من عوامل التعرية التي تؤثر على نقوش الجدران والمقتنيات الأخرى. وتعمل السلطات على تأمين المنطقة بالتعاون مع المجتمع المحلي لحمايتها من أية أنشطة غير مشروعة. إن الاكتشافات الأثرية في جبانة العساسيف تسلط الضوء على جوانب جديدة من الحضارة الفرعونية وتكشف الكثير عن طقوس وعادات المصريين القدماء. تعد هذه الاكتشافات كنزاً ثميناً يضاف إلى التراث الثقافي لمصر، ووسيلة لتذكير العالم بما تزخر به أرض مصر من حضارة عريقة تعود إلى آلاف السنين. ومع استمرار الجهود الأثرية، يُتوقع أن تشهد جبانة العساسيف المزيد من الاكتشافات التي ستثري علم المصريات وتجذب اهتمام العالم، مؤكدة بذلك على أن تاريخ مصر لا يزال مليئاً بالأسرار التي تنتظر من يكتشفها. ◄ اكتشاف أثري فريد أعلنت البعثة الأثرية المصرية الأمريكية المشتركة في جبانة العساسيف بالأقصر عن اكتشاف أثري فريد من نوعه، حيث تم العثور على أول مقبرة من عصر الدولة الوسطى تحتوي على دفنات مغلقة لم تفتح من قبل. بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من اللقى الأثرية النادرة، يتوقع أن يغير هذا الاكتشاف نظرة العلماء إلى تاريخ جبانة العساسيف، ويعزز فهمنا للطقوس الجنائزية وعادات الدفن في طيبة خلال الدولة الوسطى. اقرأ أيضا| سانت كاترين.. حكايات تاريخية من المدينة المقدسة في هذا التقرير، نلقي الضوء على تفاصيل هذا الكشف الأثري وأبرز المكتشفات الفريدة داخله. ◄ تاريخ جبانة العساسيف شهد الجزء الجنوبي من جبانة العساسيف اكتشافاً أثرياً يصفه الخبراء بأنه سيساهم في إعادة تشكيل التاريخ المصري القديم. إذ تمكنت البعثة الأثرية المصرية الأمريكية المشتركة من العثور على مقبرة جديدة تحتوي على دفنات مغلقة منذ آلاف السنين. يقع هذا الكشف الأثري في الجزء الجنوبي من سطح مقبرة كاراباسكن (TT 391) من الأسرة الخامسة والعشرين، مما يعزز من أهمية العساسيف كواحدة من أهم مواقع الدفن في طيبة. أكد الدكتور محمد إسماعيل خالد، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أن هذا الكشف سيكون له تأثير كبير على فهم تاريخ الجبانة في طيبة، موضحاً أن الاكتشاف سيجعل العساسيف ضمن الجبانات الكبرى التي استخدمت خلال فترة الدولة الوسطى. إن هذا الكشف يُعد فرصة عظيمة للعلماء لفهم المزيد حول طقوس الدفن وعادات الموتى في العصور القديمة. ◄ مقبرة عائلية تحتوي المقبرة المكتشفة على 11 دفنة تضم هياكل عظمية لرجال ونساء وأطفال، مما يشير إلى أنها كانت مقبرة عائلية تُستخدم على مدى أجيال خلال الأسرة الثانية عشرة وبداية الأسرة الثالثة عشرة. يعتقد العلماء أن المقبرة لم تكن فقط مكاناً للدفن، بل كانت تُعبر أيضاً عن العلاقات العائلية والروابط الاجتماعية التي جمعت بين أفراد العائلة المدفونة في ذات المكان. إلى جانب الهياكل العظمية، تم العثور على مجوهرات وأغراض جنائزية مختلفة، مما يعكس المستوى الاجتماعي للعائلة المدفونة ومكانتها في المجتمع القديم. هذه اللقى الأثرية تساهم في تقديم لمحة عن الحياة اليومية والمعتقدات الدينية للمصريين القدماء. ◄ كنوز أثرية نادرة أثناء التنقيب داخل المقبرة، اكتشفت البعثة الأثرية مجموعة من الحلي والمجوهرات الفريدة التي تعود إلى النساء المدفونات. وتضم هذه الحلي قلادات مصنوعة من خرز حجر الأماتيست وعقيق مطعّم بألوان زاهية وتمائم مختلفة على شكل رؤوس أفراس النهر والصقور. كما تم العثور على سلاسل وخواتم وأساور من الفاينس الأزرق والأخضر، مما يعكس الدقة الفنية في صناعة المجوهرات في ذلك العصر. ◄ محتويات المقبرة ورغم الأهمية الكبيرة للمقبرة المكتشفة، فإن العديد من محتوياتها تعرضت لأضرار جسيمة بسبب الفيضانات التي غمرت المنطقة عبر القرون، مما أدى إلى تلف بعض المواد العضوية مثل الكتان والأخشاب. إلا أن البعثة الأثرية نجحت في الحفاظ على بعض المحتويات غير العضوية التي ظلت بحالة جيدة، مثل الحلي المصنوعة من الفاينس والأحجار الكريمة. ◄ مقتنيات مذهلة أشارت الدكتورة كاثرين بلاكني، رئيسة البعثة من الجانب الأمريكي، إلى العثور على مرايا نحاسية ذات تصميم فريد؛ إحداها بمقبض على شكل زهرة اللوتس، والأخرى بتصميم نادر لوجه الإلهة حتحور. تمثل هذه المرايا جزءاً من الطقوس الدينية، إذ كانت تعكس رمزيات متعلقة بالخلود والجمال في حياة المصريين القدماء. وعُثر أيضاً على تمثال صغير يعبر عن رمز الخصوبة، مصنوع من حجر الفاينس الأزرق والأخضر، يتميز بتفاصيل دقيقة وزخارف تعكس براعة الفن المصري القديم. يعبر هذا التمثال عن مدى تقديس المصريين لمفاهيم الخصوبة والرخاء، وكيفية ترجمتهم لهذه القيم في أعمال فنية مبتكرة. ◄ رموز الحياة الأبدية عُثر داخل المقبرة أيضاً على مائدة قرابين مربعة الشكل، مزينة بنقوش تمثل رأس ثور ورغيف خبز وقنوات للمياه. كانت مائدة القرابين تُستخدم كجزء من الطقوس الجنائزية، حيث يعتقد المصريون القدماء أنها تُساعد المتوفى على الحصول على غذائه في العالم الآخر. هذه المائدة تعكس تقاليد الدفن القديمة، وتبرز مدى اهتمام المصريين بتقديم الطعام والشراب للآلهة والمتوفين على حد سواء. ◄ مستقبل علم الآثار إن الكشف عن مقبرة الدولة الوسطى في جبانة العساسيف يُعد من أبرز الاكتشافات الأثرية في مصر خلال السنوات الأخيرة. فهو يسلط الضوء على ممارسات الدفن والطقوس الدينية، ويعزز من فهمنا لتاريخ الدولة الوسطى وتطورها. كما يُعد هذا الاكتشاف دليلاً على التنوع الكبير في عادات المصريين القدماء، وكيفية استخدامهم للفن والأشياء الشخصية للتعبير عن معتقداتهم وقيمهم الاجتماعية. ◄ استمرار الحفائر أعلنت البعثة الأثرية أن أعمال التنقيب ستستمر في جبانة العساسيف، حيث يأمل الخبراء في الكشف عن مزيد من المقابر واللقى الأثرية التي قد تكشف عن جوانب جديدة من الحياة والموت في مصر القديمة. ومع استمرار هذه الاكتشافات، تتطلع البعثة إلى مزيد من المفاجآت التي ستعيد تشكيل معرفتنا بتاريخ الحضارة المصرية. تُعد جبانة العساسيف من أغنى المواقع الأثرية التي تسلط الضوء على عصور مهمة من تاريخ مصر القديم. وبفضل هذا الاكتشاف، يفتح العلماء صفحة جديدة في فهم الحياة والممارسات الجنائزية للمصريين القدماء، مما يزيد من ثراء التراث الأثري لمصر ويسهم في تعزيز السياحة الثقافية بها.